العدد 4930 - الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ

أبعدوا الأسر الفقيرة عن قرارات التقشف!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

المطلع على أحوال آلاف الأسر البحرينية، التي كانت قبل رفع الدعم عن اللحوم والبنزين تعيش التقشف في كل شيء، في مسكنها وملبسها ومأكلها ومركبها وفي جميع احتياجاتها الأساسية، وكانت تطالب بتحسين أوضاعها وأحوالها المعيشية حتى تتمكن من العيش في المستوى الأدنى، لكنها لم تجد طوال السنوات الماضية من يخفف كربتها ويقلل من مآسيها ومعاناتها القاسية، كل الجهات الرسمية والأهلية تعلم أنها تعاني من ضيق العيش، وقلة الدخل الشهري، والحرمان من أبسط متطلبات الحياة الإنسانية، وتعلم أنها لا تمتلك المسكن اللائق لأفرادها، وتعلم عن ضائقتها المالية التي تخنقها ليلا ونهارا، وتعلم أن الدنيا ضيقة بما رحبت في عيونها.

وبعد رفع الدعم عن اللحوم والبنزين، وقبل أن يرفع الدعم عن الكهرباء والماء إزدادت ضائقتها وأحوالها بؤسا وحرمانا بنسبة كبيرة، على رغم كل مصائب الفقر وبلاياه وتداعياته الخطيرة التي تقع على رؤوسها، يأتيها الإنذار تلو الإنذار من هيئة الكهرباء والماء بقطع التيار الكهربائي عنها، إن لم تدفع المبالغ المتراكمة عليها سنوات طويلة، والتي وصلت عند بعضها إلى أكثر من 4000 دينار، وهي تعلم أنها لا تملك القدرة المالية التي تمكنها من دفع كل تلك المبالغ الكبيرة المتراكمة عليها، وعلى رغم معرفتها بأحوالها المأساوية تطالبها، ونقصد هيئة الكهرباء والماء، بعمل تسوية باهظة معها، لكي تزيد مأساتها ومعاناتها حدة وقسوة أضعافاً مضاعفة، فالأسرة التي تطالبها الهيئة بـ 4000 دينار، وهي تعلم أن دخلها الشهري لا يزيد على 280 ديناراً، تطالبها، في التسوية، بسداد المبلغ الكبير على شكل أقساط شهرية، تقدرها بـ 90 دينارا شهريا، لمدة لا تقل عن 44 شهرا، بالإضافة إلى دفع قيمة استهلاكها الشهري من الكهرباء والماء، الذي لا يقل عن 30 دينارا، يعني ذلك على الأسرة الفقيرة المغلوبة على أمرها أن تدفع للكهرباء والماء 120 دينارا شهريا، فعليها أن تعيش بالباقي من دخلها الشهري الذي لا يزيد على 160 دينارا.

فلو حاولت هذه الأسرة وأمثالها في الدخل والالتزامات الأسرية تقليل مصروفاتها اليومية إلى المستوى المتدني جدا، يلزمها ألا تقترب إلى أسماك الصافي والشعري والكنعد، وأن تمحو من ذاكرتها اسم الهامور، وألا يمتد بصرها طوال الشهر إلى أبعد من سمك البدح الذي لا يزيد سعره في أكثر أيام السنة على دينار واحد، وألا تفكر بتاتا في اللحوم في وجبة العشاء، وأن تبرم عقدا دائما مع (الباقلة والنخي)، وألا يخطر ببالها شراء أي صنف من الفواكه والخضراوات، وأن تتخلى عن اقتناء أي من الكماليات البسيطة، وألا تزيد مصروفتها اليومية على وجباتها الثلاث (الفطور والغداء والعشاء) على 6 دنانير، على رغم كل ذلك التقشف القاسي والرجيم القاتل فإنها تحتاج إلى 20 دينارا، لكي تستطيع سد العجز في موازنتها الشهرية، وأما في الأمور الطارئة فحدث ولا حرج، فعلى سبيل المثال، لو عطل المكيف في فصل الصيف، أو عطب السخان في الشتاء، وغيرهما من الأجهزة الكهربائية، فإن الأسرة تجد نفسها في حرج شديد؛ لأنها لن تتمكن من تسديد ثمن إصلاحها، تصوروا أيها الأحبة كيف سيكون حال أكثر من 11 ألف أسرة تتلقى المساعدات المادية والعينية زهيدة جدا من الجمعيات الخيرية المنتشرة في جميع محافظات البلد، و 116 ألف أسرة مسجلة في قوائم المساعدات بحسب تصريحات وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة؟

لا ريب أن الحال المعيشي لهذه الفئة المستضعفة في البلاد له تداعيات خطيرة على صحة ونفسية ومعنوية أفرادها، ولا ندهش إذا ما كثرت في أوساطها أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة، وإذا ما أثرت سلبا على أبنائها في الجانب التعليمي، بسبب عدم مقدرتهم على توفير أبسط المستلزمات التكنولوجية الأساسية للتعليم، وافتقارها أيضا للمكان المناسب للدراسة في منازلها، فهذه الفئة تحتاج إلى رعاية حقيقية من قبل الجهات الرسمية، المعنية بتحسين أوضاع المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود، وذلك بتوفير المساكن اللائقة لها، ومراعاتها في الرسوم الرسمية، وفي أجرة الكهرباء والماء، وغيرها من الخدمات الصحية والبلدية.

لقد ثبت بالدليل القاطع أن الأسر الفقيرة في المرحلة الحالية هي الأكثر تضررا ماديا ونفسيا ومعنويا من قرارات التقشف، التي بدأت برفع الدعم عن بعض السلع الغذائية والمحروقات والكهرباء والماء.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4930 - الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 3:16 م

      شكرا لك أخي الكريم على هذا المقال الذي يعبر عن حال ثلاثة ارباع الشعب البحريني والحمد لله على كل حال والمشتكى لله ????

    • زائر 18 | 6:35 ص

      ابعدو الأسر الفقيره عن التقشف

      يا الله من قرارات تعسفية في حفظ المواطن الفقير والذي بالفعل قرارات مجحفة في حق الفقير والتعسفات آلت طالت المثير من الأسر الفقيره والتي بالفعل عالة على الدوله والغير مدروسه أين أنتم ...الا تقومون بدراسه قبل الإقبال على قطع وتهور وزياده في الغلاء وقطع المعونه والتي هي بالفعل لا تحدث الا في دولة خليجيه الا وهي البحرين والتي تضيق على الفقراء والمساكين واصحاب الدخل المحدود لا والله أنتم لستم اقتصاديون محنكون لدولة أنتم ....

    • زائر 17 | 5:20 ص

      أتهزأ بالدعاء وتزدريه ................وما تدري ما فعل الدعاء
      سهام الليل لاتخطى ولكن .................لها أمد وللأمد انقضاء
      ...

    • زائر 11 | 4:48 ص

      «إنما أهلك الذين قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».

    • زائر 9 | 2:46 ص

      انا راتبي 330 ومو متزوج وشهر يبقى منها شوي وشهر تنشفط اغلبها تروح على مشاكل السياره والاكل والتلفون والثياب الله يعين المتزوجين

    • زائر 8 | 2:25 ص

      المشكلة المواطن الي عنده معاش منتف حده , فما بالكم يا جماعة بالعاطلين والذين يعيشون على الاعانة والمحسوبين فى العشوائيات , كان الله ف عونكم جميعا ولا ننسى الغني يرأف بالفقير والمحروم , وأخيرا الله هو الرزاق الذي لم ينسى دوده عمياه ف بطن صخره ف قعر البحر بعث لها ضفدع بالطعام سبحانك يارب . أم مروه

    • زائر 7 | 2:01 ص

      300 دينار راتب وتتوزع كالتالي:-
      1- 45 دينار للبترول لاني سيارتي استخدمها شخصي وللعمل لانهم لم يوفروا لي سيارة
      2- 20 دينار للهاتف لاني استخدمها للعمل وشخصي وللاسف اختربت وعلي شراء هاتف (الله ربي جل جلاله كريم)
      3- 50 دينار اسدد دين علي لشخص لمدة كذا سنة
      4- 145 دينار على اقل تقدير (حفاظة وحليب ومواد وملابس )
      5- من 40 الى 70 دينار ماجلة للبيت (اغراض البيت) اسبوعياً يعني من 160 الى 280 دينار شهرياً
      6- الريوق في العمل 700 فلس يوميا سندويشتين جبن وعصير واحد 21 دينار شهرياً.
      .الغذاء والعشاء والخ

    • زائر 5 | 1:32 ص

      ..وما تدري بما صنع الدعاءُ سهام الليل نافذةٌ ولكن

    • زائر 4 | 12:30 ص

      تذكّر يا استاذ هذه الأسطر بعد 5 او 6 أشهر ولن اذهب بعيدا
      الإجراءات ستساهم في إفقار الكثير من الأسر بل سوف تجعل الكثير من اصحاب المهن الحرّة والباعة البسطاء عاطلين عن العمل . مجموعات كبيرة ستضاف الى قائمة العوائل الفقيرة والمعدمة
      أنا سأذكرك وسأذكّر السادة القرّاء

    • زائر 3 | 12:23 ص

      شكرًا على مقالك المعبر عن هموم الفقراء والمحرومين ، للأسف لا أحد يشعر بمعاناة هذه الفئة المعدومة ، أصلا لا أحد يتصور حالهم ، بل بعضهم يستبعد ولا يصدق ما تكتب!
      هي أرقام واضحة ولا يستطيع أحد القفز عليها، للأسف الحكومة مشغولة برفع الدعم لتغطية عجزها ولم تفكر في حال هذه الفئة وكيف سيكون مصيرها.

    • زائر 2 | 11:43 م

      أضحك

      حتى على الفقير تقشف ،وين صارت ؟؟!
      إذا ماعندي مآكل كيف اتقشف. آه آه يازمن.

    • زائر 1 | 10:48 م

      صرنا

      مسلسل مصري قديم والمصريين صاروا تجار الخليج

اقرأ ايضاً