العدد 4934 - الخميس 10 مارس 2016م الموافق 01 جمادى الآخرة 1437هـ

#سيلفي ناصر القصبي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تعيد بعض القنوات التلفزيونية السعودية المنوعة هذه الأيام، حلقات سيلفي التي أذاعتها في رمضان المبارك، وكان آخرها أمس عن تنظيم «داعش»، لكشف هذا التنظيم الغامض الذي تحيطه هالة من الأساطير.

التنظيم ليس مخلوقات نزلت على المنطقة من الفضاء، وإنما هو نتاج ثقافة محلية، ولعبة دولية، أنتجت هذا التنظيم الخارج على الأمة والإجماع.

تتكلم الحلقة عن أب أحد «المجاهدين»، الذي التحق بسورية أو العراق، ليستنقذ ابنه من مخالب التنظيم. وحين يتسلل إلى داخل القطر العربي الآخر، يلحقه التنظيم بإحدى الغزوات على إحدى القرى الفقيرة، وهناك تنكشف له بعض فظائع القتال. ويختبئ القصبي في منزل، حتى هدأ القتال ليخرج، فيطلب منه قائد التنظيم دخول أي منزل بالقرية، وقتل جميع من فيه من رجال وأطفال لأنهم «كفار»، والإبقاء فقط على النساء. وحين يقتحم بيتاً يشاهد عائلةً مرعوبةً، حيث تحتضن الأم صغارها وترجوه ألا يمسهم بأذى، فيهدّئ روعهم ويخرج بعد إغلاق الباب.

التنظيم يقوم بتزويجه من إحدى «المجاهدات»، ويدخل عليها في اليوم التالي بإحدى السبايا، فتعاملها بفظاظة فيحتج عليها، ويأمرها بمعاملتها برفق لأنها بشر، فترد عليه إنها من «الكفار»!

الحلقة واقعية إلى حد بعيد، فهي تنقل تفاصيل مستمدة مما ينشر في وسائل الإعلام، ومن أدبيات التنظيم نفسه ومواقعه الإلكترونية. وذات ليلة يصارحه أحد أعضاء التنظيم بما يختلج في نفسه، ويقول «أنا حمار»! ويوضح السبب بأنه صدّق أن هؤلاء مجاهدون، وأن التنظيم يمثل الإسلام.

مخرج الحلقة اختار تفاصيل تصدم المشاهد الذي تعرض لعملية غسل دماغ لسنوات، جعلته يقبل على هذه الثقافة التكفيرية ويتعاطف مع هذا التنظيم، الذي اختار له الغربيون من اليوم الأول لإشهاره اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، واختاروا له اسماً حركياً مختصراً: «داعش». وهذه وحدها قصة تحتاج إلى تأمل القارئ الحصيف.

القصبي الذي يريد العودة بولده، تكثر سقطات لسانه، فتُنقل إلى قائد التنظيم، فيخضعه للمراقبة، وتتولى زوجته «المجاهدة» بإيصال الإخباريات عنه. وحين يهم قائد التنظيم بمعاقبته، يتوسط ابنه له، فيبعده عن القتال ويعيّنه في وظيفة إدارية: «كاشيير» في متجر السبايا! وهناك يكلّم نفسه بصوت مسموع، أمام مناظر البؤس الإنساني: كيف حوّل هؤلاء الأشخاص المسلمات البريئات إلى مسبيات؟

في متجر السبايا، يطلب منه أحد «المجاهدين» سبيّةً ليجرّبها في البيت، فإذا أعجبته احتفظ بها، وإلا أعادها ليجرّب غيرها! وهنا يغضب القصبي من هذا الاستهتار، ويشهر بوجهه السلاح، فيهرب إلى القائد ليبلغه بما فعل.

الحلقة مقاطع متنقلة من مشهد إلى مشهد، وكل مشهد فيه من الضحك المختلط بالبكاء. ويطلب منه التنظيم أن يصوّره وهو يمزّق الجواز لكي يقطع عليه طريق العودة للسعودية، ليفتخروا به أمام العالم وهو يخطب مندداً بـ «علماء السلاطين»، في إشارة إلى التضحية به في أقرب فرصة. وفي المشهد التالي يلتقي بابنه الذي يفاتحه بموضوع العودة لبلده، فيتظاهر بالموافقة، ويتفق معه على ساعة الهروب.

في الطريق، تكون المفاجأة الكبرى، حيث نكتشف أن الابن يتجه بالسيارة لتنفيذ عملية تفجير انتحارية، وهو ما يصدم الأب، فيقول له غاضباً: أنت مجنون؟ أين عقلك؟ أوقف السيارة! فيرفض قائلاً: كيف أوقفها؟ ألا تريد أن نذهب إلى الجنة! فليس بيننا وبين الحور العين غير أربعة كيلومترات. وينجح الأب في حرف السيارة لتخرج عن الطريق، وتنفجر بعدما ينجحان من الخروج منها في اللحظة الأخيرة.

في المشهد الأخير، يتم اقتياد الأب للمحاكمة بالبدلة البرتقالية، ويصدر حكم بإعدامه، ويهم قائد التنظيم بالتنفيذ، إلا أن الابن العاق يأخذ السكين لينفذ الجريمة بيده، بينما يسترجع الأب في مخيلته منظر ابنه وهو يلاعبه على أرجوحةٍ يوم كان طفلاً صغيراً.

إنها حلقةٌ واحدةٌ يتيمة، قالت الكثير، وكشفت الكثير، في مواجهةِ مدٍّ عارمٍ كان يُراد له أن يغرق المنطقة في سيلٍ من الدماء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4934 - الخميس 10 مارس 2016م الموافق 01 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 1:29 ص

      يا أخي الحمير والحيوانان أجلها الله عن هالدواعش إذا وصفناهم بالحيوانات نتجنى على الحيوانان .

    • زائر 10 | 12:56 ص

      بعض المعنين موجودون هنا يعلقون ويحاولون حرف الموضوع والتلبيس على الناس وادخال امر في أمر

    • زائر 9 | 12:55 ص

      وإنّ من اشعل النيران يطفيها.. وان اطفاها في الدنيا فلن يستطيع ذلك في الآخرة

    • زائر 8 | 11:52 م

      وماذا عن ما يحدث في مضايا والقصير من تجويع وحصار هل من داعش

    • زائر 7 | 11:49 م

      إن كانت بعض الأفعال ربما أقول ربما وليس بالضرورة تنطلي على الناس فلا تنطلي على الله

    • زائر 6 | 11:43 م

      هل هو خوفا من قرار البرلمان الأوربي ومحاولة الهروب من المسؤلية؟

    • زائر 5 | 11:42 م

      بعد بدأ العالم يقول كلمته لأماكن ومزارع تفريخ الإرهاب اصبح البعض يتحسّس رقبته فالعالم سوف يقف موقفا حازما
      ضد الإرهاب إن لم يكن اليوم فغدا .
      والعالم حين يحزم أمره فإنه سيحارب الإرهاب في منبعه وهذا ما سبّب حدث من اعادة بثّ.
      محاولة التنصّل من هذا الإجرام هي محاولة جيدة لو اقترنت بعمل شجاع ودؤوب على اجثاث الفكر الذي أسّس وأطّر لظهور الارهاب.
      هذه الأمور وغيرها من محاولات للتغطية على جذور الارهاب لن تنفع

    • زائر 4 | 11:36 م

      وعلاج الجرحى لداعش عند نتياهو بالصوت والصورة

      نتياهو يسلم على جريح داعش باليد ويتحاور معه فيرد الجريح يمدح النتن قاتل الشعب الفلسطيني . وكلنتون المرشحة في مذكراتها تعترف وتقول نحن الذين صنعنا داعش وبتمويل اصدقائنا والاعلام ما خل شىء فالقصبي نقل جزء ضئيل من الحقيقة والواقع المعاش الى امس وهم ينفذون اجندة الصهاينه بتخريب الدول وجعلها دول فاشلة ، والصهاينة يمدحون ويصفقون للحرب بالنيابة عنهم وهم مرتاحين . واذا الشعوب لم تعي فستستمر الماساة وستقدم الانسانية والدول وجيوشها ما لا يحمد عقباه لاجيال قادمه .

    • زائر 11 زائر 4 | 1:02 ص

      الله عاد ويه الشعوب العربية
      مساكين نازلين من السمه ، طيبين ومن زود طيبتهم كلينتون (على قولتك ) وامريكا واسرائيل تلعب فيهم لعبة، وتغسل ادمغتهم.
      فتحوا عقولكم شوي ، كل مشاكلنا من امريكا، عجل وين راحوا مشايخ الفتنه الا ليل نهار يحرضون على قتل الناس ؟
      قبل 1400 سنه كانت في امريكا؟ كانت في إسرائيل؟
      المشكلة فينا احنا العرب الا نسمح لكل واحد ؛ الا يسوى والا ما يسوى يتكلم بإسم الدين وينصح ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.

    • زائر 3 | 9:48 م

      دمعت عيني لاخر الحلقة الابن يذبح الابو واااب تاخذه الذاكرة لطفولة ابنه.شكرا للفنان القصيبي طز عيونهم
      حقيقة داعش واضحة القتل في المسلمين وسبيهم وتهجيرهم وتكفيرهم فياعجب لمن يتستر على جرائمهم ويغمض عينه عن حقيقتهم

    • زائر 2 | 9:18 م

      الكاسر

      ما نحن الا ضيوف في هدة الدنيا
      وما على الضيف الا الرحيل
      توبو الا الله . في الدين
      تأملوا رحلتنا في هدة الدنيا قصيرة جدا

    • زائر 1 | 8:59 م

      الحلقة كانت إبداع

      هذا قليل من كثير و الذي تم تصويره في الحلقة كان مجرد إختصار بسيط لهؤلاء الحيوانات أجلكم الله والواقع المرير في الحقيقة أكثر و أكثر من ذلك
      شكرا#ناصر

    • زائر 15 زائر 1 | 2:03 ص

      السم في العسل

      نتابع الحلقات،مع الولاد ونطحك ونطحك.،وبعد فتره نكتشف الحال يكون الوضع عادي القتل والنحر ،خاصتا إلى الاولاد .

    • زائر 16 زائر 15 | 5:28 ص

      داعش والمجموعات الارهابية اكبر هدية للصهاينة طبعا على لسانهم بان الله بعث اليهم داعش تقاتل عنهم

اقرأ ايضاً