العدد 4942 - الجمعة 18 مارس 2016م الموافق 09 جمادى الآخرة 1437هـ

فيلم «عين في السماء» دقَّة الطائرة بدون طيار مقابل الفشل البشري

بفكرة أورويلية: لا مكان للاختباء بتوافر الإمكانات الخرافية...

هيلين ميرين في دور الكولونيل كاثرين باول
هيلين ميرين في دور الكولونيل كاثرين باول

فيلم الإثارة البريطاني «عين في السماء»، اتخذ له المحرر في صحيفة «نيويورك تايمز»، ستيفن هولدن، العنوان الآتي: «(عين في السماء)... دقَّة الطائرة بدون طيار مقابل الفشل البشري» في عدد يوم الخميس (10 مارس/ آذار 2016). الفيلم صدر في العام 2015، وتم عرضه الأول في مهرجان تورنتو السينمائي في العام نفسه، وسيجد انطلاقته في دور السينما الأميركية، مع إصدار محدود انطلق في 11 مارس/ آذار 2016، وسيعرض في المملكة المتحدة الشهر المقبل، وتحديداً في 8 أبريل/ نيسان 2016، من بطولة هيلين ميرين وآرون بول وآلان ريكمان، وأخرجه جافين هوود، وكتب السيناريو غي هيبرت، يروي قصة حرب الطائرات من دون طيار.

مُشغِّل الطائرة بدون طيار ستيف واتس (بول) يستهدف أحد المخابئ لتدميره؛ ولكن تقارير تفيد بدخول فتاة (من المقرر أن يتم اعتقالها، لا مكان للقتل في هذا المشهد) إلى المنطقة المُستهدفة.

تمثل ميرين دور كولونيل في الجيش (باول) متمسكّة بتوجيه ضربة فورية بطائرة من دون طيار بعد اكتشاف موقع لمتشدّدين هم الأخطر في العالم (جماعة الشباب الصومالية)، ويحدث اعتراض على موقفها من قبل المسئولين في الحكومة البريطانية؛ حيث لن يتم توجيه الضربة من دون تلك الموافقة، بسبب العنصر الجديد الذي دخل المنطقة. التحول من إلقاء القبض إلى القتل.

ستيفن هولدن أطلق على الطيارة بدون طيار صفة «الجاسوس المعدني»، قال عن ذلك الجاسوس بأنه عنصر مخيف في الفيلم، ويعزِّز الفكرة الأورويلية (نسبة إلى جورج أورويل) التي تتلخّص في أنه لا توجد أماكن للاختباء في الزمن الذي نشهد إذا توافرت لقوىً إمكانات خرافية وصعبة الاستيعاب.

تهديد السلوك البشري

هو العبث بالمصير البشري إذن، ذلك الذي تضطلع به الآلة، فيما البشر مرتهنون إلى القوى التي تضطرد وتتنامى إمكاناتها المرعبة والخرافية. هنا جانب من استعراض هولدن، مع هوامش ارتأى المحرر ضرورتها.

«عين في السماء»، فيلم إثارة عن حرب الطائرات بدون طيار ومخاطرها، بالعودة إلى الذين أنيطت بهم المسئولية. في السباق المحموم مع الوقت، عندما يتم اتخاذ قرارات مصيرية تتعلّق بالحياة والموت وبشكل عاجل؛ لقتل عدد من الإرهابيين يقومون بالإعداد لهجوم انتحاري. هنا يحْذَر المسئولون من تحمّل مسئولية سقوط ضحايا من المدنيين، مراراً وتكراراً يشير الفيلم إلى الموافقة النهائية التي تتخذها السلطات العليا في ملفات من هذا القبيل.

هذا يعني منْح الضوء الأخضر لإطلاق صواريخ على منزل في حي مزدحم في نيروبي بكينيا، حيث يجتمع الإرهابيون. ضمن وضع كهذا، يكون وزير الخارجية البريطاني في معرض لتجارة الأسلحة بسنغافورة؛ فيما وزيرة الخارجية الأميركي يحضر بطولة تنس الطاولة في العاصمة الصينية (بكين). كيف يبدو الأمر؟ غير مُريح على الإطلاق. في الوقت نفسه، يكون الجيش في حال تأهّب يريد أن يطلق لنفسه العنان بمنح أمر إطلاق النار قبل أن يتمكَّن الإرهابيون من التفرُّق. ذلك شعور آخر يبعث على الإحباط.

«عين في السماء»، من إخراج جافين هود وسيناريو غاي هيبرت، قصة قاتمة، ولا تخلو من المهازل بأسلوب تشويقي يتتبَّع السلوك البشري الذي لا يمكن التنبؤ به، في الوقت الذي يمثل فيه ذلك السلوك تهديداً لعملية التطوُّر التكنولوجي المُذهل. ومثل العديد من الأعمال التي على شاكلته، لا يُسهب الفيلم في الحديث عن التفصيلات الجيوسياسية.

لا مكان للاختباء

تبدو هيلين ميرين، في الفيلم مؤدّية واحداً من أشرس أدوارها على الشاشة؛ إذ تلعب دور الكولونيل كاثرين باول، الضابطة باردة الأعصاب المسئولة عن عملية «البلشون الأبيض»، التي حُدِّدت للقبض على فتاة إنجليزية متطرّفة تلتقي الإرهابيين من جماعة الشباب الصومالية في منزل بنيروبي. كانت باول تتابع المرأة منذ سنوات؛ ولكن حين اقتربت لحظة القبض على المجموعة، بدأت خطط الكولونيل تتغيَّر فجأة حين تصلها معلومات بأن المجموعة تُخطط لتنفيذ هجوم انتحاري.

الجاسوس المَعدني، المتمثِّل في الطائرة من دون طيار، عنصر مُخيف في الفيلم، ويعزِّز الفكرة الأورويلية (نسبة إلى جورج أورويل) التي تتلخَّص في: لا توجد أماكن للاختباء في الزمن الذي نشهد إذا توافرت لقوىً إمكانات خرافية وصعبة الاستيعاب، تمكّنها من الوصول إليك. الشخصيات الروبوتية بما هو قائم لها، وبلغتها الخاصة التي تتيحها التقنية المعقدة تلك، تهدف إلى نقل الخبرات العسكرية، في حين يتم حجْب العنصر البشري، ضمن إسقاط يستدعي حضور الغرائبية الأورويلية نفسها.

تسعى الكولونيل باول بسرعة إلى استصدار إذن من رئيسها، الجنرال فرانك بينسون (آلان ريكمان)، لرفع مستوى الأمر من «القبض» إلى «قتل» الهدف. نُقِلت تلك الأوامر إلى ستيف واتس (آرون بول)، وهو مُشغِّل الطائرة بدون طيار في فيغاس، استعداداً لإطلاق صاروخ جو أرض؛ إلا أن تعطيلات غير متوقعة تسبَّبت في تأخير الهجوم.

الجنرال بنسون والذي يؤدِّي دوره ريكمان يظهر على الشاشة في الأداء النهائي، وكان ظهوراً قوياً في عالم مُتخم ومُرهَق، وبفهمه هو ماذا تعني الحرب وكذلك الطبيعة البشرية. تُلاحظ شخصيته في وقت مبكّر من الفيلم وهو يقوم بشراء دمية لطفل، ولا يبدو شخصية متعاطفة بقدر ما هو شخصية بائسة للغاية.

يحضر «قتل جيد»

نادراً ما تبدو ميرين للمشاهد في حال من البرود، بتلك القوّة التي تظهر بها، والأداء المُخيف، وكأنها بذلك تسعى إلى أن تجعل من شخصيتها غير محبَّبة.

فيلم «عين في السماء» يغطي الكثير من القضايا نفسها التي تناولها فيلم «قتل جيد» نقد أندرو نيكول، والاستخفاف من هجمات الطائرات بدون طيار الأميركية في أفغانستان، والذي صدر العام الماضي. في الفيلم تسليط للضوء على شخصيات مشغِّلي الطائرات من دون طيَّار، الذين يتخذون من حاويات مكيّفة مكان إقامة في إحدى القواعد العسكرية خارج مدينة لاس فيغاس؛ حيث رائد في سلاح الجو الأميركي، توماس أيغان (أيثان هوك)، الذي تم نقله إلى وحدة هذا النوع من الطائرات؛ إذ أصبحت الحاجة قليلة لتشغيل الطائرات المقاتلة، وخيبة الأمل التي يتعرَّض لها بتشغيل طائرات «الدرون»، التي لا تحتاج سوى إلى كبسة زر على الحاسوب، ليتم قتل بشر وتدمير منازل وممتلكات من مسافة تبعد نحو 10 آلاف كيلومتر؛ وصولاً إلى حال الاشمئزاز التي تنتابه كلما ازداد عدد ضحايا ذلك النوع من الحروب الخالية من المواجهة.

«عين في السماء»، يقدِّم بوضوح حال التباين بين الأفراد العسكريين الذين يرغبون في أداء مهامهم بأكبر قدر من الكفاءة، ومن جانب آخر، يقدِّم أولئك الذين يشرفون عليهم ممن هم أكثر حذراً في حساب احتمالات أن الهجمات قد تؤدّي إلى أزمة دبلوماسية، أو ما هو أسوأ من ذلك.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:49 ص

      وبعدين اصير مافي شغل واخلون الاليين يصرفون علينه. واو

اقرأ ايضاً