العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ

«المثقف العربي والسلطة»: نداءات لتجاوز ثنائية القطيعة والإزعاج

عبدالعزيز الموسوي
عبدالعزيز الموسوي

على هامش تجوالهم بين أجنحة معرض البحرين الدولي للكتاب، استوقفت «الوسط»، مثقفين بحرينيين، للحديث بشأن إشكالية العلاقة بين المثقف والسلطة، على المستوى العربي.

فبين خيارات القطيعة والتماهي، الإزعاج والمحبة، دار الحديث مع الكاتب حسن مدن، والذي رأى أن «السلطة هي المعنية بإنهاء حالة القطيعة مع المثقف»، فيما أشار الكاتب القصصي عبدالعزيز الموسوي إلى أن «الصفة أو الدور الأكثر توازناً للمثقف، هو أن يكون محباً للمجتمع كما للسلطة».

يشرع مدن في توصيف طبيعة العلاقة ما بين المثقف العربي وسلطته، بالقول «تقليدياً كانت علاقة المثقف بالسلطة محاطة بما هو مدعاة للفضول وللنقاش لأنها ملأى بالمفارقات، ربما لأن «سلطة» الثقافة، حين نعني بها المكانة المعنوية أو الرمزية التي تمثلها هذه الثقافة، جعلت طرفي العلاقة في حالة تجاذب».

وأضاف «تراوحت هذه العلاقة بين القطيعة التي تجعل السلطة في خصام مع المثقف، يصل الى حد اضطهاد هذا المثقف او عزله او محاربته، وبين تماهٍ رخيص يصبح معه المثقف أداة، ويصادر المساحة التي يجب ان تفصل بينه وبين هذه السلطة، بصرف النظر عن طبيعة هذه السلطة، لأن حسابات السلطة، هي في الإجمال مختلفة عن حسابات المثقف، الذي يشتغل في حقل مختلف كلية عن الحقل السياسي المباشر الذي تشغله السلطة. انه معني بالرموز والمفاهيم والإشارات، بالمعادل التخيلي للواقع، الذي قد يفترق عنه لا بل ويناقضه في العديد من الحالات».

ووفقاً لرأي مدن، فإن «الاشكالية ليست ابنة اليوم، فتاريخنا العربي الإسلامي مليء بالأمثلة على العلاقة المعقدة بين المبدع والحاكم. ان مثال ابن خلدون على النحو الدرامي الذي صاغه سعد الله ونوس في «منمنمات تاريخية»، او مثال المتنبي، لأدلة ساطعة على ان المبدع عرضة للتقلبات في هذه العلاقة، بالشكل الذي يجعل سيرته الذاتية مثقلة باللحظات الصعبة التي عليه ان يختار اثناءها أياً من المواقع عليه ان يقف فيه، وهو اختيار نعلم انه يتضمن محكاً عملياً لهذا المبدع، ليس لأنه لا يتصل بمصداقيته فقط، ولكن لأن حساسية هذا المبدع ورهافته هي التي تكون أولاً قيد الاختبار».

وعقب «كان سعد الدين ابراهيم قد صاغ منذ عقود مفهوم تجسير الهوة بين المثقف والسلطة في البلدان العربية، داعياً لإقامة جسر ينهي القطيعة بينهما، وهي دعوة حمالة أوجه، ونظر إليها الكثيرون بدرجات من الريبة، بسبب انها تحتمل أكثر من تأويل، فإذا ما انطلق المرء من معاينة للمشهد الثقافي العربي فمن المنطقي ان يرى ان السلطة هي المعنية بمثل هذه الخطوة لأن نصيب المثقف من العزلة والتهميش، لا بل والاضطهاد إنما يتم على أيادي السلطات، وخاصة على تلك الشريحة من المثقفين والمبدعين الحقيقيين الذين كان نصيبهم الإهمال والتجاهل».

كما تطرق مدن لجانب آخر، رآه «ذا أهمية كبيرة»، فقال «يتصل هذا الجانب بنمط من المثقفين يصبحون في علاقتهم مع زملائهم ومع الآراء والأفكار الأخرى أكثر تسلطاً من السلطة نفسها، ومرة كتب الناقد السعودي عبدالله الغذامي عن نموذج الطاغية حينما تصنعه الثقافة، ملاحظاً ان المثقف نفسه قد يصبح طاغية، ويمكن أن نجد نماذج لمثقفين هم دعاة للديمقراطية ومذعورون منها في الآن نفسه، حيث نجدهم أنفسهم ليسوا بديمقراطيي التكوين في محيطهم الضيق، وفي علاقتهم مع الآراء والأفكار المغايرة، أي انهم يزعمون مكافحة الطغيان لكنهم طغاة مع من يختلف معهم في الرأي أو الموقف».

أما الموسوي، فاختار أن يبدأ حديثه بالتساؤل «هل يجب على المثقف أن يكون مزعجاً للسلطة؟!»، ليجيب على ذلك بالقول «حتماً ليس دور المثقف أن يكون مزعجاً، ثمة صفة أكثر توازناً وهو أن يكون محباً للمجتمع كما للسلطة، بمعنى أن يرى بعين المحب، يثني على الجيد كما يشير للسيئ».

وبشكل عام، نوه الموسوي إلى التحول في مسألة الإزعاج وانتقالها من المثقف والسلطة إلى المثقفين مع بعضهم البعض، معتبراً أن في ذلك «خدمة جلية لكل من لا يرغب بدور حقيقي للمثقف».

وعن الدور الحقيقي للسلطة، قال الموسوي «لا ينبغي أن يكون دوراً تكميمياً، ولا أعني أن يُطلق العنان لكل الأصوات التي تمتهن خلق الصراعات وتأجيجها، فدور السلطة، كما أراه، أن تلتفت لا أن تتلف، أن تفكر وتراجع، لا أن تتصلب وتعتقل المرء بسبب رأي أو نقد، باختصار أن تمنح لا أن تمنع».

واستشهد على حديثه هذا بما جرى لكتاب «موطئ وطن»، وقال «كمثال، نعبر هنا عن أسفنا، في أن يتم التحفظ على كتاب «موطئ وطن» في مناسبة احتفائية بالكاتب والكتاب، وهو كتاب يختص بسرد تجارب إبداعية لنخبة من كتّاب البحرين»، مضيفاً «أقول، مؤسف أن يصل الأمر لحد العزل وكان بالإمكان دائما أن تكون الالتفاتة أكثر حكمة في إدارة الدور الجيد الذي يلعبه الاثنان معا وهما ليسا عدوين ولا في معركة بل يجمعهما مجتمع واحد وعلاقة تكاملية لتبادل الرؤى والأفكار، الأفكار التي ستظل حرة على رغم كل شيء».

العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً