العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ

مظاهرات ضد الفساد في مقدونيا!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

برزت أخبار مقدونيا على شاشة الأخبار هذا الأسبوع، الذي بدأ باستخدام قوات الأمن الرصاص المطاطي ومسيل الدموع ضد اللاجئين السوريين العالقين على حدودها مع اليونان، وانتهى باتساع حركة المظاهرات ضد الرئيس جورج إيفانوف.

الخبر الأول كان نتيجةً طبيعيةً لتطبيق الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لضبط حركة النزوح باتجاه دول الغرب، وهو اتفاقٌ قبل به الأتراك مقابل حوافز مالية وإغراءات بتقديم مساعدات، إلى جانب وعودٍ بالتفكير في مناقشة قبول عضويتها بالاتحاد الأوروبي، وهو الحلم القديم الذي حفيت أرجل الحكومات التركية المتعاقبة لتحقيقه.

الخبر الثاني له ارتباطٌ بالداخل أكثر منه بالخارج، فالرئيس المقدوني أصدر قراراً بالعفو عن مسئولين سياسيين، أنهى به ملاحقتهم في فضيحة تنصت هاتفي على آلاف الأشخاص. وقد أخذت الفضيحة بعداً خارجياً، حين تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتوجيه تحذيرات للسلطات المقدونية. وقد اعتبر المفوض الأوروبي يوهانس هان، أن هذا العفو «لا يتطابق مع مفهوم دولة القانون»، بينما اعتبر السفير الأميركي قرار العفو العام، الذي يتم من دون احترام الإجراءات، إنما يحمي السياسيين الفاسدين وشركاءهم.

مساء الأربعاء الماضي، تخلّلت المظاهرات في مقدونيا، صدامات مع الشرطة التي حاولت تفريق آلاف الأشخاص بالقوة، وقامت باعتقال 12 متظاهراً. وقد هاجم المتظاهرون مكاتب تعود للرئاسة، وكسروا زجاجها، وأحرقوا بعض أثاثها، وأشعلوا بعض الحرائق أمام البرلمان، ما تسبّب في توتر شديد في العاصمة سكوبيي، وأدخل البلد في أزمة سياسية.

مقدونيا جمهورية صغيرة ليس لها ساحل تطل من خلاله على البحر، وإنما تقع وسط منطقة البلقان، حيث تحدّها دولٌ يعاني أغلبها من مشاكل وأزمات وصراعات، سابقاً أو حالياً. فمن الشمال تحدها صربيا وكوسوفو، ومن الجنوب اليونان، ومن الشرق بلغاريا، ومن الغرب ألبانيا.

هذه الجمهورية الصغيرة، التي تبلغ مساحتها 25 ألف كيلومتر مربع (أكبر من لبنان بأكثر من مرتين ومن البحرين بآلاف المرات)، انفصلت عن يوغوسلافيا السابقة في 1991. ويبلغ تعدادها مليوني نسمة، وتتشكل من أقليات عرقية كثيرة، تركية وصربية ورومانية، إلى جانب المقدونيين الأصليين. وهي أعراق غير منسجمة، وتحكمها خلافات تاريخية قديمة. فإذا أضفنا إليها تفاقم أزمة اللاجئين، فإن الحكومة لم يكن ينقصها إلا التسبّب في إثارة أزمة جديدة مع المواطنين بسبب اختراق القوانين، والتجسّس على المكالمات وانتهاك الخصوصيات.

الحكومة بدل أن تعالج المشكلة، ذهب الرئيس إلى اتخاذ قرار استفزازي، بوقف الملاحقات القضائية ضد المسئولين عن فضيحة التجسس على المواطنين. وبعد أن كانت حركة الاحتجاج بدأت بمئات الأشخاص، تحوّلت سريعاً إلى مظاهرات بالآلاف، وأخذوا يردّدون شعاراً يطالب الرئيس بـ «الاستقالة الآن».

تحار وأنت تقرأ وتتابع نشرات الأخبار، وتستغرب من ألاعيب السياسيين، الذين يتصرّفون مثل عصابات المافيا الإيطالية، بعيداً عن حكم القانون والضمير، فيدافعون عن بعضهم بعضاً، ويحمون مصالح بعضهم بعضاً، على طريقة «شيلني واشيلك»، بعيداً عن مصالح الشعوب والأخلاق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:53 ص

      هجرات اللجوء ووراءها مليارات الدولارات

      والاخ محمد عبدالله كتب قبل ايام ان مافيا الشركات المستقبله لهجرات اللجوء تربح المليارات وتعامل المهجرين بطريقة غير انسانية الكسب وللخسارة ومعاملة قاسية لتكسب اكبر مبالغ وراءهم والدول تعرف ذلك وعلى دراية والامم المتحدة على اطلاع كذلك ولعبه اممية قذرة .

    • زائر 2 | 1:37 ص

      لا داعي للتظاهر .
      حتى لو تجسسوا عليكم واعتقلوكم وعذبوكم في السجون
      حتى لو سرقوا المال العام والاراضي. كل شيء طيب. اصبروا

    • زائر 1 | 11:20 م

      ليش عاد؟

      الله لا يغير عليكم!!!!

اقرأ ايضاً