العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ

التقنية الحيوية والاقتصاد الجديد

سلوى الذوادي

أستاذ مساعد في التكنولوجيا الحيوية جامعة البحرين

إن المعرفة والمعلومات هما المحركان الرئيسان للنمو الاقتصادي الجديد، وهو ما يُسمى باقتصاد المعرفة. ففي التقنية الحيوية بما تتضمنه من دور في خلق الثروة هي أفضل مثال لمفهوم «الاقتصاد الجديد» فهو محرك اقتصادي أساسي في كثير من الدول العالمية والإقليمية. لم يعد تطور هذه التقنية مقتصراً على مراكز البحث العلمي بل تتطور عالمياً من خلال القطاع الخاص حالياً. يعد الاستثمار في التقنية الحيوية من أهم القطاعات الاستثمارية وأربحها لما ينتج عنه من منتجات ذات أهمية بالغة للإنسانية. فنجد الشركات العاملة في التقنية الحيوية في أميركا والدول الغربية تشهد ارتفاعاً مستمراً في أسعار الأسهم.

التقنية الحيوية هي استخدام الكائنات الحية (بكتريا، فطريات، طحالب، نباتات وغيرها من كائنات) أو جزء منها (أنزيم، هرمون، مادة وراثية، حمض، مضاد حيوي... الخ) في تحليل أو تعريف، أو إنتاج منتجات مهمة للصناعة بمختلف مجالاتها الطبية، والبيئية، والزراعية، وإنتاج الغذاء، وطرائق الإنتاج البديل للمواد الكيميائية... وغيرها.

الصناعة الناتجة عن التقنية الحيوية يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل وهي:

- اكتشاف الكائن الذي يقوم بإنتاج المادة المهمة في التصنيع ومن ثم تعريف الكائن والمادة الناتجة من خلال سلسلة من الأبحاث المختلفة التي تكون ثمرة تعاون لباحثين من مختلف التخصصات.

- تطوير إنتاج المادة المرادة وتنقيتها للاستخدام ووخصاً في الصناعة الدوائية والغذائية.

- تصنيع المادة لعرضها في السوق.

- التسويق لتعريف السوق المحلية والعالمية على المنتج.

وبشكل عام تصنف التقنية الحيوية إلى التقنية الحيوية الحمراء وهي تلك التقنية التي تتخصص في المجال الطبي، التقنية الحيوية الخضراء وهي تلك التقنية التي تتعلق في المجال الزراعي، والتقنية الحيوية البيضاء وهي التقنية التي تتخصص في المجال الصناعي، التقنية الحيوية الزرقاء وهي تلك التقنية التي تتخصص في مجال المياه (المحيطات، البحار، الأنهار، البحيرات...)، والتقنية الحيوية البيئية وهو التقنية التي تهتم بالتطبيقات البيئية. ومن جملة الإنجازات المهمة التي تحققت بفضل التقنية الحيوية إنتاج المضادات واللقاحات الحيوية، وإنتاج الهرمونات مثل الأنسولين، والعلاج الجيني الذي يستأصل المرض من خلال تصحيح الجين فهو يعني بمعالجة الأمراض الوراثية وليس علاج الأعراض الناتجة عن الأمراض، والعلاج بالخلايا الجذعية، وإنتاج كل الأشتال النسيجية للفواكه والخضار، ونباتات ذات الجودة العالية، وإنتاج السماد العضوي من مخلفات المحاصيل الزراعية، وإنتاج نباتات مقاومة للحشرات والأمراض التي تصيبها، إنتاج النباتات مقاومة للظروف البيئية القاسية من ملوحة، وارتفاع في درجات الحرارة وجفاف، وإنتاج نباتات ذات مواصفات خاصة تستخدم في التصنيع كتلك التي تنتج الجسيمات النانوية، واستخدام الكائنات الحية لإنتاج الجسيمات النانوية، وإنتاج البلاستيك الذي يتحلل مع مرور الوقت، وإنتاج الوقود والغاز الحيوي الذي ينتج عضوياً لإنتاج طاقة نظيفة... وغيرها.

التقنية الحيوية إلى الآن لم تؤثر تأثيراً كبيراً في حياة الإنسان في دول الشرق الأوسط والتي في أمس الحاجة إلى مشاريع ضخمة في التقنية الحيوية لتحقيق التنمية المستدامة التي تعتمد على تحسين مستوى الفرد وزيادة الإنتاج الزراعي وإنتاج الأغذية ذات الإنتاجية العالية وبمواصفات دولية تمكننا من تصديرها إلى كل دول العالم.

منطقة الشرق الأوسط هي منطقة خصبة للنمو الاقتصادي لمبيعات منتجات التقنية الحيوية فمثلاً احتياج المنطقة إلى المنتجات العلاجية قُدرت في العام 2009 بـ 10 مليارات دولار. كما أن هناك احتياجاً للمنتجات الزراعية والغذائية ذات الجودة العالية فلذلك توجب وجود قطاع لإنتاج المركبات الطبية البيولوجية وغيرها من مركبات لبناء النسيج الصناعي في المنطقة. ومن المرجح استمرار احتكار الدول الصناعية لهذه التقنية ما لم تعتمد الدول على الاقتصاد المعرفي.

ومن مؤشرات اهتمام بعض الحكومات بالتقنية الحيوية وضع المملكة العربية السعودية السياسة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، التي أقرها مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية للعام 2002 وتم تحديد 1.2 مليار ريال للعلوم والتقنية، وحيث جاء استخدام التكنولوجيا الحيوية في مجال الرعاية الصحية والبترول والزراعة والأسماك من أهم مجالات تلك السياسة الوطنية. وقيام الأردن بالمصادقة على قانون حماية الملكية الفكرية وكذلك شكلت لجنة وطنية للتكنولوجيا الحيوية بهدف التأكد من سلامة السلع الزراعية المحورة وراثياً ومشتقاتها لضمان صحة الإنسان والبيئة.

ختام القول أنه من الضروري على دول الشرق الأوسط الالتفات إلى الدور المهم للتقنية الحيوية وإدراج مشاريعها في سياساتها الاقتصادية واستراتيجياتها المستقبلية وإدارة البحوث في مجالات التقنية الحيوية المختلفة الزراعية منها والبيئية والطبية. هذا إلى جانب دعم المؤسسات والشركات التي تأخذ من التقنية الحيوية نهجاً لنشاطها.

إقرأ أيضا لـ "سلوى الذوادي"

العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:42 ص

      شكرا دكتورة

    • زائر 1 | 12:56 ص

      مقال جميل

      لكي نتعلم الإبداع.... لابد أن نثني على جريدتكم الغراء
      شكراً للكاتبة على هذا الطرح الرائع

اقرأ ايضاً