العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ

البحرين و كوريا... علاقة دائمة لمدة أربعين عاماًُ

هوبارك

سفير جمهورية كوريا المعين لدى مملكة البحرين

(كلمة بمناسبة مرور 40 عاماً على العلاقات الكورية - البحرينية)

يسجّل اليوم ذكرى تاريخ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كوريا ومملكة البحرين، ففي العام 1976 رسمت كلا الدولتين أولى الخطوات لإقامة العلاقات الدبلوماسية التي كان من شأنها أن تكون اللبنة الأولى لعلاقة صداقة متينة استمرت طيلة العقدين الماضيين، تخللتها فترات بدا أن لا نمو مشهوداً يحصل في محيط العلاقات الثنائية لا سيما أثناء الأزمة المالية غير المسبوقة التي تفجّرت في آسيا في العام 1998، واضطرت على إثرها حكومة جمهورية كوريا لإغلاق الكثير من البعثات الدبلوماسية في أنحاء العالم، ومن بينها سفارتها في مملكة البحرين في العام 1999. إلا أنه لحظوة البحرين كونها من أهم الشركاء في الإقليم، كانت أمنية إعادة فتح سفارة جمهورية كوريا في المنامة باقية في الحسبان، وحالما سنحت الفرصة في العام 2011، سارعت حكومة جمهورية كوريا لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة فتح بعثتها بعد انقطاع دام 12 عاماً، والتي بفضل دعم وضيافة حكومة مملكة البحرين الثمينة استطاعت أن تعمل بسلاسة. وهذا العام الذي يحمل الذكرى الأربعين، ستفتح كلا الدولتين فصلاً جديداً في تاريخ التعاون، وقفزة إلى الأمام ناحية شراكة نافعة.

لطالما اعتبر الكوريون البحرين «بوابة» الشرق الأوسط، فالرحلة الافتتاحية لجمهورية كوريا في الشرق الأوسط بدأت بالبحرين في العام 1976، وحينها لم يكن باستطاعة الكوريين زيارة الشرق الأوسط دون الوقوف أولاً في البحرين، التي عرفت بثقافة الانفتاح والتسامح، ناهيك عن الازدهار الاقتصادي وبلقب «لؤلؤة الخليج».

وعندما أسّست الدولتان العلاقات الدبلوماسية في سبعينيات القرن الماضي، استقر محور تطور العلاقات في المجال الاقتصادي، وخصوصاً في مجال الإنشاء والطاقة، وشارك حينها عددٌ من الشركات الكورية في إنشاء البنية التحتية لمملكة البحرين، وعدد من المعالم الرئيسية، كمقر هيئة البحرين للثقافة والمقتنيات وفندق الدبلومات. واستطاع العمال الكوريون بخبراتهم العملية في الشرق الأوسط والبحرين، أن يشاركوا بشكل كبير في نهضة الاقتصاد الكوري خلال السبعينيات والثمانينيات.

وعند إعادة افتتاح السفارة في العام 2011، لم نشعر بأن كوريا لم تمحى من ذاكرة البحرينيين فقط؛ بل استحضر الكثير منهم أطيب الذكريات عن التواجد الكوري في البحرين والصداقة الجميلة التي ربطت كلا البلدين، بالإضافة إلى شغف البحرينيين باقتناء المنتجات الكورية، كالمركبات والأجهزة الذكية، ناهيك عن الولع المستمر بالمسلسلات وموسيقى البوب الكورية.

وعلى ضوء هذه الخلفية، هناك جهود ذات مستوى عال لتطوير العلاقات الكورية البحرينية بعيداً عن حصرية التعاون في مجال الإنشاء على أوسع نطاق. وعلى الصعيد السياسي فكوريا التي تحيطها قوى عالمية كالولايات المتحدة الأميركية والصين واليابان وروسيا – والبحرين التي تقع ما بين قوتين إقليميتين كالمملكة العربية السعودية وإيران – تتجهان ناحية تعميق التعاون النابع من وجهات النظر المشتركة عن السلام والأمن لكلا الإقليمين.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تتشارك كلا الدولتين في مساحة فكرية، والتي تسعى إلى إيجاد محركات تنموية جديدة بعيداً عن الاقتصاد القائم على التصنيع، كما أن البحرين تبحث عن نموذج اقتصادي جديد والذي من شأنه أن يستبدل ذاك المرتبط بتصدير البترول.

وبناءً على هذه الأرضية المشتركة، تمتلك كلا الدولتين القدرة على حضانة المزيد من التعاون في القطاع الخاص، والتبادل الإنساني بعيداً عن الإطار الحكومي، فالبحرين هي الوجهة الأفضل كنقطة انطلاق رحلة أي كان ناحية أي وجهة في الشرق الأوسط، لا سيما للشباب الكوري الرائد والباحث عن الفرص الجديدة في هذا الإقليم.

وللإضافة فإن مشروع السكة الحديدية لدول مجلس التعاون سيمنح فرصاً ممتازة للبحرين، بربطها بسكة حديدية مع المملكة العربية السعودية وقطر، ناهيك عن اتفاقية تفادي ازدواجية الضرائب التي وُقّعت في العام 2013، فإن حكومة جمهورية كوريا تسعى لإبرام اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات مع البحرين، وأيضاً اتفاقية تعنى بشئون الطيران والتي تهدف إلى تعميق التواصل بين الدولتين.

وستمثل هذه الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية «طريقاً سريعاً» حيث سيتعاون شعبا الدولتين لتسهيل شئون التجارة، فالعمل السريع الذي يحدث أخيراً يمثل فرصةً للبحرين لتوطيد سمعتها كحاضنة للاستثمارات في المنطقة، وهكذا تصبح البحرين كالمفتاح الرسمي للكوريين لفتح أي بوابة فرصة في الخليج العربي.

وفي هذه المرحلة الحاسمة المتمثلة بالذكرى الأربعين للعلاقات، هي في الواقع لشرف بالغ بالنسبة لي لتولي مهام ومسئوليات السفير الجديد لجمهورية كوريا لدى مملكة البحرين، ففي هذا العام ستبذل سفارة جمهورية كوريا في مملكة البحرين جهوداً حثيثة لتوسيع آفاق التعاون بين البلدين، من خلال استضافة مجموعة من الفعاليات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وتقديراً لحجم انتباه وعمق اهتمام الشعب البحريني للفعاليات القادمة التي ستنظمها السفارة الكورية، تقيم السفارة حفل استقبال في فندق ريتز كارلتون في 19 مايو/ أيار 2016 حيث ستقدم فرقة الاستعراض «نانتا» أداءها الموسيقي المشهور عالمياً، في القاعة الثقافية لمتحف البحرين الوطني تاريخ 21 مايو، بالإضافة إلى الاستعدادات لعقد مؤتمر بشأن التعاون الاقتصادي بين كوريا والبحرين في وقت لاحق هذا العام. ويحدوني أمل صادق أن «الموجة الكورية» التي تزدهر في البحرين ستترسخ خلال هذا العام حين يزور عدد أكبر من الكوريين «لؤلؤة الخليج المخفية» تقديراً لسحرها وعراقتها.

إقرأ أيضا لـ "هوبارك"

العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً