العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ

طاقة بحرينية معطلة

تعتبر الإناث العاطلات عن العمل طاقة معطلة، فبعد سنوات من التعليم وجدن أنفسهن في حلقة مفرغة، ووفق خلاصات الاقتصاديين والمهتمين بقطاع سوق العمل فإن بعض الخطوات المهمة تشمل التالي:

المجتمع البحريني في حاجة إلى جميع التخصصات على اختلافها، وبالنسبة للشواغر المناسبة للإناث، فالمسئولية تقع على الحكومة في هذا الصدد لإنشاء مراكز بحوث وتقديم خدمات اجتماعية للعاطلات لمساعدتهن في خدمة المجتمع.

تقديم الدعم المادي للخريجات لقاء ما درسنه في الجامعات لحين تتضح الأمور بالنسبة إليهن، والتأكد من أنهن يعشن حياة كريمة.

النساء غير مفضلات في القطاع الخاص، مهما كانت الادعاءات بغير ذلك، فكثير من الشركات الخاصة تشترط للتوظيف أن يكون المتقدم من الذكور، والعقلية الاقتصادية التجارية تطغى على الاجتماعية في هذا الصدد، فصاحب العمل يفكر في الإنتاجية، والمرأة في عقلية أصحاب العمل تتزوج وتنجب الأطفال ما يسبب تعطيلًا للعمل الذي يركز عليه.

طرحت بعض المؤسسات الخاصة مقترحات لإعطاء المرأة العاملة فيها 6 شهور للحمل والوضع كتكريم لتلك العاملة يشترى به إخلاصها للمؤسسة، ويمكن لها أن تنجز بعد تلك الإجازة أضعافًا مضاعفة مما منح لها - برأيه - إذ إن المرأة بطبيعتها مخلصة في عملها، ولو شعرت بأن المؤسسة أكرمتها فستتفانى لخدمة هذه المؤسسة.

فتح المجال لمساهمة المرأة في القطاع العام الذي لا يميز الرجال عن النساء كالقطاع الخاص، كما إن دور الحكومة يأتي مكملًا بتوفير التشريعات التي تحمي حقوق المرأة العاملة وتساندها، وخصوصًا من خلال التفاوض مع مؤسسات القطاع الخاص وإعادة صوغ القوانين لتتناسب مع عصر العولمة وتقدير دور الإناث في المجتمع والتنمية.

وكأنها تعبر عن لسان حال كل العاطلات البحرينيات، سعت المواطنة (أمينة) لنشر قضيتها في الصحافة المحلية وفي المواقع الإلكترونية وفي كل الوسائل التي يمكن أن تمثل حلقة وصل مع الآخرين.. كانت تريد أن توصل معاناة كل بحرينية عاطلة واستخدمت عبارات قوية في رسالتها إلى المجتمع:

"أنا مواطنة بحرينية قبل كل شيء، لن أتنازل عن حقي في الحصول على وظيفة ضمن قطاعات الدولة فهي من حقي ومن واجب الدولة تنفيذه، وقد ضمنه الإسلام قبل أن يكون مادة من مواد الدستور منصوصًا بحق العمل وعدالة الأجر والتي أرساها بنص المادة (13) في الفقرة (أ): "العمل واجب على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقا للنظام العام والآداب"، والفقرة (ب): "تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه".

تفوقي ذهب هباءً

كل ما أملكه هو حذاء (وأنتم بكرامة) أجري فيه بماراثون الذل المستمر منذ تخرجي حتى هذه اللحظة، والغريب في الأمر هو كوني الفائزة الأولى بتقديم الامتحان ومن ثم المقابلة غير أني الخاسرة في الجولة الأخيرة، وإن كان السبب معروفاً بشغل الوظيفة لأحد أبناء العلائلات الكبيرة أو من حظي بواسطة أعلى من الوزير نفسه... ست سنوات وهاهي السابعة بالطريق تجر أذيال الخيبة والفشل معها حالها كحال سابقاتها.. دعني أطلعك على شهادتي وإن كانت لعنة علي، أنا خريجة ماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة شرف..أجل كما قرأتم وعاطلة منذ أكثر من 6 سنوات غير أن درجتي لم تشفع لي بالحصول على وظيفة تليق بي لا في القطاع الحكومي أو الخاص أو حتى في الجامعات..أجيبوني ما نفع شهادتي ونفع درجتي العلمية، ما نفع دراستي وتفوقي طوال تلك الأعوام، ما نفع تحمل والدي تكاليف دراستي الباهظة وما نفع أحلامي التي بنيتها وآمنت بأنها ستبنى على أرض الواقع؟

سأواصل البحث عن وظيفة

وقصة "أمينة" واحدة من آلاف القصص التي يمكن أن تحكيها أكثر من 5 آلاف عاطلة بحرينية، وإن اختلفت التفاصيل بين العاطلات الجامعيات، أو حملة شهادات ما بعد الثانوية، أو حملة الشهادة الثانوية، أو ما دون ذلك، لكن كل العاطلين من أبناء البلد الباحثين عن عمل يضمن لقمة عيشهم إنما هم يطلبون حقًا من حقوق المواطنة، وكحال "أمينة"، مرت "جليلة" بظروف قاسية جدًا بعد تخرجها من الجامعة وهي تحمل شهادة بكالوريوس الإعلام، فلم تتمكن من الحصول على وظيفة لا في الصحف ولا في الوزارات ضمن مكاتب العلاقات العامة والإعلام، ولا أي وظيفة مناسبة، تقول: "سعيت كثيرًا.. كما هو حال كل العاطلين، أدخل في مقابلة وأخرج إلى أخرى، والسيرة الذاتية بكل ملحقاتها معي.. نعم حصلت على أكثر من وظيفة، لكن يتوجب علي في تلك الوظائف أن أعمل من الثامنة صباحًا حتى الخامسة عصرًا براتب لا يتجاوز 200 دينار، فهل هذا ما يستحقه المواطن بعد الدراسة والتعب والشقاء؟ وأنا في الحقيقة لم أفقد الأمل، فها أنا أمارس بعض المهن الحرة في التصميم والإنتاج وغيرها وأكسب منها رزقي، لكن سأواصل بحثي عن وظيفة في مكان يناسب مؤهلاتي".

ما عندي واسطة قوية

كانت الطموحات تداعب (ج.سلمان) بعد تخرجها وحصولها على البكالوريوس في الهندسة، واختارت هذا التخصص بتشجيع من ذوي الخبرة لأن ذلك التخصص مطلوب في سوق العمل وأن فرص التطور فيه كبيرة ومتعددة والأجور متميزة جدًا خصوصًا في كبرى الشركات الصناعية وقطاع الإنشاء، وحال تخرجها، تقدمت إلى العديد من الشركات المرموقة والتي كان يدير مناصبها العليا (غير بحرينيين) ولم تفلح، وبالطبع، لم تغفل عن القطاع الحكومي وإن كانت تدرك مسبقًا أنها بلا واسطة قوية لن تحصل على وظيفة حكومية.

"أنا لا أقول لك بأنني محبطة.. بل أنا في قمة الإحباط.. أتحدث مع شقيقتي الصغرى التي تدرس في الجامعة وأحثها على تغيير تخصص الهندسة الكهربائية إلى أي تخصص آخر، وقريبتي كذلك تدرس في تخصص الهندسة المدنية، وكنت أفضل أن أتخصص في أي مجال ضمن شئون الإدارة والمحاسبة فشهادات تلك التخصصات مطلوبة في سوق العمل بدرجة أعلى".. تواصل حديثها لتعبر عن مشاعرها بالحزن والأسى من كونها مواطنة وتجد الأجانب أفضل منها حالًا.

على كف عفريت

أما ليلى، فقد شعرت بالفرح الشديد وهي تحصل على وظيفة في إحدى الجهات الحكومية ضمن برنامج "تمكين"، قضت في العمل عامين على أمل تثبيتها في تلك الجهة الحكومية فالوظيفة التي تعمل بها مؤقتًا هي أصلًا شاغرة، بل ومعها مواطنتان تعملان في ذات الإدارة ضمن برنامج تمكين، وبعد عامين من العمل، لم يتم تثبيتهن وعدن جميعهن إلى التعطل، وهو وضع (أم قاسم) التي التحقت للعمل بعقد مؤقت في إحدى المجالس البلدية، ومرت أربع سنوات وهي والعديد من البحرينيين، ذكورًا وإناثًا، على هذا الوضع غير المستقر، وقد وجدت نفسها بعد كل هذه السنوات من العمل (على كف عفريت).. وجدت نفسها بلا عمل! رغم الوعود بتجديد العقود أو التثبيت.. ترى، كيف سنتمكن من تغطية الالتزامات المعيشية ومساعدة أزواجنا؟ هذا السؤال يوجه إلى الدولة، فليست المشكلة مقتصرة علينا نحن، بل هي تشمل كل العاطلين والعاطلات من أبناء البلد.

العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً