العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ

المشاكل الحسية «اضطرابات الإدراك الحسي العميق»

نرجس علوي

أخصائية العلاج الوظيفي بمركز دانة للتربية الخاصة

ينمو ويتطور الطفل من خلال استكشافه البيئة المحيطة من حوله وباستخدام الحواس الخمس (السمع، البصر، الشم، التذوق واللمس) كما هو معروف لدينا، لكن هذا ليس فقط ما اكتشفته جين آيرس عندما طورت نظرية التكامل الحسي العام 1972، فقد ركزت في نظريتها على حاستين كانتا مهملتين من قبل المتخصصين في نمو وتقدم الأطفال «التوازن، والإحساس العميق (Proprioception)».

وإن كان هذا المصطلح جديداً عليكم فإن الإحساس العميق (Proprioception) يُعرف على أنه قدرة الجسم على تحديد حركته ووضعيته من خلال استقبال المدخلات الحسية من الأوتار والمفاصل والعضلات، وهذا يُمكننا من تحديد المواقف المختلفة مثل النزول والصعود من الدرج، الجلوس على الكرسي، وحتى أداء المهارات الحركية الدقيقة مثل الكتابة والتزرير وغيرها. وعندما يكون لدينا خلل في استقبال أو ترجمة هذه المدخلات الحسية القادمة من العضلات، الأوتار والمفاصل تظهر لدينا اضطرابات الإحساس العميق (proprioceptive dysfunction).

وهذا الاضطراب يعتبر من أكثر الاضطرابات الحسية تأثيراً على ثقة الطفل بنفسه وبقدرته، حيث يبدو الطفل مرتخياً وغير متناسق الحركة، فالمدخلات الحسية للعضلات والمفاصل والأوتار لا تترجم الرسائل بشكل صحيح بالتالي، لا يعرف الطفل بأي مقدار يجب أن يقبض عضلات اليد أو يبسطها عند مسك كأس مثلاً أو ما هو المقدار المناسب لفرد مفصل الركبة عند صعود أو نزول الدرج وهكذا.

ويظهر هذا الاضطراب بعدة أشكال، إما أن تكون لدى الطفل استجابة منخفضة للإحساس العميق، أي أن المدخلات الحسية تترجم بدرجة أقل، فيصبح الطفل يشعر بالضغط على المفاصل والعضلات والأوتار بشكل أدنى من الطبيعي فيقوم بتعويض ذلك بالإشباع الجسدي فتظهر هذه السلوكيات:

- يدفع ويتعامل مع الأغراض بضغط قوي بحيث يكسرها.

- يمسك القلم بضغط كبير عند الكتابة فيكون خطه غامق اللون أو إلى درجة مزع الورقة.

- يكون الطفل الحركي، حيث يقفز باستمرار ويركض باندفاع وخبط.

- يلعب بعنف، حيث يصطدم بأي شيء حوله من أغراض أو أطفال.

- يرفرف بيديه ورجليه باستمرار.

- يستمتع بالحضن والضغط على الجسم ويحب الملابس الضيقة التي تعطيه شعور الضغط كالمعطف والقبعة والجوارب الضيقة.

وقد يظهر الاضطراب في التخطيط الحركي (motor planning)، الذي يعرف على أنه قدرة الجسم على تخطيط وتنظيم كل جزء في الجسم ومعرفة ما يقوم به من أجل التحرك بطريقة معينة، فهذه القدرة التي نستخدمها بشكل لا واع في حياتنا اليومية خلال أنشطتنا الحركية تشكل تحدياً بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال فتظهر المشاكل الآتية:

- صعوبة في القفز والتسلق والركض والقيام بالأنشطة الحركية التي تتطلب تحكماً حركيّاً بالجسم.

- الاصطدام المستمر بالأشياء والأشخاص حتى عند المشي.

- صعوبة في نزول وصعود الدرج.

- وضعية الجسم غير متناسقة عند القيام بالنشاطات.

- صعوبة في القيام بالنشاطات التي تحتاج إلى توازن كالوقوف على رجل واحدة.

وبالنتيجة، فإن هذا الاضطراب يشكل عائقاً أمام الطفل لتمضية يومه ونشاطاته الحركية وتؤثر على خبراته الحركية وطريقة تفاعله مع البيئة فينأى بنفسه عن بعض النشاطات والتجارب، وبالتالي لابد من عرض الطفل على أخصائي علاج وظيفي وتكامل حسي يقيم الوضع ويعمل على تقليل هذه السلوكيات وتحويلها إلى سلوكيات وأفعال مقبولة اجتماعيًّا بالتدريب على إشباع الضغط في حال كان الطفل لديه استجابة منخفضة من خلال عمل ضغط على المفاصل بشكل منتظم وبطيء، استخدام جهاز الاهتزاز وتمريره على الجسد بكامله لتعويض هذا النقص، إشراكه في نشاطات تتطلب جهداً ودفعاً كبيراً وغيرها من الاستراتيجيات، أما بالنسبة إلى مشاكل التخطيط الحركي فنعمل على تدريب الطفل على المهارات الحركية، وكيفية استخدامه لجسده بالتدريج، وبتسلسل والتكيف من خلال الأنشطة المتنوعة في غرفة التكامل الحسي.

وأخيراً، فهم هذه المشاكل يدعونا إلى فهم ردود أفعالهم، وكيفية تقديم المساعدة إليهم والعمل على تعزيز الثقة وتنمية حب الذات لديهم، بإدراكهم أنهم «مختلفون» وليسوا «مُتخلّفين».

إقرأ أيضا لـ "نرجس علوي"

العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً