العدد 4993 - الأحد 08 مايو 2016م الموافق 01 شعبان 1437هـ

الأب وأبناؤه!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من المتعارف عليه بأنّ علاقة الأب بأبنائه علاقة قويّة جدّا، وهذه العلاقة لا يستطيع أحد تغييرها مهما كانت الظروف، ولكن هل سمعتم قط عن تلك العلاقة المشوّهة بين الأب وبعض أبنائه؟ عندما نسمع هذه القصص الشاذّة عن هذا النوع من العلاقات تقشعر أبداننا، والسبب هو تعارضها للأعراف وما عهدناه عن العلاقات الأبوية!

أوتريدون معرفة قصّة بشأن تلك العلاقة الأبوية التي تمّ تشويهها بكل معاني الكلمة؟ اقرأوا إذاً واحكموا على ما حدث في هذه القصّة المؤلمة، قصّة ذلك الأب الذي يحب أبناءه ويعطف عليهم ويرعاهم دائماً، وفي يوم من الأيام حدث ما حدث لشرخ هذه العلاقة!

في يوم من الأيّام حقد بعض الحاقدين على العلاقة الجميلة بين الأبناء والأب، فما كان من هؤلاء إلاّ تحريض الأب يوماً بعد يوم ضد أبنائه، حتّى يتمكّنوا من تفريق الأحبّة، وبالفعل في يوم أسود قاموا بدس السم في العسل، وفرّقوا الأخوة وفرّقوا الأب عن أبنائه.

على العموم.. بعد تفريق بعض الأبناء عن أبيهم، بسبب أولئك المتمصلحين والمحرّضين والفاسدين الذين يعيثون في الأرض فساداً، ولا يريدون الخير لا للأب ولا للأبناء، أصبح الأب وحيداً بنصف أبنائه فقط، وابتعد النصف الآخر عنه.

خاف الأب من الموت، فباشر بتنفيذ وصيّته لأبنائه، واستثنى أولئك الذين افترق عنهم بسبب وساوس شياطين الأنس، فأصبحت هذه الوصية تميّز بين الأبناء وتفرّقهم أكثر، لا مأوى ولا أكل ولا تعليم ولا عمل ولا ميراث، وعاشوا على هذا المنوال، وعلى رغم فقرهم تزوّجوا وأنجبوا الأطفال.

مرّ الزمن وأصبح للأبناء أبناء، أحفادٌ كثيرون لا يعرفون جدّهم، وأصبح الجد في نظرهم هو السارق لحقوقهم، المُغتصب لميراثهم، وهو السبب في حياتهم القاسية، وكلّما نظروا إلى صورته زادت مشاعر الظلم، وأصبحوا يكرهونه يوماً بعد يوم.

هؤلاء الأحفاد هم قنابل موقوتة، هم بسبب المتمصلحين والفاسدين والحاقدين والمحرّضين، باتوا من دون جد ومن دون رعايته ومن دون حبّه، أيُعقل ذلك؟ لا والله لا يعقل، فهم من نفس الفصيل ونفس الدم، والدم لا يهون على الأصيل أبداً.

وبعد فترة من الزمن، التقى الجد بأحفاده صُدفةً، هؤلاء الأحفاد لم يستطيعوا السلام عليه ولا النظر إليه، فهو في نظرهم ظالم وليس جداً، وهم في نظره أحفاد حاقدون، فكيف يتصرّف الجد وكيف يتصرّف الأحفاد في هذا الموقف الصعب؟

حنكة الجد كانت رائعة، وخبرته في الحياة كانت كبيرة، حيث أخبرهم بأنّه يريد لقاءهم بمعيّة آبائهم، فما كان من الأحفاد إلا التوجّه إلى الآباء ليخبروهم بما أخبرهم به الجد، ويا فرحة الأبناء بذلك الخبر.

على الفور توجّه الأبناء إلى الأب وأخبروه بالمؤامرات التي كانت تُحاك ضدّه وضدّهم من أجل تفرقتهم، وأثبتوا ذلك من خلال المعلومات التي لديهم، فاعتذر الأب واعتذر الأبناء، وتدخّل المخلصون للصّلح بين الجد وأبنائه وأحفاده جميعاً، حتى لا تكبر الفجوة أكثر، ففي النهاية الظفر لا يطلع من اللّحم، أليس كذلك؟ وأيضاً في النهاية تبقى المشاعر القوية والعلاقة المتينة بين الأب والأبناء فوق أية شكوك، وفوق أية مصالح وفوق أية مؤامرات.

لا تدعوا الحياة تأخذكم بعيداً عمّن تحبّون، ولا تُعطوا الفرصة لأحد حتى يخرّب بينكم، فأنتم واحد، ومتى فرّقكم الكارهون الحاقدون الفاسدون المحرّضون، فأنتم في ضعف لا محالة، فكما قرأنا وسمعنا عن قصص وسير الأوّلين بأنّهم كان متّحدين معاً، لا يفرّقهم إلاّ الموت، ولذلك بنوا أُسرهم على أساس متين لا يدمّره أحد.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4993 - الأحد 08 مايو 2016م الموافق 01 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 1:06 ص

      كما هو واضح سيّدتي الفاضلة قصتكِ أكبر من حدود العائلة ذاتها ويُقصد بها الوطن وأبنائه واللبيب بالإشارة يفهم! جُزيتِ خيرًا ويا ليتهم يقرؤون ويفهمون ...

    • زائر 10 | 3:22 ص

      أكثر من عشر سنوات ولا أستطيع لقاء أبي!! منذ ٢٠ سنة بعد زواجة من الثانية و أصبحت علاقتنا به معدومة الي أن وصلت الي قطيعة مع أني أبادر بزيارة و كل مرة أقبال بالرفض أو الحجج و الأعذار بأنة ليس متواجد و أسأل الله أن يهدي والدي و زوجة التي عملت على إبعاد و تفريقنا و نتمنى بأن نؤدي دورانا كأباء في تربية أبنائنا على صلة الرحم و المحبة و السلام.

    • زائر 9 | 1:53 ص

      من اسباب عقوق الوالدين الرئيسية هو الابتعاد عن الدين والأخلاق الاسلامية بسبب شيء واحد خطير ومؤثر جدا ألا وهو جهاز التلفزيون! انظروا الى نوعية المسلسلات الهابطة المعروضة سواء خليجية او مدبلجة او عربية وستعرفون مدى تأثيرها على الجميع صغارا وكبارا. شهر رمضان فرصة عظيمة ليلتفت المؤمن الى ربه ونفسه وإعادة حساباته مع أهله ومن حواليه ولكن مع الاسف المسلسلات والبرامج الهابطة المعروضة خصوصا في رمضان تزيد من تفكك الأسر والناس وتبعدهم عن ربهم.لا رقيب ولا حسيب. نسأل الله أن يرحمنا برحمته

    • زائر 8 | 1:16 ص

      الاستاذة الفاضلة اكملي مقالك بان الاحفاد ابصرو الدنيا وهم يرون كيف تضرب ابائهم امامهم وفي بيوتهم عندما ياتو اعوان الجد ليفتشو مضاجعهم وووووووو

    • زائر 7 | 1:04 ص

      تسلم الانامل استاذة ، ياليت المسج يوصل

    • زائر 6 | 11:31 م

      أحسنتين أختي العزيزة مريم الشروقي, كأنها قصة النبي يوسف عليه السلام أو كأنه المكتوب أنه المحرضة هي زوجة الأب (ضرة الأم) التي أذابت جسدها بحسد أبناء ضرتها فقامت بعمل المؤامرات والتحريض ضد أبناء ضرتها لتحرمهم من أباهم ولتطردهم! بارك الله فيش!ما شاء الله موضوع رائع! موضوع ثمين ما شاء الله! لا تجعلون الحاسدين ينتصرون بتفريقكم عن بعضكم! وخاصة هذي رسالة إلى الأبناء الذين أمهم يحسدن أخواتهم الفردانيين أن يحاولوا تخفيف حدة الحسد ولم الجراحات ومحاولة لملمة الأهل وعدم تفريقهم!لا تقتلون أخوانكم عشان فلوس

    • زائر 5 | 10:43 م

      اللبيب بالاشارة يفهم

    • زائر 11 زائر 5 | 4:15 ص

      وصلت الرسالة تمام

    • زائر 4 | 10:34 م

      متي يتعض الجميع بان العدل والمساواه وتكافأ الفرص وعدم التمييز هما دعامة الدولة وإلا فالانهيار والفشل هو النتيجة الحتمية

    • زائر 1 | 9:42 م

      استاذة لا يشعر الأحفاد الا بالتمييز من ذلك الأب والجد
      فلا عمل ولا تعليم و لا سكن

اقرأ ايضاً