العدد 5012 - الجمعة 27 مايو 2016م الموافق 20 شعبان 1437هـ

القطان: البيت المسلم لا يجري وراء فتنة الموضة...وفي غيابه تتفشى الجريمة وينمو الانحراف

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

الجفير - محرر الشئون المحلية 

27 مايو 2016

أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن البيت المسلم لا يجري وراء فتنة الموضة، ولا ينخدع نساؤه بالتبرج والانحلال والاختلاط المحرم والحفلات والسهرات الماجنة، وتقليد غير المسلمين فيما يعود بالضرر على الأسرة المسلمة والبيت المسلم من اللباس العاري والعادات الأجنبية السيئة، والانحراف الأخلاقي البغيض.

ورأى القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (27 مايو/ أيار 2016)، أن «في غياب البيت المسلم الهادئ الهانئ ينمو الانحراف، وتفشو الجريمة، وترتفع نسبة المسكرات والمخدرات، بل ونسمع بارتفاع في نسبة الانتحار بين الأبناء».

وافتتح القطان خطبته بالإشارة إلى أن كثرة مناسبات الزواج في مثل هذه الأيام من كل عام، والتي يتحقَّق بها أغلى أمنياتِ الشباب من البنين والبنات، في إقامة بيتٍ مسلم سعيد، يجدون فيه المأوى الكريم، والراحة النفسية، والحلم السعيد، فيترعرع في كنَف هذا البيت وينشأ بين جنباتِه جيلٌ صالح فريد، في ظل أبوَّةٍ حادبة وأمومة حانية.

ونبّه إلى أن «البيت المسلم أمانةٌ يحمِلها الزوجان، وهما أساس بنيانه ودِعامة أركانه، وبهما يُحدِّد البيتُ مسارَه، فإذا استقاما على منهج الله قولاً وعملاً، وتزيَّنا بتقوى الله ظاهراً وباطناً، وتجمَّلا بحسن الخلق والسيرة الطيبة، غدا البيتُ مأوى النور، وإشعاعَ الفضيلة، وسَطع في دنيا الناس، ليصبح منطلَق بناءِ جيل صالح، وصناعة مجتمعٍ كريم، وأمَّة عظيمة، وحضارة راقية».

وخاطب الزوجين قائلاً: «بيتُكما قلعةٌ من قلاع هذا الدين، وكلٌّ منكما يقِف على ثغرة حتى لا يبرز إليها الأعداء. كلاكما حارسٌ للقلعة، صاحبُ القوامة في هذا البيت هو الزوج، وطاعته واجبة»، مؤكداً أن «البيت المسلم يقتدي برسول الله (ص) مع زوجاته، في التعاون على البر والتقوى بما في ذلك التعاون على أعمال المنزل وشئونه».

وأفاد بأن «البيت النبوي ومن فيه من أمهات المؤمنين، هو أسوة البيوت كلها على ظهر الأرض، فهو بيت نبويٌّ ترفّع على الرفاهية والترَف، وداوم على الذكر والتلاوة، ورسم لحياته معالمَ واضحة، وضرَب لنفسه أروعَ الأمثلة في حياة الزهد والقناعة والرضا».

وقال: «إن البيت المسلم الذي أقامه الرعيل الأول، جعل منهجَه الإسلام قولاً وعملاً، صبَغ حياته بنور الإيمان، ونهَل من أخلاق القرآن، فتخرج من أكنافه نماذجُ إسلامية فريدة، كتبت أروعَ صفحات التاريخ وأشدَّها سطوعاً. خرّج البيت المسلم آنذاك للحياة الأبطالَ الشجعان، والعلماءَ الأفذاذ، والعبَّادَ الزهاد، والقادة المخلصين، والأولاد البررة، والنساءَ العابدات. هكذا هي البيوت المسلمة لمَّا بُنِيت على أساس الإيمان والهداية، واستنارت بنور القرآن الكريم».

وأضاف «على البيت المسلم أن يعرف الله ورسوله ويحبهما ويطيعهما، ومن أحَبَّ شيئاً ذكره وتعلق به، ففي البيت المسلم صلاة ودعاء وقرآن يتلى وأحاديث تحفظ ويعمل بها في الحياة».

وأشار إلى أن «من أولى أولويات البيت المسلم وأسمى رسالة يقدمها إلى المجتمع تربية الأولاد، وتكوين جيل صالح قوي. ولا قيمة للتربية ولا أثر للنصيحة إلا بتحقيق القدوة الحسنة في الوالدين؛ القدوة في العبادة والأخلاق، القدوة في الأقوال والأعمال، القدوة في المخبر والمظهر».

واستطرد القطان في حديثه عن البيت المسلم، مشدداً على أنه «يحافظ على الصلاة بكل أفراده رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، ولا يسمح لأحد في البيت بترك الصلاة أو التهاون فيها».

وذكر أن «البيت الذي لا يغرس الإيمان، ولا يستقيم على نهج القرآن، ولا يعيش في ألفةٍ ووئام، ينجب عناصرَ تعيش التمزُّقَ النفسي، والضياعَ الفكري، والفسادَ الأخلاقي، هذا العقوق الذي نجده من بعض الأولاد، والعلاقات الخاسرة المحرمة بين الشباب والشابات، والتخلي عن المسئولية والإعراض عن الله والتمرُّد على القيم والمبادئ الذي يعصِف بفريق من أبناء أمتنا اليوم، ذلك نتيجة حتمية لبيت غفل عن التزكية، وأهمل التربية، وفقد القدوة، وتشتَّت شمله... البيت الذي يجعل شرائع الإسلام مفرقة، يأخذ ما يشتهي، ويذر ما لا يريد، إلى شرقٍ أو غرب، يُنشئ نماذجَ بشرية هزيلة، ونفوساً مهزوزة، لن تفلح في النهوض بالأمة إلى مواقع عزها وسُؤددها».

وتطرق القطان إلى سمات البيت المسلم، وقال إنه «يردُّ أمرَه إلى الله ورسوله عند كل خلاف، وفي أي أمرٍ مهما كان صغيراً، وكل من فيه يرضى ويسلِّم بحكم الله. حياة البيت المسلم وسعادته وأنسه ولذتُه في ذكر الله».

ولفت إلى أن «من سمات البيت المسلم تعاون أفراده على الطاعة والعبادة، فضعْفُ إيمان الزوج تقوِّيه الزوجة، واعوجاج سلوك الزوجة يقوِّمه الزوج، تكاملٌ وتعاضُد، ونصيحة وتناصر».

وتابع «الزوج في البيت المسلم يقوم بواجباته تجاه زوجته وأولاده وجميع أفراد أسرته، وكذلك الزوجة حريصة على أداء واجباتها تجاه زوجها وأولادها وجميع أفراد أسرتها»، مضيفاً أن «البيت المسلم يؤسَّس على علم وعمل، علمٍ يدله على الصراط المستقيم، ويُبصِّر بسبل الجحيم، علمٍ بالعقيدة الصحيحة، وآداب الطهارة، وأحكام الصلاة، وآداب الاستئذان والحلال والحرام، لا يجهل أهل البيت أحكامَ الدين، فهم ينهلون من علم الشريعة في حلقة علم بين الفينة والأخرى.

وأردف قائلاً: «من سمات البيت المسلم أن أسراره محفوظة، وخلافاته مستورة، لا تُفشى ولا تستقصى».

ورأى القطان أن «البيت المسلم، يقيم علاقاتِه مع المجتمع على أساس الإيمان، إنه يزداد نوراً بزيارة أهل الصلاح، فالمؤمن كحامل المسك؛ إما أن يعطيَك، وإما أن تشتريَ منه، وإما أن تجدَ منه ريحاً طيبة. ولا يدخل البيتَ المسلم من لا يُرضَى دينه، فدخول المفسد فسَاد، وولوجُ المشبوه خطرٌ على فلذات الأكباد، بهؤلاء فسدت الأخلاق في البيوت، وفشا السحر، وحدثت السرقات، وانقلبت الأفراح أتراحاً، بل إنهم معاول هدم للبيت السعيد».

وتابع «البيت المسلم تتعمّق صلاتُه وتزداد رسوخاً بإحياء معاني التعاون في مهمات البيت وأعماله»، منوّهاً إلى أن «هذه السعادة في البيت المسلم لا تتحقق بتوافر المسكن الفاخر والأثاث الفاخر والملابس الفاخرة، هذا فهمٌ خاطئ للسعادة».

وأوضح أن «السعادة تتوافر بتحقيق تقوى الله عند كلٍّ من الزوجين، ومراقبتِه في السر وفي العلن وفي الغيب والشهادة، تتحقق السعادة بأن ينظر كلٌّ من الزوجين إلى الزواج على أنه عبادة يتقرب كلٌّ منهما إلى الله بحسب أداء واجباته الزوجية بإخلاص وإتقان».

العدد 5012 - الجمعة 27 مايو 2016م الموافق 20 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً