العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ

الحاجة إلى ممثل أممي لحماية الصحافيين

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تسعى اليونسكو في السنوات الأخيرة إلى تنفيذ خطة عمل في الأمم المتحدة تتعلق بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب. وهو ما يأتي ضمن استراتيجية حماية الصحافيين وتعزيز أساليب الإعلام بصورة مستقلة في أوضاع الأزمات. إذ يمكن لوسائل الإعلام المختلفة المساهمة في تخفيف حدة المعاناة الإنسانية وإنقاذ الأرواح، فضلاً عن المساهمة في الحد من المخاطر، عن طريق إجراءات درء الكوارث والتخفيف من وطأتها وإعداد الناس لمواجهتها، وتصحيح الشائعات وتمكين المواطنين والعاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية. كما تُعتبر سلامة الصحافيين وحرية الصحافة قضيتين مهمتين تعزّزهما الأمم المتحدة كجزء من الهدف الـ16 للتنمية المستدامة.

وعليه فما حدث داخل أروقة الأمم المتحدة الخميس الماضي (26 مايو/ آيار 2016) متمثلاً في رفض اعتماد طلب لجنة حماية الصحافيين كمنظمة غير حكومية لدى الأمم المتحدة، من قبل عشر دول أعضاء صوّتت ضد هذا الطلب، من بينها الصين وروسيا، يعد أمراً سيئاً، خاصة في ظل وجود مجموعة من الدول لا تحترم حرية الصحافة ولا تحترم عمل الصحافيين، وتستمر في سياسة القمع بشتى أشكاله وأنواعه.

موريتانيا و»إسرائيل» والولايات المتحدة واليونان وغينيا وأورغواي أيّدت الطلب، لكن بلداناً مثل تركيا وإيران والهند امتنعت عن التصويت، وهو ما علّقت عليه السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور قائلةً: «خيبة أمل كبيرة لرفض الطلب أو عدم التصويت»، وقالت إن واشنطن ستطلب في يوليو/ تموز المقبل، التصويت مجدداً عليه من مجمل أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة».

الأمر غير مستغرب طالما هناك دول أعضاء في مجموعات الأمم المتحدة تستخدم أساليب ملتوية وبيروقراطية لتخريب جهود من يفضحون انتهاكاتهم ضد الصحافيين ومحاولات لردع عملهم عبر سياسة تكميم الأفواه خاصةً وأن هذا الطلب يعود للعام 2012، وتم تأجيل التصويت عليه سبع مرات في الماضي لدوعٍ إجرائية.

وتتخوّف دولٌ من أن يتيح وضع منظمة غير حكومية دخول مكاتب الأمم المتحدة بسلاسة أكبر، إلى إسماع صوت المجتمع المدني في ظل استمرار انتهاكات العاملين في الحقل الصحافي. وقد أطلق عددٌ من المنظمات والصحافيين وشخصيات عامة، نداءً يطالبون فيه بتعيين ممثل خاص لدى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الاضطلاع بمسألة سلامة الصحافيين. وقد صدر هذا الاقتراح من منظمة «مراسلون بلا حدود» و»لجنة حماية الصحافيين» إضافةً إلى «الجمعية العالمية للصحف وناشري الأنباء» و«رابطة مراسلي الأمم المتحدة» و «هيومن رايتس ووتش» وغيرها، لأجل إنشاء منصب لممثل خاص لدى الأمين العام للأمم المتحدة يُعنى بمسألة سلامة الصحافيين. يحث فيها على منح الممثل الخاص الوزن السياسي الكافي والقدرة على الاستجابة السريعة والشرعية اللازمة للتنسيق بين جميع هيئات الأمم المتحدة في سبيل حماية سلامة الصحافيين.

ويتمثل الهدف من هذه الخطوة في وضع آليةٍ ملموسةٍ تُمكن من تنفيذ ما تنصّ عليه أحكام القانون الدولي، وهو ما من شأنه أن يقلّص في نهاية المطاف عدد الصحافيين الذين يلقون حتفهم كل عام أثناء القيام بواجبهم المهني أو لأسباب تتعلق بعملهم الإعلامي. فبمجرد إلقاء نظرة على الإحصائيات، يتبين أن اعتماد قرارات الأمم المتحدة بشأن حماية الصحافيين ومكافحة الإفلات من العقاب، على كثرتها، لم يُسفر عن نتائج ملموسة، علماً أن ما لا يقل عن 787 صحافياً ومعاوناً إعلامياً قُتلوا بسبب نشاطهم المهني على مدى السنوات العشر الماضية.

إن التعبئة الصحيحة لصالح هذه الحملة الدولية تتزايد على نطاق واسع يوماً بعد يوم، وإذا عمدت الأمم المتحدة إلى إنشاء منصب الممثل الخاص، سيصبح بإمكان الصحافيين استعادة الأمل في العمل في ظروف أفضل من حيث الأمن والسلامة. فمن دون حماية فعالة للصحافيين، سيتعذر ضمان الحق في الحصول على المعلومات، وسوف تستعصي معه محاربة البروباغندا التي تتحكم في نقل المعلومة والمؤسسة الصحافية والتطرف العنيف من خلال استهداف الصحافيين عبر وسائل شتى من خلال ما خلّفته اليوم الثورة الرقمية. فمن القصف بالطائرات والملاحقات وصولاً إلى الخطف والقتل والتهديد عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ولذا من الواجب حماية الصحافيين ضد الهجمات والتهديدات التي تطالهم، واعتماد ممثل خاص من أجل الاضطلاع بمسألة سلامة الصحافي، الذي يمكنه تحقيق أشياء عظيمة إذا كانت مهمته واضحة وصلاحياته قوية، خصوصاً في ظل التحديات التي تواجه كل صحافي مع تقلبات المشهد السياسي في كثير من بلدان العالم، وبات وجوده مصدر خطر وقلق للحكومات والتنظيمات الإرهابية التي تقمع عمل الصحافي وتريد إيصال صورة مغايرة عن واقع ما.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:10 ص

      الصحافيون في كل مكان يعملون في بيئة خطر.

    • زائر 1 | 2:07 ص

      بعد 5 سنوات عرفنا وتيقنا أن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لا تستطيع ان تهشّ ولا تكشّ ولا تنشّ هي مجرد مكان ومقرّ لاصدار بعض بيانات الادانة والاستنكار والشجب والقلق لا أقل ولا أكثر .
      لذلك لا تتعشموا خيرا في حماية من لا يستطيعون حماية انفسهم

    • زائر 4 زائر 1 | 8:17 ص

      مقرر اممي طموح يتحقق لصالح بعض الدول

اقرأ ايضاً