العدد 5021 - الأحد 05 يونيو 2016م الموافق 30 شعبان 1437هـ

الكل يرحب بقدوم شهر رمضان المبارك... ولكن!!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا أحد في المجتمعات العربية والإسلامية يعلن عدم ترحيبه بشهر رمضان المبارك، فالكل يعلن احترامه وتقديره لقدوم الشهر الكريم، والكل، شعوباً وأنظمة يتغنون ويهنئون بحلوله؛ لأنه شهر القرآن الكريم، ربيع القلوب ومرطب النفوس ومنعش الروح، وشهر الفضيلة والمودة والمحبة والبذل والعطاء السخي وشهر القرب من الله عز وجل، وشهر الإنتاج والحيوية والنشاط، وشهر حباه الله بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وشهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق أبواب جهنم، وشهر يكون فيه النوم تسبيحاً، وشهر يكون فيه الأجر والثواب مضاعفاً، وشهر لا يساويه أي شهر من شهور السنة في الفضل والقداسة، ولأنهم يعلمون بعظمة الثواب الجزيل الذي أعده الله للصائمين والقائمين والمطيعين من عباده، ويعلمون أن شهر رمضان المعظم هو جامعة تربوية عالية المستوى لمراجعة السلوكيات ومراقبة ومحاسبة النفس في الأوقات، ويعلمون أنهم لو تعاملوا مع الشهر الفضيل بصدق وإخلاص سينعكس ذلك إيجابيّاً على سلوكياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية الإنسانية وعلى واقعهم العملي، ويعلمون أن الصيام الحقيقي هو الذي تصوم معه كل الجوارح والجوانح وهو الذي يزود الإنسان الصائم بالقيم الأخلاقية السامية، التي ترسخ مبادئ التسامح والتعايش السلمي والتكافل الاجتماعي وصلة الأرحام، وكلها إذا ما توافرت بالتأكيد أنها تساعد على التلاحم بين مختلف مكونات المجتمع الواحد، فلهذا يطلب من الصائم الذي لا يرى أية تغييرات في سلوكياته وفي طباعه السلبية وفي علاقاته الإنسانية، مراجعة كل شروط ومتطلبات الصيام النفسية والمعنوية والإنسانية والاجتماعية والمعرفية والمادية، هل حققها كما أراد الله تعالى أم لا؟؛ لأن التغييرات الإيجابية لا تحدث إلا إذا جعل الصائم صومه قربة لله تعالى وليس قربة للناس، فالصائم العاقل الواعي، لا يظلم أحداً ولا ينتهك حقوق الآخرين، ولا يشتم من يختلف معهم، ولا يخدش مشاعرهم ولا يمارس الغيبة والنميمة والإيقاع بين الناس، ولا يأكل أموال الناس بالباطل ولا يستخدم الغش والتدليس في معاملاته، ولا يكذب على الله ورسوله في مختلف الظروف والأحوال، ولا يسقط ما يعانيه نفسيّاً على الآخرين، ولا ينتقم لنزواته من المستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يحقد على كل من يختلف معه في الانتماء أو في الرأي، ولا يسمح لعقله التفكير في فعل الشر بالآخرين، ولا يعطي لنفسه الحق لأن تمتد يده لتسرق قوت الناس من أفواهم، ولا يتسامح مع عينه إذا ما أرادت أن تنظر إلى ما حرم الله، ولا يتساهل مع رجله إذا ما أرادت جره إلى أماكن المعصية، ولا يقبل أن يدخل في معدته أي شيء حرام أو مشتبه فيه، سواء كان من المأكولات أو المشروبات، ولا يسوف في عمله ولا يطلب ما ليس له ولا يأخذ حق غيره، ولا يفكر في أكل مال اليتيم بالجور، فأي إنسان صائم يستطيع بإرادته أن يجعل صومه مؤثرا تأثيرا إيجابيا في نفسيته ومعنويته وفي تعاملاته وعلاقاته الإنسانية والاجتماعية، في بلدنا الحبيب لا يختلف الناس كثيرا في تعاملهم مع شهر الرحمة والبركات عن باقي البلدان العربية والإسلامية، نجد الناس فيه ينقسمون في كيفية استقبالهم له إلى عدة أقسام، ومن ضمنها:

القسم الأول: كثير من المواطنين يغيرون من نمط حياتهم في هذا الشهر الكريم، ويفتحون مجالسهم ليليا، لتلاوة القرآن وقراءة الأدعية المأثورة عن رسول الله (ص) والأولياء الصالحين والصديقين، ويستقبلون أقاربهم وضيوفهم المهنئين لهم بحلول الشهر الكريم بقلوب طيبة راقية وبكرم منقطع النظير، ويتوجون عملهم بالتصدق على الفقراء.

القسم الثاني: رغم الوضع الاقتصادي غير الجيد لمعظم الأسر البحرينية، فإنها لم تترك عادتها الحسنة في تقديم تبرعاتها للجمعيات الخيرية التي أخذت على عاتقها إيصالها للأسر المتعففة التي ليست لها قدرة على تسيير حياتها بحدها الأدنى، وهدفها نيل الثواب الجزيل من الله جلت عظمته.

القسم الثالث: بعض الميسورين في بعض لياليه يقيمون لضيوفهم الولائم والغبقات وكل ما لذَّ وطاب من مختلف أصناف المأكولات والمشروبات المباحة، احتفاء بالشهر الفضيل، راجين من الله أن يمد أعمارهم ويزيد في أرزاقهم.

القسم الرابع: كثير من الناس يشتغلون بصلة الأرحام وزيارة الأصدقاء، ويزيدون من علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية، ويستأنسون نفسيا ومعنويا وهم يعطون صدقاتهم للجمعيات الخيرية التي توصلها للأسر المحتاجة، ويحرصون على إخراج زكواتهم المستحبة وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ويتنقلون بين مجالس الوعظ والإرشاد، للاستفادة من المحاضرات والندوات التي تقدم فيها مختلف المعارف الإسلامية.

القسم الخامس: فأما أصحاب المقاهي والملاهي فإنهم يعدون لمرتاديها من مختلف الأعمار والفئات، الشيشة والألعاب الملهية، ويفهمون أن شهر رمضان شهر وناسة، ولا تحلو الوناسة من وجهة نظرهم الخاطئة إلا باللعب واللهو، وترى مرتاديها يرددون عبارة، ساعة لربك وساعة لقلبك، فيعتبرون صيامهم عن الأكل في النهار هي الساعة الخاصة لربهم، واللهو واللعب في مثل هذه الأماكن هي الساعة لقلوبهم.

القسم السادس: جماعات من الشباب يعدون لهم الخيام المجهزة بمختلف التجهيزات البسيطة، ولا يختلف فهمهم لمفهوم الصيام كثيرا عن فهم القسم السابق للصيام، الفارق بينهما أن تلك الأماكن مفتوحة وهؤلاء يميلون إلى اللعب واللهو في الأماكن المغلقة.

القسم السابع: كثير من الناس يشتغلون بصلة الأرحام وزيارة الأصدقاء، ويزيدون من علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية، ويستأنسون نفسيا ومعنويا وهم يعطون صدقاتهم للجمعيات الخيرية التي توصلها للأسر المحتاجة، ويحرصون على إخراج زكواتهم المستحبة وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ويلتزمون بحضور مجالس الوعظ والإرشاد.

القسم الثامن: بعض الناس يقضون نهارهم في النوم، ويضيعون لياليهم إلى قرب الفجر في السهر العبثي، ويتعاملون مع الشهر الكريم وكأنه شهر السهر والغضب والكسل والخمول وسوء الخلق، وهذه الفئة لم تستوعب متطلبات الشهر الكريم بالشكل المطلوب.

كل ما ذكرناه آنفا، قليل من كثير من العادات الخيرة وغيرها من العادات غير المحمودة عرفا وشرعا، فلهذا قالوا إن كل عمل لا يوصل صاحبه إلى رضى الله تعالى لا قيمة له عند العقلاء الواعين، وقالوا أيضا إن إختلاف تعامل الناس مع شهر رمضان الكريم يرجع إلى فهمهم المتباين لمتطلبات الصوم، لا ريب أن هناك فرقاً كبيراً بين من يريد أن يكون صومه صحيحاً ومقبولاً عند الناس حتى ولو كان في الحد الأدنى، وبين من يريد أن يكون صومه صحيحاً ومقبولاً عند الله تعالى في أفضل صورة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5021 - الأحد 05 يونيو 2016م الموافق 30 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 9:54 ص

      فرحتنا غير مكتملة

      لن تكتمل فرحتنا في هذا الشهر الكريم اﻻ باﻻفراج عن اوﻻدنا المسجونين . انا ام لمسجون وتخنقني العبرة حين اتذكره واتذكر كل المعتقلبن.. يارب بحق الشهر الفضيل اكرمنا بالفرج العاااااحل .

    • زائر 5 | 6:05 ص

      شهر رمضان بنسبه الى البحارنه ليس فرح لانه اولادنا وشيوخنا ونسائنا قابعين فى السجون ذنبهم انهم طالبو بحقهم لو هم صحيح يقدرون شهر رمضان ويراعون الله شان افرجو عن معتقلينا الابرياء المشتكى لله والله اصبرنه على هادى المحنه

    • زائر 4 | 12:20 ص

      احسنتم استاذ ..

      نهنئكم بالشهر الفضيل وتقبل منا ومنكم صالح الاعمال .

    • زائر 3 | 11:06 م

      جزاك الله خيرا
      وتقبل الله أعمالكم

    • زائر 2 | 10:16 م

      شهر الله اﻷعظم

      احسنت جزاك الله خير ياليت قومي يعقلون ياليت قومي يفهمون ماهية شهر رمضان رزقنا الله واياكم صبامه وقيامه وفرج اللهم عن جميع المؤمنين همهم وكربهم

    • زائر 1 | 9:48 م

      مقال رااااائع جزاك الله خيرًا

اقرأ ايضاً