العدد 5033 - الجمعة 17 يونيو 2016م الموافق 12 رمضان 1437هـ

أثر البيئة المحيطة في النجاح والفشل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أسئلة تتكرر عن طبيعة الإنسان، ولماذا أن شخصاً مثل ستيف جوبز (أمُّه أميركية) يتفوّق ويقود شركة «أبل» التي تنتج المعدّات والهواتف الذكية، وماذا كان سيحدث لو أن جوبز، مثلاً، لم يتخلَّ عنه والده السوري، وعاد معه إلى سورية؟ أيضاً، كيف يمكن للبنغالي جاود كريم (أمُّه ألمانية) أن يؤسس مع اثنين شركة «يوتيوب» YouTube، التي تغزو كُلَّ مكان عبر الانترنت بما تقدّمه من خدمات؟ وكذلك، كيف يمكن للإيراني الأصل «پير مراد أميديار» أن يؤسس الشركة الرقمية العملاقة «إي باي» eBay المتخصصة في التجارة الإلكترونية، وخدمات البيع، وما بعد البيع؟

هناك نماذج كثيرة يمكن التطرُّق لها، وليس مُستبعَداً لو أنّ مثل هؤلاء الأفراد تواجدوا في مجتمعاتهم التي تنتمي إليها أصولهم لربما أنهم قد يتخصصون في مهن وممارسات بعيدة كُلَّ البُعد عمّا هم عليه حاليّاً.

وسعياً للإجابة العلمية عن مثل هذه الأسئلة، فإنّ هناك من علماء الجينات والنفس والاجتماع من يطرح بأنّ «الجينات» الوراثية تتأثر بجانبين؛ الجانب الأول شخصي، وهذا ينتقل عبر الوراثة المباشرة، والجانب الثاني اجتماعي، وهو يتطوّر مع حياة الإنسان بسبب البيئة المحيطة. وللتوضيح، يستدل أحدهم بالقول إنّ كُلَّ واحد من الجينات gene يتكون من اثنين أو أكثر ممّا يُسمى بـ «أليل» allele، وكُلُّ «أليل» يعطي شكلاً من الأشكال البديلة لجينات الفرد. وعليه، بحسب هذا الرأي، فإنّ الشكل البديل يتطوّر بسبب سلوك الجماعة المحيطة بالفرد، ولذا يمكن لفرد بذيء جدّاً في بيئة معيّنة، أن يكون أديباً مرموقاً ومحترماً لو أنه عاش في بيئة مختلفة.

إن هذا يفسر كيف يتأثر الفرد ببيئة محيطة تضغط عليه وتدفعه باتجاه معيّن، ونحو مسلك حياتي معين؛ كما أنّ البيئة المحيطة تدفع هذا الفرد لأن يتنافس، ويبرز قوّته للفوز بمراتب متميّزة بحسب موازين المحيط الذي ينتمي إليه. ولذا فإنّ المبتكر لو نقلته إلى بيئة لا تعطي أيَّ تقدير أو اهتمام للمبتكرات الإنسانية التي تقدمها نماذج الشركات أعلاه، فإنه لن يستطيع تحقيق ما حققه جوبز وأمثاله. بل على العكس، فقد يتجه بعضهم لإعادة ابتكار العادات السيئة والأحقاد الجاهلية.

هذا الحديث يرتبط بمعاني الحياة، وكيف يمكن لمجموعة من البشر أن ترتقي إلى الأعلى عبر الاستفادة من بعضها البعض، بينما تتآكل مجموعات أخرى عبر إضعاف قدراتها الخلاقة. غير أن الإنسان، بصفته فرداً، قادرٌ على اختيار ما يراه ملائماً لجوهر معانيه، والمجتمعات أيضاً قادرة على اختيار ما يلائمها عبر تنشيط بيئة مناسبة لرؤيتها ورسالتها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5033 - الجمعة 17 يونيو 2016م الموافق 12 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 57 | 8:05 م

      النماذج التي ذكرتها يا دكتور ولدت وتربت وتعلمت في أوربا وأمريكا فلذا تحققت كل أمانيهم ووصلوا إلى المراكز العليا ، ولو أنهم عاشوا في الدول النامية ، فكثير عليهم إذا ما تخرجوا من الجامعات والتحقوا بوظيفه.

    • زائر 55 | 1:43 م

      اعتقد بعد أحداث الربيع العربي قلت فرص النجاح أمام الكثيرين بسبب الزلزال الذي حدث في الدول و منها مملكتنا ما رأيك دكتور هل توافقني الرأي ؟؟ و الكثير من الناجحين و المميزين في سوريا و العراق و مصر و غيرها قتلوا أثناء الموجة الجنونية.. ام محمود

    • زائر 56 زائر 55 | 4:04 م

      نعم أختي

      أوافقك

    • زائر 52 | 7:54 ص

      النجاح و الفشل ليس في أيدي الناس ربما الحظ أو الأقدار أو التربية منذ الصغر و توجيهات الآباء و الأمهات و وقوف المجتمع أو الدولة مع المبدعين في المجالات المختلفة حتى لو الإنسان ناجح فسيكون هناك من يضع العراقيل أمامه لإحباطه ..

    • زائر 50 | 7:24 ص

      الكلام صحيح مئة في المئة واني بعد كبحرينية عندي احلام وطموحات لا يتقبلها المجتمع ولكنها اندفنت بسبب المجتمع لو كنت في اوروبا او أمريكا طبعا حققت هالحلم في مجال الرقص والأزياء وتفوقت عليهم بعد

    • Sabah Al Fardan | 4:59 ص

      البيئة مهمة و الافراد المحيطين من عائلة او زوج او زوجة هناك اناس عصاميين تسلقوا الجبال لوحدهم و مشوا في الطرق الوعرة و حصدوا النجاح .. بشكل عام البيئات العربية مدمرة و الاستعمار الحديث ما قصر حرف الشباب للدعارة و الفساد الاخلاقي و الطائفية بدل العلم و التطور

    • Sabah Al Fardan | 4:54 ص

      عندما كنت في الثانوية كانت مدرسة العلوم متفوقة جدا و الشرح نموذجي و مثالي و كأنك تستمع ل محاضر عريق في الجامعة فجأة هذه المعلمة الطموحة تركت التدريس و سافرت الى امريكا و عادت بعد عامين طبيبة نساء و متخصصة في العقم الانسان يستطيع تحقيق المستحيلات ب الارادة

    • زائر 43 | 4:40 ص

      المشكلة الكبرى لدى الكثير من المبتعثين للغرب من المسلمين هو عدم الاندماج في المجتمعات الغريبه. فهم يخلقون لهم بينه مشابهه لبيانهم الاصيله وينكمشون فبها مما يقلل من مستوى الإبداع الفكري لديهم.

    • زائر 41 | 4:18 ص

      زائر 33

      إتعايرنه لأنا فقارة وتقول 11 مليون عاطل عن العمل هذا لا يجوز يا أخي الفقر مو عيب
      هؤلاء نستطيع...

    • زائر 49 زائر 41 | 5:48 ص

      نعم هذا لا يجوز

      ليس عيباً أن يكون الانسان فقير ولا تجوز معايرته بذلك
      هؤلاء العاطلين الفقراء لا ذنب لهم في مشكلتهم هم عاطلون عن العمل لأنه لا توجد فرص عمل لهم في بلادهم فماذا تريد منهم أن يفعلوه ؟
      هل يخرجون في مسيرات مليونية تطالب النظام بتوفير وظائف مناسبه لهم وهم يعرفون أنه لا توجد لهم وظائف شاغرة في الجمهورية !
      أم تريد منهم أن يهاجروا إلي دول أخري بحثاً عن لقمة العيش !
      هم عليهم الانتظار فقط حتي يفرّج الله كربتهم .

    • Sabah Al Fardan | 3:47 ص

      الذكاء عزيزي الدكتور هو الذي يلعب دورا في التقدم العلمي و التكنولوجي و بيل غيتس و النماذج التي ذكرتها بالاضافة الى مؤسس الفيس بوك و مؤسس الواتس اب و من العلماء القدامى جاليليو و نيوتن و اينشتاين و غيرهم عاشوا في بيئات و مجتمعات و ابدعوا فيها كل الابداع لانهم عباقرة

    • زائر 40 Sabah Al Fardan | 4:17 ص

      ولكن هناك مجموعة من العباقرة الذين لم يستغلوا ذكائهم بطريقة صحيحة و هذا هو لب المقال.
      تذكرت احد الأشخاص في فريقنا وضعه يجيب الحسرة ذكي بدرجة لا تستطيع تصورها و لكنه لم يستغل ذكائه بالطريقة القصوى و هو يبدو كشخص عادي جدا يعمل بوظيفة متواضعة و يقضي أوقات ما بعد عودته من الوظيفة في القراءة النهمة للكتب

    • زائر 20 | 2:29 ص

      حتى في التعليقات مقارنات طائفية. الموضوع عام و الافضل الانسان ينظر داخل بيته ويحل مشاكله بدل ما ينتقد جاره.

    • زائر 15 | 1:50 ص

      لا والله صار الروك ابداع والله حاله

      ما تقول ليي ويش قدمت فرق الروك للبشرية من تقدم المقال قاعد يذكر لك ناس قدموا شي للبشرية وانته قاعد تذكر ناس يشجعون على تدمير المجتمع أخلاقيا ويبون يتعدون على القوانين. البلد إسلامي صرف واجب عليهم انهم يحترمون القوانين

    • زائر 8 | 11:33 م

      أحنى بيئتنا غير عن البيئة الأوروبية!مثلنا مثل العشرة الديجه والدجاجه الوحده! كأنه أمجمعين في قفص ضيق ما فيه مساحه كافية وامجوعينا وحاطين لينا دجاجه وحده واحنى اديجة نتهاوش على المساحه والاكل وعلى الدجاجه! قوتنا بس اتبين في الديج الضعيف الطيف! بينما فيه بره من يطالع الديجه يتهاوشون ويتضحك عليهم!

    • زائر 7 | 10:07 م

      فعلا ومن المؤسف أن لا يجد الشاب العربي المثقف المتعلم البيئة المناسبة له لكي ينمو ويتطور ويخدم المجتمع

    • زائر 10 زائر 7 | 1:19 ص

      وكذلك الشباب الايراني و الباكستاني و الماليزي و الاندنوسي و البنقالي ما الرابط المشترك بين كل هذه الشعوب ؟ الجواب هو السبب مع تحياتي

    • زائر 25 زائر 10 | 2:41 ص

      الرابط المشترك هو الدين الاسلامي بين هذه الشعوب ؟

    • زائر 5 | 10:02 م

      في امريكا افضل طبيب قلب من اصل لبناني لو كان في لبنان اعتقد كان سيكون بياع فلافل

    • زائر 2 | 9:40 م

      ببساطه انه دول الغرب و امريكا دول علمانية و مدنية و الدين تم تخصيصه فقط في اماكن العبادة اما هنا الوضع مختلف تماما الدين يتخل في كافة الامور في السياسيه و الرياضة و المجتمع و العمل .، و لهاذا لو رجعنا لافضل 30 دوله في العالم من ناحية نظافة الدول و عدم وجود فساد اقتصادي و اداري سنجده جميعا دول علمانية تفصل الدين عن السياسة و لهذا العلمانية هي الحل و لمن سيعترض على ماطرحت اتمنى تسمية 3 دول دينية اسلاميه في الدستور متقدمه و ناجحه و لك جزيل الشكر

    • زائر 1 | 9:37 م

      مجتمعنا المشكلة في...

اقرأ ايضاً