العدد 5034 - السبت 18 يونيو 2016م الموافق 13 رمضان 1437هـ

الكراهية احتقار للنفس البشرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يوم الخميس المقبل (23 يونيو/ حزيران 2016) سيُصوِّت البريطانيون في استفتاء عام حول بقاء أو خروج بلادهم من عضوية الاتحاد الأوروبي... وكانت الموازين متقاربة حتى وقت قريب، غير أنّ قيام رجل يميني مُتطرِّف في 16 يونيو 2016 بقتل عضوة البرلمان البريطاني جو كوكس (41 عاماً) والمعروفة بمناصرتها للقضية السورية وللمهاجرين وللبقاء في الاتحاد الأوروبي، قد يغير تلك الموازين.

إنّ الحيرة التي تفرضها جريمة قتل عضوة البرلمان تجعل الذين يدعون إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي في قفص الاتهام بأنهم غذّوا العنصرية والكراهية إلى الدرجة التي شجّعت على استرخاص النفس البشرية، وفي هذا الجانب يكمن الفرق بين توجُّهين تحتكم إليهما المجتمعات. فهناك توجُّه يسترخص النفس البشرية، ويُبرِّر قتلها، وقد لا يفرح أتباع هذا التوجُّه إلا بعد أن تتراكم جثث مَن يختلفون معهم في كُلِّ مكان. في مقابل ذلك، هناك التوجُّه الذي يُقدِّسُ النفس البشرية ويضعها في مكانة لا يمكن أن تنالها الإهانات أو الاعتداءات الحاطّة من الكرامة بأيِّ شكل كان، وتحت أي عذر كان.

المتطرِّف اليميني الذي قتل كوكس ورّط الداعين إلى الخروج عن الاتحاد الأوروبي؛ لأنه عندما قتلها هتف بهتافات ضدّ من يدعو إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي. لقد سارع رئيس الوزراء البريطاني بالتصريح بعد الحادثة قائلاً: «حينما نرى الكراهية نجد الانقسام، حينما نرى التعصُّب يجب دفعه بعيداً عن حياتنا السياسية، وحياتنا العامة ومجتمعاتنا».

أمّا رئيس حزب العمال المعارض جيرمي كوربين فقد ألقى باللوم على «بؤر الكراهية»، واعتبر الحادث «هجوماً على الديمقراطية»، وقال إنه كان لها أثر كبير في الدفاع عن الحقوق والحريات والوقوف في وجه العبودية قبل أن تُنتخَب في المنطقة التي وُلدت وترعرعت فيها.

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، رهن العالم استقرار الأمن العالمي، وتحقيق التنمية المستدامة، بمفهوم الكرامة الإنسانية؛ ولذا أصدرت الأمم المتحدة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، الذي يُقدِّسُ النفس البشرية ويُقدِّمُها على كُلِّ شيء. أمّا الكراهية، فهي على العكس من ذلك، ولا ترى إمكانية التعايش مع مَن يختلف معها في الرأي، وذلك لأنها فلسفة تقوم على احتقار النفس البشرية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5034 - السبت 18 يونيو 2016م الموافق 13 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 9:24 ص

      الله سبحانه اعطى الناس عقول لاكن الجهله كيف تقنعهم وهم يحملون كراهيه لبشر اكلو معهم الزاد لاكن قلوبهم مليانه شر فمستحيل تقدر تقنعهم

    • زائر 4 | 4:16 ص

      أصحاب المنابر

      يقع ع عاتق أصحاب المنابر والسياسة أكثر المصادر تلوثا بخطابات الكراهية والتمييز الطائفي البغيض الذي يميز القلة ع حساب الأكثرية التي تعاني التهميش ع جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية.

    • زائر 3 | 2:35 ص

      لقد عانت بلداننا من تغذية الكراهية وللأسف ساهمت فيها سياسات رسمية من خلال التمييز في الحقوق السياسية والخدمية والدينية وإفساح المجال لإعلام الشتم والكذب والاتهامات الواهية.

    • زائر 2 | 12:05 ص

      أكثر الشعوب :

      نحن أكثر الشعوب تشبعا للكراهيه ، نحن أكثر الشعوب تشبعا لإحتقار النفس البشريه ، نحن أكثر الشعوب لعدم إمكانية أن يتعايشوا معنا مجرد أن أختلفنا معهم في الرأي ، شبعنا سب وشتم وتخوين وتصنيف ولاءنا بالمزدوج والمركب وغيره وعلينا بالرحيل من البلد فورا !! وووو ...فهنيئا لنا .

    • زائر 1 | 10:36 م

      في كل بقاع الدنيا

      من ينطق بالحق ويتكلم عن الحقوق يكون مهدور الدم حقا انها الكراهيه والحقد واقع مر تحمله النبلاء على مر التاريخ وزادت وتيرته في هذه السنين

اقرأ ايضاً