العدد 5046 - الخميس 30 يونيو 2016م الموافق 25 رمضان 1437هـ

هلال لو هلالان

عاد منصور من جولته الليلية في مجالس القرية، ومن آخر مجلس خرج منه، حزينا كئيبا مشوش الأفكار، وخصوصاً من ذاك المتحدث الليلي الذي استلطف حديثه كل ليلة، إلا في هذه الليلة المشؤومة، إذ قلب أوراقه وبعثرها حينما أسر للناس بوجود عيدين لهذا العام لا عيد واحد؛ أي هلالين! وما زاد الطين بلة وكآبة حينما أشار بيديه الطويلتين إلى السماء قائلاً: «لاحظوا يا أحبتي الليلة واستهلوا، دققوا جيداً في السماء، هل سترون هلالاً؟ كلا لن تروا شيئاً هذه الليلة! مما يعني أننا سنشهد أكثر من هلال، فهلال في قرية أبي وهلال في قرية عمي، وآخر في مسقط رأس أمي؟ راح منصور يسرح مع نفسه متسائلاً: ما هذه الاستنتاجات والمهزلة المعشعشة طوال السنين؟ وما هذه الظاهرة الاختلافية التي نعيشها كل عام!

أيها الهلال الجميل، هلا هللت مرة واحدة بقرصك الأبيض الكبير لتخرج لنا وتطل بطلتك البهية، وتجمعنا على عيد وإفطار واحد، فنبارك لبعضنا بعضا على عيد واحد، وتقر بذلك أعيننا لم لا؟... آه كم تمنيت أن نتوحد على هلال واحد لا هلالين، ولم لا؟ أليس في الكون هلال واحد وشمس واحدة وسماء واحدة؟ فلماذا هذا الاختلاف في البيت الواحد؟ فأناس صائمون وآخرون فاطرون؟ لم الاختلاف فقط في رؤيته وبالذات في هلال شهر الله «شهر رمضان» أعظم الشهور، بينما في بقية الأشهر يتفقون؟ وكذلك في كسوف الشمس وخسوف القمر... فرد عليه زميله سالم صديقه المتوجه لدراسة الفلك، الذي لازمه من مدرسة إعدادية، حتى على مقاعد الجامعة، وإلى الآن يخرجان معاً ويلهوان ويسهران معاً... نعم أنتم عادة ما تصومون ونحن نفطر! لقد أشبعونا كثيراً بروايات كثيرة، ففرقوا بيننا حتى في الصوم؟ فلم لا نتفق أولاً وبالإجماع على طريقة واحدة لرؤية هذا الهلال، الكائن السحري الجميل الذي حولوه لنا إلى كائن مجهول صعب والكل يبحث عنه، وكأنه غريب مختفٍ، الهلال يا حبيبي مخلوق أليف، فلم حولوه إلى كائن مخيف وكذلك عيدنا إلى حزن.

جيراني صائمون ونحن فاطرون! لم لا نفرح كلنا ونمرح ونذهب للسينما أو نحضر حفلة ونذهب للمسرح! عاد منصور في محاولة ليكمل حواره، إلا أنه آثر الصمت.

مهدي خليل

العدد 5046 - الخميس 30 يونيو 2016م الموافق 25 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:18 م

      زائر 4و2 تعليقان لنفس الشخص نفس المضمون والطريقه باسلوب مختلف

    • زائر 4 | 9:57 ص

      الاختلاف

      الاختلاف في إثبات الهلال يرجع لاختلاف للمباني الفقهية ولا يخضع لرغبتي ورغبتك، وهذا عين الصواب. الصوم عبادة تحددها الأحكام الشرعية بضوابط معينة وليست فلكلورا شعبياً اجتماعياً

    • زائر 5 زائر 4 | 1:16 م

      ماله علاقه بالفقه يعتمد على لهلال مو على عيونك

    • زائر 2 | 1:33 ص

      هل مسألة الهلال مسألة مزاجية ؟؟؟
      بل هي مسألة فقهية لها احكامها الخاصة وهناك اختلاف بين الفقهاء فيها؛ ولادة الهلال فلكيا ، بالتلسكوب وبالعين المجردة ، فلا يجب اجبار الناس على اجتهاد واحد فقط .

اقرأ ايضاً