العدد 5066 - الأربعاء 20 يوليو 2016م الموافق 15 شوال 1437هـ

في الاستشهاد بالكتّاب الأجانب

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

بعد محاضرة للكاتب البحريني إبراهيم سند في أسرة الأدباء والكتّاب يوم الأحد الماضي، وأثناء مداخلات الجمهور، علّق أحد الحضور على استشهاد الكاتب بمقولات لكتّاب وعلماء من مشاهير العالم، واستخدامه إستراتيجيات تدريبٍ عالمية «إن هذا أمر معيب لنا نحن العرب»!

كان المتداخل مصراً على عدم اللجوء لأي كاتب غير عربي؛ بحجة أن تراثنا العربي مليء بالأسماء العظيمة، وأن هؤلاء الكتاب العالميين لم يستشهدوا قط بأي كاتب عربي. وأن الساحة العربية تزخر بأسماء لها ثقلها في مجال الكتابة يمكن الاستشهاد بها.

لا أنكر شيئا مما قاله المتداخل في تلك الليلة، وهو نفسه ما يعلق به كثيرون في مواضع أخرى. فأنا كغيري مؤمنة بأن تراثنا العربي ملهم ومليء بالجميل والعبقري والمختلف. وساحتنا الثقافية زاخرة بالأسماء المهمة التي لا تقل شأناً وإبداعاً عن بعض الأسماء التي اشتهرت عالمياً. وأن الكتاب والعلماء والمفكرين العالميين لا يستشهدون باسم عربي إلا ما ندر. لكن هذا لا يعني أن نشرنق أنفسنا في حيزنا الضيق، ولا نلتفت إلى ما يقوله غيرنا نحن العرب مهما كان عظيما، بسبب الحجج المذكورة أعلاه.

لا يلتفت الكتاب الغربيون لأسمائنا؛ ليس لأنهم لا يؤمنون بنا أو لأنهم يعتقدون بأننا أقل منهم؛ بل لأننا ببساطة لم نسعَ للوصول إليهم كما نسعى لوصول أصواتهم إلينا. هم يمتلكون مؤسسات ثقافية ورسمية تسعى إلى ترجمة أعمالهم إلى اللغات الأخرى المختلفة. ويمتلكون من يروّج لهم من داخل دولهم ومؤسساتهم في الخارج. ويجدون عرباً يسعون إلى ترجمة أعمالهم، وهذا أمر أراه صحياً ودليل نضج واهتمام من الجانبين؛ إذ من حقهم على دولهم أن تفخر بهم وتسعى لترويج نتاجاتهم، ومن حقنا نحن العرب أن نقرأ ما يكتبه غيرنا لنستلهم منه ونتعرف على ثقافات مختلفة عنا ونستمتع بجمال ما يكتب هنا وهناك. ولكن من حقنا أيضاً ومن واجبنا أن نسعى إلى إيصال أصواتنا إلى الخارج كما نسعى إلى استيراد تلك الأصوات.

أتذكر أنني وخلال مشاركتي في مهرجانين شعريين واحد في فرنسا والثاني في أذربيجان كنت سعيدة جدا بطريقة التلقّي التي واجهتها نصوصي المترجمة إلى لغتي تلك الدولتين، وكنت أكثر سعادة، وأنا أرى أن جزءاً من الجمهور يسعى إلى الوصول إليّ، ليسألني عن الوضع الثقافي والشعري تحديداً في بلادي، ويريد التعرف على الأسماء المتميزة لدينا في مجال الكتابة، فيكتبونها لأنهم سيبحثون عنها لاحقاً في الإنترنت كما أخبروني.

لا أرى عيباً ولا استجداءً في موضوع الاستشهاد بكاتب أجنبي، ولا أن هنالك مشكلة في قراءة أدب أو فكر أو أي كتاب مترجم عن أي لغة أخرى، مادام يحمل قيمة ثقافية وأدبية وفكرية ستضيف إليه. كما لا أجد مشكلة فيما يطرحه البعض في مسألة العودة للتراث أو النتاج الفكري والثقافي العربي، بشرط ألا يكون هذا جداراً يمنعنا عن رؤية من سوانا. ففي النهاية، الجميل والقيّم هو من يفرض نفسه مهما كان جنس وجنسية من كتبه.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5066 - الأربعاء 20 يوليو 2016م الموافق 15 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:35 م

      اختي العزيزه ليس المعيب في الاستشهاد بالكتاب الأجانب ولاكن المعيب هو أن الكتاب العرب لم يصلوا الى مستوى المصداقيه التي وصل اليها الكتاب و الباحثين و الأجانب .

اقرأ ايضاً