قال الناشط راشد الجاسم إن «البحرينيين اشتركوا سويّاً بوحدة وطنية، بسنتهم وشيعتهم، في دعم القضية الفلسطينية».

وقدم الجاسم في ندوة أقيمت في مقر جمعية «وعد» مساء الأربعاء (27 يوليو/ تموز 2016)، تحت عنوان: «العلاقات البحرينية الفلسطينية»، سردا لكتابه الذي يتحدث عن هذه العلاقة بين العامين 1917 و1982.

وذكر في مستهل حديثه أن «الكتاب الذي قمت بإعداده صدر لأنني وجدت ان التضامن مع فلسطين اصبح انتقائيا، وحدث ان التضامن يتم مع فصيل على حساب فصيل آخر، وقد صدر هذا الكتاب لإيصال رسالة إلى الإخوة في البحرين، والاخوة في فلسطين، مفادها أننا يجب أن نتكاتف من أجل أن تعود القضية قضية إجماع وطني».

وأضاف «سنتكلم عن العلاقات البحرينية الفلسطينية بين العامين 1917 وحتى 1982، وسنبدأ بالعلاقات الروحية، كون أن في فلسطين أول القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، وأهل البحرين متعلقون بها لما فيها من مقدسات».

وعرض الجاسم صورة للمواطن البحريني محمد يوسف بوحجي، الذي ذهب لقضاء اجازة العيد مع اصدقائه في فلسطين، وتعود الصورة إلى العام 1946، وتظهر فيها قبة الصخرة، ومثل هذه الزيارات كانت كثيرة، لكن كان يفقدها التوثيق».

وأردف «هناك ايضا عبدالرحيم الكوهجي الذي ذهب الى العلاج في الاردن، وكان يتمنى بعد العلاج ان يذهب الى القدس، لكن وافته المنية في عمان، فقرر ولده دفنه في فلسطين، ونلاحظ ان هناك بحرينيين عيدوا في فلسطين وبحرينيين دفنوا فيها».

وتابع الجاسم «أما العلاقات العلمية بين البلدين، فالشيخ عبدالوهاب الزياني ألقى محاضرات في القدس بين العامين 1915 و1918، ولدينا صورة له هناك مأخوذة من صحيفة فلسطينية، وهي الصورة الوحيدة الموجودة له هناك».

وبيّن أن « علماء فلسطين، وخاصة علماء الخليل، شكلوا اهمية لدى علماء البحرين، فالشيخ محمد الحجازي درس لديهم في فترة الثلاثينات من القرن الماضي، ونال الاجازة العلمية من علماء الخليل، ومن جهة اخرى، فإن جامعات فلسطين كانت رائدة، والشيخ سلمان بن الشيخ محمد بن عيسى درس في كلية الحقوق في العام 1946».

كما عرض الجاسم أيضا صورة لأول بعثة فلسطينية في العام، يظهر فيها يوسف الحموري، الذي كان له دور في تأسيس ناد للطلبة، الذي تحول لاحقاً الى نادي الاصلاح، ولكن تم ترحيله بعد أن قام بدور يعتبر نوعا ما سياسيا، حيث قام الانجليز بترحيله عن طريق المستشار، وحدثت مظاهرات تضامناً معه في العام 1940.

وفي حديثه عن العلاقات التجارية والاستثمارية بين البحرين وفلسطين، قال الجاسم: «الشيء الجميل انني وجدت قصاصة قديمة من مجلة «صوت البحرين» وجدت فيها عن رحلة بحرينيين الى القدس، يتحدثون عن انهم ذهبوا الى بيت لحم، ومروا بمنطقة مشهورة بالصدف ويصنعون فيها الشمعدانات وكراسي المصحف، وكانوا يصنعونها من المحار البحريني الى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث انتقلوا الى استخدام المحار الأميركي».

وأكمل «الى جانب الاستثمارات الكبرى في البلاد، كمطبعة البحرين لعبدالله الزايد، الذي استعان في ادارتها بخبرات فلسطينية مثل نوح افندي ابراهيم، الذي اسس المطبعة في العام 1934، ومن ثم غادر البلاد للالتحاق بثورة القسام واستشهد في العام 1938».

وواصل «أما المحور الرابع، وهو المحور الأهم فهي العلاقات التضامنية البحرينية الفلسطينية، وهنا أول ما يستحضرنا شعار «من رام الله للبحرين، شعب واحد لا شعبين»، ففي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، بدأت بعض الافكار الاصلاحية التي تمثلت في افكار جمال الدين الافغاني وعبدالرحمن الكواكبي والشيخ محمد عبده، والسيد أحمد وأقرانهم في العراق وايران، وافكارهم مشتركة في محاربة الاستعمار والمشاركة في القرار، وانشاء المجالس المنتخبة، والتعليم النظامي ومحاربة التبشير، وانتقلت هذه الأفكار الى البحرين عن طريق الطلبة البحرينيين الذين كانوا يدرسون في الجامع الأزهر، وعن طريق تجار اللؤلؤ الذين كانوا يدرسون في الجامعة الاسلامية في الهند، وانتقلت ايضا عبر الصحف العربية مثل «المقتطف» و»المنار» و«الهلال»، وكانت هذه الصحف تُتداول في مجالس النخب في البحرين والأعيان والتجار، ومثال عليها اشتراك الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة، فيها في العام 1923».

وذكر أن «البحرين كانت الدولة المقترح أن تكون وطنا قويا لليهود قبل فلسطين، وتشير المعلومات التاريخية إلى ان طبيبا روسيا كان مقيما في فلسطين كان تقدم باقتراح الى الحكومة البريطانية قبل فترة وجيزة من وعد بلفور، طلب خلاله اقامة وطن قومي لليهود في البحرين، لكن بعد مشاورات تم رفض هذا الاقتراح، ووقع الاختيار على ارض فلسطين الحبيبة».

واوضح أنه «إثر وعد بلفور في العام 1917، كان أهالي البحرين يتساءلون عن ماهية هذا الوعد، ومع مرور الوقت وتكشف حقيقة هذا الوعد، اخذ البحرينيون يستنكرونه، ويعملون حملات تثقيفية عند أهل البحرين لإزالة الغموض عنه».

وأشار الى أنه «في العام 1921 قدم الحاج امين الحسيني الى البحرين، وشهدت التبرعات البحرينية الى الحرم القدسي ارقاما كبيرة، حيث كان أهل البحرين يتبرعون بثلث تركة المتوفين الى اعمال الخير، والحج عيسى سيادي في دفتره، في (5 يوليو العام 1925) يتضمن مساعدة بحرينية الى شعب فلسطين، وهذا اقدم ما وصلت له من مساعدة بحرينية الى فلسطين».

وتابع «هذا الاثر البحريني بدأ يصل الى الصحف العربية، حيث اطلقت حملة تبرعات كبرى لترميم الحرم القدسي، وكانت البحرين من اعلى الدول تبرعا لذلك، وفي العام 1928 بدأ يظهر هذا الامر، وقد قام وفد من المنتدى العربي البحريني يمثله عبدالله الزايد وقاسم الشيراوي، بتقديم هذه المساعدات في فلسطين، ونقلت هذا الخبر صحيفة «الشورى»، حيث اقيم حفل تكريمي لهذا الوفد في كلية المعارف».

وأضاف الجاسم «في الثلاثينات جاءت اذاعة قصر الزهور العراقية التي كانت تحفز للعمل القومي، مع ترافق ذلك تحول المجتمع من مجتمع لؤلؤ الى النفط، هنا كانت بداية مهمة في العام 1937 حيث أذيع احتجاج أهل البحرين، وتم إرسال كتاب من نادي البحرين الى حاكم البحرين وقتها الشيخ حمد بن عيسى يطلبون منه ابلاغ الحكومة البريطانية عدم رضا اهل البحرين بتقسيم فلسطين وعزمهم على مقاومة ذلك».

وذكر أن «الحركة الوطنية العام 1938 بقيادة سعد الشملان كان من بين مطالبها منع اليهود من دخول البحرين، والغاء جنسيتهم كسلوك عفوي للتضامن مع القيادة الفلسطينية، وفي العام 1939 تشكلت لجنة كبرى رأسها عبدالله بن عيسى، وبعضوية علي بن أحمد الخليفة، عبدالعزيز البسام، أحمد يوسف فخرو، عبدالعزيز القصيبي، سلمان البسام، خليل المؤيد، خليل كانو، محمد القاضي، قاسم كانو، محمد طيب، محمود عبدالنبي، عبدالرحمن الزياني، قاسم الشيراوي، يوسف بوحجي، ابراهيم الجودر، الشيخ اسحاق، عباس ابوالقاسم، أحمد حسن ابراهيم، سيد سعيد، يوسف زليخ، علي أبل، حسن المديفع، عبدعلي العليوات، محمد العريض، سيد أحمد بن سيدعلوي، مهدي الجشي، محمد مكي البحارنة، محمد سرور، محمد الصفار، محمد الفاضل، يوسف بن عبدالله المحمود، حسين بن علي يتيم وهو آخر المتوفين من اللجنة، وعبدالله الزايد، وكانت اول لجنة وطنية لجمع التبرعات الى فلسطين بطريقة عفوية، ورعى هذه التبرعات قاضي السنة من جهة، وقاضي الشيعة من جهة وشقيق الحاكم، في وحدة وطنية في دعم هذه القضية، وبدأت صحيفة البحرين تنشر اسماء المتبرعين فردا فردا، سواء من تبرع منهم بنص روبية ومن تبرع بألف روبية».

واستدرك «لكن من المهم ان نعرف ان هناك تدخلات بريطانية في ارسال هذه التبرعات، والوثائق البريطانية في العام 1939 تقول، ان السلطات البريطانية فرضت جهة محددة لتلقي التبرعات، غير ان اللجنة البحرينية لم تلتزم بذلك، وانما تبرعت الى لجنة الشبان المسلمين».

وأكمل الجاسم «في الاربعينات، مع صدور القرار الجائر في العام 1941، شهدت البحرين مظاهرات واعمال عنف ضد اليهود والمصالح البريطانية، وهددت جماعة سرية بمهاجمة مصفاة بابكو، كما هاجم جماعة البنك الشرقي تضامنا مع القضية الفلسطينية، كما تمت مهاجمة كنيس يهودي، وجرت حملة اعتقالات واسعة».

وواصل «في العام 1948 جرت عملية تبرعات كبرى، وسلمت التبرعات الى الرئيس شكري القوتلي، وتم جمع 105 آلاف روبية».

وأوضح أنه «في الخمسينات، وضعت «صوت البحرين» صورة القدس على غلافها، وحدثت حملة مقاطعة لليهود في البحرين، وكانت الصحيفة تنتقد التجار الذين يدخلون بضائع يهودية، وفي العام 1963 تم انشاء مكتب للمقاطعة».

وبيّن أنه «كان للأدب والفن والمسرح دور في دعم القضية الفلسطينية، وكانت اول قصيدة داعمة لفلسطين من الشاعر عبدالرحمن المعاودة في العام 1939، واول قصيدة تم بيعها لصالح القضية الفلسطينية كانت لقاسم الشيراوي العام 1948، واول ملحمة شعرية تتحدث عن فلسطين كانت لإبراهيم العريض بعنوان: ارض الشهداء في العام 1952، واول عمل مسرحي بحريني لدعم القضية الفلسطينية عرضت على مسرح النادي الاهلي العام 1948».

وختم الجاسم «أهل البحرين قاموا ايضا بدعم القضية الفلسطينية بالقتال، هناك محمد بن يوسف السيسي شارك في حرب فلسطين العام 1948 عن طريق الجيش الأردني، وجمعية الاصلاح شاركت بقوة رمزية في حرب 1948، والسيد سلمان كمال الدين شارك في حرب ايلول الأسود بدعم المقاومة لفلسطينية، والشهيد مزاحم الشتر في العام 1982، الذي اشترك مع المقاومة الفلسطينية في لبنان».