العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ

شبيبة «التقدمي» تعدد قضايا يومها العالمي: احتضار الحياة الطلابية والعزوف النقابي... وانشطار 2011

جامعة البحرين بلا حياة طلابية... ونهضة التقدميين «صيرورة تاريخية»

الحلقة الحوارية التي نظمتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي
الحلقة الحوارية التي نظمتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي

إحياءً لليوم العالمي للشباب، والذي صادف أمس الأول الجمعة (12 أغسطس/ آب 2016)، ناقشت شبيبة مملكة البحرين، قضاياها في الحلقة الحوارية التي استضافتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، أمس (السبت).

وعلى مدى 3 ساعات ووسط حضور محدود العدد، متنوع الاطياف، ناقش المنتدون جملة قضايا شبابية في مقر الجمعية بمدينة عيسى، تصدر ذلك «احتضار العمل الطلابي في الجامعات، والعزوف عن الانخراط في العمل النقابي، إلى جانب ما لحق بالمجتمع البحريني من انشطار طائفي بعد أحداث 2011، وحاجة العمل السياسي للمزيد من الإصلاح وإتاحة فرصة صناعة القرار للفئات الشبابية»، وسط تعويل على نهضة القوى التقدمية اعتبرها نائب الأمين العام للشئون التنظيمية بجمعية المنبر التقدمي فاضل الحليبي «صيرورة تاريخية».

وشهدت الحلقة الحوارية، مشاركة 6 منتدين، بدايتها كانت مع الطالب في جامعة البحرين موسى راكان (تخصص علوم تاريخ)، والذي تطرق لمشكلة الغش، بعد أن اعتبرها إحدى المشاكل الشبابية، ليشير إلى أن «الغش أضحى ظاهرة، ومن لا يمارسه يمثل حالة استثنائية»، مؤكداً أن أعداد من يمارسون الغش كبيرة، ومبيناً في الوقت ذاته أن هذه الظاهرة تأتي تعبيراً عن رفض الطالب لحالة يعيشها ولا تقتصر على منهج دراسي بل تمتد للوجود الاجتماعي للطالب نفسه، حيث يهدف من وراء ذلك لتحقيق وجوده عبر رفضه للواقع.

وأضاف «بجانب ظاهرة الغش، هنالك الحاجة لإعادة بناء المؤسسات التعليمية الحكومية من الداخل والخارج، وإنشاء تكتلات تعليمية معاصرة»، منوهاً إلى أن ذلك يأتي بدافع الإصلاح وعبر تشكيل لجان طلابية تساهم في الضغط باتجاه المشاركة في الحياة التعليمية.

في الإطار ذاته، تداخلت المشرفة الاجتماعية المتقاعدة زبيدة عبدالحميد لتقول: «من خلال خبرتي في التعامل مع الطالبات استطيع القول ان مستوى تفشي مشكلة الغش يرتبط بالمنطقة الجغرافية التي تقع فيها المدرسة، فعلى سبيل المثال كانت التجربة وطوال 11 سنة في مدرسة القادسية الابتدائية للبنات (في سترة)، تشير لعدم رصد حالات غش إلا نادراً، فيما كانت التجربة في إحدى المدراس الاعدادية في منطقة اخرى تتحدث عن العكس، وهو الأمر الذي كان في حالة أسوأ في مدرسة ثانوية».

وفي سعيها لتقصي الأسباب، قالت عبدالحميد: «يرتبط ذلك بعامل عدم الثقة وعدم تقدير الذات، وهذا بدوره عائد لغياب التربية على أساس الاستقلالية والتعبير، وهو ما يختزن في داخل الإنسان أمراضاً نفسية وسلوكية واجتماعية»، وأضافت «لا أنسى الإشارة لمواقع التواصل الاجتماعي وما تتضمنه من أغانٍ ومقاطع فيديو كليب تمدح سلوك الغش وتشجع على عدم الجدية حتى تصبح الحياة الجامعية للهو واللهو فقط».

بعد ذلك، تطرق الطالب وعضو مجلس طلبة جامعة البحرين محمد مشكور إلى واقع العمل الطلابي في جامعة البحرين، فقال: «يكتسب العمل الطلابي أهمية بالغة لإسهاماته في صقل مهارات الطالب في الجانب الاجتماعي، غير أن هذا العمل يواجه مشكلات عدة أبرزها حالة العزوف، وهو ما يعود لأكثر من سبب».

وأضاف «يرجع الطلبة هذا العزوف إلى عدم توفر الوقت في ظل الانشغال بالدراسة، وهو تهرب أكثر من كونه سبباً فعليّاً»، لافتاً إلى أن كل ذلك انتهى إلى «جامعات بلا حياة طلابية حتى اقتصرت على الدراسة الأكاديمية، فأصبح العمل الطلابي مجرد شكليات وعلى إثر ذلك تراجعت فعالية مجلس الطلبة وواجهت مقترحاته الصد والرفض، حتى بتنا أمام مجلس بلا صلاحيات».

واستدرك «رغم ذلك، نحن نرى أهمية تعزيز حس المبادرة والمشاركة من أجل التغيير».

تعليقاً على ذلك، قالت عبدالحميد: «يصادف أن نرى جراحاً ممتازاً في عمله لكنه يفتقر للذكاء الاجتماعي ولأساسيات التعامل الاجتماعي مع الناس. هذا كله يؤكد أهمية العمل الطلابي بالنسبة للطلبة، تمهيداً لممارسة دور أكبر وسط مجتمعهم».

وفي المداخلات، تساءل الحاضرون من فئة الشباب عن أسباب العزوف عن العمل الطلابي، وانتقدوا في الوقت ذاته أسلوب التعاطي مع الطالب من قبل الأستاذ والمحصور في جانب الدرجات، مصحوباً ذلك بالإشارة لأهمية التركيز على طلبة العلوم الإنسانية بوصفهم «المحرك المجتمع».

آخرون قدموا تساؤلاتهم عن سر غياب أية مظاهر للاحتجاج داخل الجامعات رغم ما تعيشه الحياة الطلابية من حالة اختناق، فكان رد عضو مجلس طلبة جامعة البحرين محمد مشكور على ذلك بالقول: «هنالك 3 أسباب لحالة العزوف عن العمل الطلابي، وهي غياب الإرادة والرغبة لدى الطلبة أنفسهم، ضعف القيمة في المناهج الدراسية والتركيز على الحفظ، الى جانب المضايقات من قبل الإدارة في الجامعة».

من جانبه، رأى رئيس المكتب الشبابي في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، أحمد عبدالأمير، أن اختصاص المجلس الطلابي يطال الشئون النقابية والاقتصادية والسياسية، أما إشغاله بشئون جامعية من قبيل مشاكل التسجيل وغيرها، فهو يأتي في سياق إشغاله بمسائل هي من اختصاص عمادة شئون الطلبة، دون أن يمنع ذلك حقه في إثارتها وإيصال المقترحات للأقسام المعنية للعمل على حلحلتها.

وفقاً لتأكيدات طلبة ومختصون، فإن العمل الطلابي داخل جامعة البحرين، يواجه فيما يواجه من تحديات، ثنائية الطائفية والجماعات.

عن ذلك يقول الطالب الجامعي موسى راكان، ممانعا لالقاء مسئولية تراجع العمل الطلابي على الطلبة أنفسهم: «القوانين تقيد كثيراً من فعالية هذا العمل، وبجانب ذلك هناك الانقسام فيما بين الطلبة على هيئة طوائف وجماعات»، مضيفاً «لا يمكن لوم الطلبة، فالقوانين من الصعب تغييرها».

توافقاً مع ذلك، كان حديث عضو مجلس طلبة جامعة البحرين محمد مشكور «يتساءل البعض عن سبب غياب المظاهر الاحتجاجية في جامعة البحرين، والرد يتمثل في عدم القدرة على ذلك بسبب الانقسام المذهبي الذي امتد للوسط الطلابي داخل الجامعة، إلى جانب احتمالات التعرض للفصل، وهنا يكمن الفارق بين مجلس طلبة جامعة البحرين وبين الاتحاد الطلابي».

في الحديث عن العمل الطلابي، استذكرت حوارية «التقدمي» الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج، ودوره في رفد الحياة في مملكة البحرين على مختلف الأصعدة.

بشأن ذلك، تحدث الحليبي فقال: «لا تكفي الحصيلة المعرفية للمرء بقدر ما ينبغي ان يمهد ذلك الطريق لخدمة الإنسانية عبر هذه المعرفة، وجيد أن يشير المنتدون الى واقع العمل الطلابي الصعب لكن ذلك يبقى بحاجة للحديث عن المخارج»، مضيفاً «عند الحديث عن مجلس طلبة جامعة البحرين نحن نتساءل وبعد 14 عاماً من عمر هذا المجلس: هل أنجزت دراسة طلابية توضح ما قدمه المجلس طوال نحو عقد ونصف؟».

في المحور الخاص بالعمل النقابي، كانت الانتقادات توجه لهيمنة من وصفوا بـ «الديناصورات» على العمل النقابي، فيما تصدت الأمين العام المساعد للشباب العامل في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين زينب أبوديب للحديث عن دور الشباب في العمل النقابي، فقالت: «تواجد الشباب ضمانة لاستمرارية هذا العمل، وكثير من النقابات اندثرت بسبب العزوف عن الترشح والاكتفاء بالعضوية»، وأضافت «نحن نؤكد على اهمية حضور الشباب في الصفوف الامامية للعمل النقابي، وبديل ذلك شيخوخة مجالس الإدارات».

وبشأن الأسباب، قالت: «هنالك التهميش، فمن الشباب من يرغب في العمل، لكنه يواجه بالرفض والوصاية من قبل قيادات نقابية، فيما المطلوب هو التوجيه والإرشاد، الى جانب ذلك هنالك رتابة العمل النقابي لكن تغيير ذلك يبقى متاحاً مع توفر الارادة لدى الشباب، وعلاوة على كل ذلك هنالك حالة الخوف من الفصل بعد أزمة 2011».

بدوره تداخل الأمين العام المساعد للحماية الاجتماعية في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين علي غنام ليقول: «بعد فصل مجالس إدارة بالكامل أدى ذلك لعزوف الشباب عن الدخول في العمل النقابي».

من جانبه، عدد النقابي حسن الخباز هموماً شبابية في العمل النقابي، فقال: «البطالة هي أحد أبرز تلك الهموم في ظل انتاج البلد لـ 7 آلاف باحث عن عمل جديد كل عام يحملون هاجس الدخول في سوق العمل وهاجس فقد الوظيفة في ظل منافسة العامل الوافد، إلى جانب ظاهرة العقود المؤقتة، وعدم الشفافية في التوظيف بعيداً عن الانتماءات الطائفية والمحسوبيات».

وارجع الخباز العزوف الشبابي عن العمل النقابي الى قلة الوعي بقيمة هذا العمل، وعدم توفر الوقت نظرا للانشغال بتحصيل الرزق، الى جانب الازمة السياسية التي تسببت في شطر المجتمع، واستدرك «علينا ان ننظر للجانب الممتلئ من الكاس فلدينا اليوم كوادر شبابية هي اليوم قيادات نقابية».

رغم ذلك، وجه الخباز نقده للنقابات، فقال: «لا تقدم خطاباً قريباً من الشباب، ولا فعاليات عملية تتناغم ومتطلباتهم، ولاتزال العقلية السابقة مهيمنة»، مقترحاً في هذا الصدد اعداد وتنفيذ برامج تثقيفية للشباب للعمل على استقطابهم عبر تطوير أساليب عمل النقابات.

وفي الحديث عن الملف النقابي، كانت للحليبي كلمة قال فيها إن «الوحدة الوطنية هي الصخرة الرئيسية التي مكنت العمل الطلابي من الاستمرار في السبعينات وبالمثل يكون الحديث عن العمل النقابي، فعلى الرغم من انشطار المجتمع، إلا أننا ننادي بتوحيد الحركة العمالية، ومن دون ذلك ستبقى حقوق العمال تائهة، والتفكك اسهل لسيطرة أرباب العمل».

بشأن ذلك، كان النقابي غنام يتحدث وهو يشير لأحد أسباب العزوف عن الانخراط في العمل النقابي لدى الشريحة الاوسع من العمال «حين يوجه السؤال لعدم الراغبين في ذلك، يكون الجواب: هذه نقابة سنية وتلك شيعية وشخصيّاً لا انتمي لا لهذه ولا لتلك»، في اشارة منه للتعددية النقابية داخل المنشأة الواحدة.

ختام الحوارية كان مع الملف السياسي، وفيه كان الحديث عن حضور الشباب والعوائق بما في ذلك «الغاء سياسة تهميش الشباب وعدم تغييب مشاركتهم الفاعلة في اتخاذ وصنع القرار على مختلف المستويات»، كما ذهب لذلك رئيس المكتب الشبابي بـ «وعد» أحمد عبدالأمير في ورقته المقدمة في الحوارية.

وعدَّد عبدالأمير جملة مطالبات، من بينها إصلاح التشريعات الناظمة للعملية السياسية بما يسهم في تمكين الشباب بشكل حقيقي داخل المؤسسة التشريعية والمجالس البلدية المنتخبة بالكامل والمتمتعة بصلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية، كما نوه إلى أهمية خفض سن الاقتراع من 20 سنة الى 18 سنة، تماشياً مع ما هو معمول ومطبق في 146 دولة حول العالم.

من ناحيته، قال الناشط الشبابي خليل الجمري في ورقته المقدمة في الحوارية والتي عنيت بالاوضاع على مستوى المنطقة وتأثر البحرين بذلك، «بعد اكثر من 5 سنوات على موجات الربيع العربي والتي قامت على سواعد الشباب، يمكننا القول ان ما جرى جاء نتيجة تحول سياسي ثقافي حمله جيل جديد بفضل تقنية المعلومات والتواصل الجديد»، مؤكداً في الوقت ذاته ان ما حصل كان «انفجاراً اجتماعيّاً في المقام الأول وان اتخذ طابعاً سياسيّاً».

وأضاف «صحيح أن الوضع يبدو كارثيّاً في هذه البلدان الا ان التغيير السياسي والاجتماعي قادم لا محالة»، معولاً في ذلك على نهوض الحركة التقدمية.

العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً