العدد 5091 - الأحد 14 أغسطس 2016م الموافق 11 ذي القعدة 1437هـ

الشخصيات المجتمعية المعتبرة وتأثيراتها الإنسانية والوجدانية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

قد لا يخلو أي مجتمع عربي أو إسلامي أو أوروبي أو أفريقي أو آسيوي من شخصيات مجتمعية بارزة، لها قيمتها ومكانتها في نفوس ووجدان وقلوب المحيطين بها والقريبين منها والبعيدين عنها، والمطلعين على سماتها وسجاياها وأخلاقياتها الحميدة، وقد تجد من بين الشخصيات المجتمعية شخصيات جامعة للعلم الغزير والأخلاق السامية والتواضع الرفيع والكرم الواسع والمشاعر الإنسانية العالية، وفوق هذا وذاك، تمتلك القلوب الرحيمة والودودة التي تستوعب كل إنسان في هذا العالم الفسيح. وإضافة إلى ذلك، تتمتع بالفكر الواعي والثقافة النظيفة والحلم الرزين والحكمة اللافتة والبيان الراقي والبلاغة الرصينة والرأي السديد وبعد النظر في مختلف الأمور. فليس بمستغرب إذا ما حظيت مثل هذه الشخصيات الكبيرة بمكانة مرموقة في مجتمعاتها، تليق بالسمات الإنسانية التي جبلت عليها طوال حياتها. من الطبيعي جدا أن تثمن المجتمعات الإنسانية عطاءات وخدمات مثل تلك الشخصيات، ويجعلوها أسوة حسنة لها في كل الأحوال والظروف، وقدوة لأفراد مجتمعها من الكبار والصغار، ويفرحون كثيرا إذا وجدوها تحضر إلى مجالسهم ومنتدياتهم، ويحزنون كثيرا إذا ما تغيبت عنها، وفي حال مرضها يعودونها ويتمنون لها الشفاء العاجل، وعندما تسافر ولو لمدة قصيرة تترك أثرا عميقا في نفوسهم، وعند عودتها تخرج عن بكرة أبيها لاستقبالها والاحتفاء بها. السؤال الذي يتردد في أذهان الكثيرين، كيف حصلت تلك الشخصيات على مثل هذه المكانة المرموقة في مجتمعاتها؟ وكيف استطاعت أن تملك القلوب والمشاعر الإنسانية بهذه الصورة الواسعة؟ في بعض الأحايين يعجز اللسان أن يعطي إجابة وافية لهذه الأسئلة؛ لأن القضايا المرتبطة بالوجدان والمشاعر الإنسانية لا يمكن استيعابها بصورة كاملة، ولكن نستطيع أن نقول، لم تحصل تلك الشخصيات المجتمعية على المكانة العالية في أوساط مجتمعاتها إلا بعد قيامها بترويض نفسها على البر والإحسان من دون أن تنتظر جزاء ولا شكورا، واختبار صدقها وتطابق أقوالها وأفعالها، ومدى ملامستها للمشاعر الإنسانية، من الصعب جدا أن تجد مجتمعا إنسانيا في مختلف بقاع الدنيا بلا شخصيات مجتمعية معتبرة، فالكثير من المجتمعات الإنسانية مازالت تتغنى بأمجاد وعطاءات وسجايا شخصياتها الكبيرة التي بعضها قد رحل إلى الرفيق الأعلى منذ قرون من الزمن، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولا نبالغ إذا ما قلنا، لا يمكن لأحد أن يذكر جميع الشخصيات المرموقة في مجتمعاتها التي ذكرها التاريخ الإنساني من كثرتها، هذا يدل دلالة واضحة أن تكريم المجتمعات وتقديرها واحترامها لشخصياتها الكبيرة قديم يصل إلى حد الأزلية، وأنها لا تسطيع أن تنفك وجدانيا ونفسيا ومعنويا عن هذا النهج الإنساني طوال وجودها في هذه الدنيا، لأنها تطبعت عليه وجعلته جزءا لا يتجزأ من واقعها، لا يمكنها في أي حال من الأحوال نسيانها أو تجاهلها أو نكران تأثيرها الوجداني، ولأنها تعتبرهم واقعا إيجابيا مهما فيها. ومن المعروف تاريخيا أن بلدنا البحرين في مختلف الأزمان والعصور عامرة وزاخرة بالشخصيات المجتمعية المرموقة، وقد نعتوها بأنها لم تكن تعيش لنفسها، وإنما كانت تعيش وتعمل ليلا ونهارا لإسعاد مجتمعها والمجتمعات الإنسانية، ولم يتعاملوا مع الدنيا بأنها دار أبدية، فلهذا لم يعطوها إلا القليل جدا من اهتماماتهم، ولم يغتموا إذا ما أدبرت الدنيا عنهم ولم يفرحوا إذا ما أقبلت إليهم بكل بهرجها وزخرفها، كل قصدهم في هذه الدنيا هو إرضاء ربهم، في سرهم وعلانيتهم وفي كل حركاتهم وسكناتهم، فأهل البحرين كغيرهم من شعوب العالم، مازلوا يعتزون بشخصياتهم الأفذاذ ويتفاخرون بعطاءاتهم العلمية والأدبية والفكرية والثقافية وغيرها من العلوم الإسلامية والإنسانية والطبيعية التي أنتجوها طوال 14 قرنا، والتي دونت وأرخت في عشرات المجلدات والكتب التاريخية، وملئت بها الكثير من المكتبات المحلية والعربية والإسلامية والعالمية.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5091 - الأحد 14 أغسطس 2016م الموافق 11 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:50 ص

      الله يفرج عن رموزنا والشيخ علي سلمان وعن جميع العلماء وجميع المعتقلين والمعتقلات المثقفين القابعين فى السجون المشتكى لله ونفوض امرنه الى الله المثقفون المعتدلين الذين يخافون الله حكم عليهم بالسجن المشتكى لله

اقرأ ايضاً