العدد 5136 - الأربعاء 28 سبتمبر 2016م الموافق 26 ذي الحجة 1437هـ

مشغول!

مشغول بالهاتف، ومشغول مع الأصدقاء والصديقات، ومشغول في السفر، ومشغول باله فوق السرير، دومًا مشغول وليس لديه وقت لزوجته وأسرته، والآثار السلبية تتراكم وتتراكم، وتؤدّي في النهاية إلى الطلاق أو الهجر أو التصدّع الأسري أو الخيانة من قبل الزوجة!.

ويعتذر لها عن الهاتف، ويعتذر عن الأصدقاء والصديقات، ويعتذر عن السفر، ويعتذر فوق السرير، ولكن ما فائدة الإعتذار ما دام يُكرّر هو نفس الفعل؟! لا فائدة من الإعتذار والإصرار على ما يجرح (أم العيال)، فهي الزوجة وهي السكن وهي السكينة، ولكن مع كثرة الجروح لا يبقى في القلب مكان لهذا الزوج!.

بعض الأزواج يجر الزوجة جرّاً حتى تتّخذ موقفاً حياله، فهو مهمل لواجباته الزوجية، ولا يدري عن زوجته متى خرجت ومتى دخلت، ولا يتذكّر ماذا لبست وبماذا تعطّرت، فهي أمور صغيرة في نظره، ولكنّها كبيرة في نظر الزوجة.

بعض الزوجات إن لم نقل أغلبهن يحبن الزوج المهتم، ذلك الزوج الذي يراعي مشاعرهن ويتواجد من أجلهن ويرغب في الحديث معهن، كما لا يخفى علينا أهمّية النظرة والجلسة والقُبلة واللمسة، فالبخل قد لا يكون في المال فقط، بل يكون في هذه الأمور الصغيرة الكبيرة، التي تعمّر البيت أو تدمّره.

إحدى الزوجات قصّت شعرها صغيرًا جدّا، وكانت تنتظر زوجها في البيت بألم وحسرة، بعد أن فاجأها بسفرته الى إحدى الدول الآسيوية، وانتظرت مدّة طويلة حتى يعلّق على شعرها أو يغضب على الأقل، ولكنّه منذ الوهلة التي دخل فيها البيت إلى أن خرج لم ينتبه إلى الشعر القصير، فما كان من الزوجة إلا تحضير أغراضها وأخذ أبنائها، فخرجت من بيتها إلى بيت أبيها بلا رجعة.

يا تُرى هل هذه الأمور مهمّة إلى هذا الحد حتّى يحدث طلاق بين زوجين؟! صدّقونا أمور كهذه تجرح القلب أكثر من الضرب في أحيان كثيرة، لأنّ الإهمال الزوجي يؤدّي إلى برود العاطفة، وما إن تبرد العاطفة حتّى تندفع المرأة إلى أمور أخرى، قد يكون منها إهمال البيت أو الاكتئاب الشديد المَرَضي أو الخيانة.

ننصح كل زوج بالإلتفات إلى زوجته وأبنائه، والعكس صحيح كذلك، ننصح كل زوجة بالإلتفات إلى زوجها وأبنائها، فالأسرة لا تقوم على شخصٍ واحدٍ فقط، بل تحتاج إلى شخصين، والاثنان يجب أن يكونا في حالة إنسجام حقيقية، وحب ومشاعر راقية من الصميم، حتى ولو كانت هناك خلافات، فبالحب والإهتمام والإحتواء تذوب المشكلات والخلافات، لأنّ الزواج سكن وسكينة كما قلنا، وليس فندقا ننام فيه ليلنا، ونخرج في النهار كأنّ شيئا لم يكن، لا لا، الزواج أكبر من ذلك بكثير، فهو شراكة إجتماعية وإقتصادية وتنموية.

حاولوا تغيير نمط حياتكم، فالألم يذهب ولكن المودّة والحب يبقيان، فتبقى الكلمة الطيّبة ذات الأثر الكبير، ويبقى الإهتمام محور الحياة الزوجية، فلا تبخلوا على أنفسكم بهذه الحياة الطيّبة الصحّية، من أجلكم ومن أجل أبنائكم.

مريم الشروقي

كاتبة بحرينية

العدد 5136 - الأربعاء 28 سبتمبر 2016م الموافق 26 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً