العدد 5145 - الجمعة 07 أكتوبر 2016م الموافق 06 محرم 1438هـ

لا أخاطب الأطفال في مسرحياتي... وأتوق للدراما القطرية

الفنان القطري فالح السعيد لـ«الوسط»:

مشهد من مسرحية «الصياد والقراصنة»
مشهد من مسرحية «الصياد والقراصنة»

الهملة - منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

قال الفنان والمخرج القطري فالح فايز السعيد، إن العصر الذهبي للدراما القطرية انتهى منذ أن توقف إنتاج الدراما التلفزيونية والإذاعية، ومنذ أن امتنع الفنانون القطريون عن الظهور في أي أعمال درامية. وأشار السعيد إلى أن المسرح هو الآخر يعيش حال تدهور وتراجع ليس في قطر فحسب لكن في مختلف أرجاء العالم العربي.

«فضاءات الوسط» أجرت لقاءاً مع الفنان السعيد خلال زيارته البحرين في عيد الأضحى المبارك، لتقديم مسرحية «الصياد والقراصنة» على مسرح نادي بتلكو في الهملة. يومها أكد السعيد أن مسرحيته ليست موجهة للأطفال، بل للعائلة بأكملها، مشيراً إلى أن مسرح العائلة مصطلح أكثر دقة من مسرح الطفل، وأنه يُعنى بتقديم موضوعات تناسب جميع أفراد العائلة، وترتفع بمستوى الأطفال. فيما يأتي نص اللقاء:

تولي مسرح الطفل اهتماماً كبيرا، ما جعلك تنجز عدداً من المسرحيات الموجهة إلى الطفل في السنوات الأخيرة. لماذا هذا الإهتمام والتركيز على هذا المسرح دون سواه؟

- أحب أولاً أن أؤكد أن مسرحية «الصياد والقراصنة» التي أقدمها في البحرين ليست موجهة للأطفال، بل تحاور العائلة بأكملها. وحقيقة كنت أقدم مسرحيات للطفل في سنوات سابقة، لكنني بعدها وجدت أنه من الأفضل أن أجعل خطابي مناسباً للأطفال الصغار وأيضاً للأطفال الأكبر سناً الذين لا يعتبرون أنفسهم أطفالاً. بعدها قررت أن أتوجه إلى العائلة بأكملها وليس إلى الأطفال من مختلف الأعمار فقط. في الواقع هذه ثالث مسرحية أقدمها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، مخاطباً من خلالها جميع أفراد العائلة.

تتحدث عن مسرح عائلي وليس مسرح أطفال، ما الفرق بين المسرحين، وهل يمكننا القول إنك من بين القلائل من المسرحيين ممن يتوجه لهذا المسرح؟

- ربما يكون مفهوم مسرح العائلة جديداً، لكن هذا المسرح موجود في الكويت ويسمى بمسرح العائلة. وحقيقة بدأ الأمر عندي حين وجدت أن إقبال الجمهور يتزايد ويتنوع حين تضم المسرحية بعض النجوم، وبدأت ألاحظ أن جميع أفراد الأسرة كانوا يستمتعون بالعروض، ولذا بدأت أقدم مسرحيات تحاكي هؤلاء جميعاً، وفي الوقت نفسه تضمن تقديم خطاب يرتقي بمستوى الطفل.

كيف يمكنك تحقيق هذه الموازنة في العمل بحيث يكون مناسباً لجميع أفراد الأسرة باختلاف مستوياتهم الذهنية. ألا يشكّل الأمر مهمة صعبة وحرصاً عالياً لكي تختار موضوعات تشد جميع الفئات العمرية والعقلية وتكون ذات قيمة لهم جميعاً؟

- يعتمد تحقيق هذه المعادلة على نوعية الخطاب وطريقته. دائماً أؤكد على من يتعاون معي من الكتّاب أنه من الضروري تقديم النص المسرحي في شكل حكاية، وعدم اللجوء لحشو العمل بالشخصيات الشهيرة التي يحبها الأطفال. وحتى لو تم تضمينها، أؤكد عليهم ألاّ يتم ذلك إلا حين تصبح هذه الشخصيات جزءاً من المغامرة أو القصة التي يرويها العمل.

في عملي الأخير مثلا «الصياد والقراصنة» نتحدث عن الإخلاص ومساعدة الناس، الغني يساعد الفقير. كذلك لدينا موضوع حب الوطن والانتماء للبلد ولقيادتها وأن يبذل الإنسان كل ما بوسعه من أجل وطنه. كما يزرع العمل الكثير من القيم بطريقة غير مباشرة فالملك هنا يتم تسميمه من قبل القراصنة، ما يدفع أبطال المسرحية للذهاب في رحلة بحثاً عن علاج لهذا السم، وخوض مغامرة صعبة من أجل الوصول إلى هذا العلاج.

ماذا عن الأعمال المسرحية الأخرى، هل تركتها من أجل التخصص في مسرح العائلة؟

- أنا لست متخصصاً في مسرح العائلة، لدي أعمال أخرى موجهة إلى الكبار وتتحدث عن قضايا مهمة. الآن مثلاً كان لدي عمل يفترض أن أقدمه خلال فترة عيد الأضحى المبارك لكني لم أتمكن بسبب انشغال المسارح جميعها في قطر. هذا العمل يناقش الصراعات الحاصلة في العالم اليوم وهو عمل كوميدي ساخر.

كيف تصف المسرحيات التي تقدمها، للكبار، هل هي مسرحيات نخبوية ام جماهيرية؟

- لديَّ أعمال نخبوية، وأخرى جماهيرية، قدمت الكثير منها من خلال مهرجان الدوحة المسرحي. ومن بين الأعمال النخبوية المميزة قدمت عمل «المسعور» الذي أثار ضجة كبرى، بالإضافة إلى عمل مثل «اللظى» الذي يتحدث عن العبيد، ثم جاء «السردال» الذي يسرد جزءاً من تاريخ الخليج، وهناك عمل «الجوع» وهو آخر عمل قدمته للمسرح النخبوي، ويتحدث عن أشخاص يحتجزون في خندق، فيبدأون في إلتهام بعضهم البعض.

من هم الكتاب الذين تتعاون معهم في مختلف مسرحياتك، وما مدى تدخلك فيما يكتبون؟

- أتعاون مع الكاتب احمد الشيبة في المسرحيات العائلية، وكذلك أتعاون مع طالب الدوس للأعمال النخبوية. أما عن تدخلي فيما يقدمون، فبالطبع أتناقش معهم منذ البداية، نتفق في أمور ونختلف في أمور أخرى. في السابق اشتغلت على أعمال لكتاب مثل منصور نعمان وغيرهم.

ماذا عن الفريق الذي تتعامل معه، يبدو وكأنك تحرص على تقديم الوجوه نفسها في أعمالك؟

- أعمل مع الكثير من الفنانين، وأحرص على الاستعانة ببعض الفنانين النجوم الذين قدموا شخصيات محببة للجمهور مثل علي الغرير وخليل الرميثي. أما بالنسبة إلى المجموعة الثابتة من الشباب، فنعم أحاول الاستعانة بهم في أعمالي جميعها كما أضيف لهم وجوهاً جديدة في كل مرة، لأنني أسعى لأن أشكل جيلاً جديداً من المسرحيين والفنانين، لذا يسموني كفيل الشباب. أنا أغامر بتقديم هذه الوجوه الجديدة، لكنني ولله الحمد تمكنت من تقديم طاقات شبابية قادرة على أن تعمل في الساحة المسرحية وأن تؤسس لنفسها قاعدة جماهيرية.

إلى جانب النجوم، ما هو عامل الجذب الآخر الذي تعتمده في هذه المسرحيات العائلية، هل تستعين مثلا بالتقنيات الحديثة في الاضاءة والصوتيات وغيرها في مسرحك؟

- نعم، في هذا العرض مثلاً «الصياد والقراصنة»، استخدمت الجرافيك على الشاشة لعمل «موتيفات» صغيرة واستغنيت عن الديكورات. الشاشة تجعل الجمهور يعيش مع القصة بشكل أكبر. في الواقع توظيف التقنيات يجعل كلفة العمل أعلى، لكنه من جانب آخر يسهل الحركة والانتقال على المسرح.

واقعاً، لا أحتاج الديكورات فالشاشة تغني عنها جميعها، وهي أكثر جذباً للجمهور. في العام الماضي عملت حركة البانتومايم في أحد أعمالي العائلية حيث يتوقف المشهد فجأة ويبدأ الممثلون في التحرك بشكل بطيئ، وقد لاقى ذلك إعجاب الجمهور بشكل كبير، في هذا العمل عملت على إيقاف الحركة على المسرح ونال ذلك استحسان الجمهور أيضاً.

ماذا عن علاقتك بالدراما التلفزيونية، وهل تركتها من أجل المسرح؟

- أشغل الآن منصب كبير مخرجي الدراما في اذاعة قطر، لكن للأسف لا يوجد لدينا أي أعمال درامية في قطر، القسم شبه ملغى. كانت الدراما الإذاعية القطرية قوية في فترات سابقة وكان لها متابعون كثر أما الآن فتوقف كل شيء. حتى الدراما التلفزيونية تم إيقافها منذ فترة، هناك نصوص تقدم للتلفزيون نسمع عنها، لكن لم يتم إنجاز أي منها. نتمنى أن ترجع الدراما القطرية لعهدها الذهبي حيث كنا نقدم ما بين 5 و 6 أعمال في السنة، أما الآن فتوقف كل شيء ولم يعد أحد من الممثلين القطريين يعملون.

كيف تقيّم الوضع المسرحي العربي عموماً؟

- المسرح العربي اليوم متدهور وذلك بسبب طبيعة الأعمال التي تقدم والتي أبعدت الجمهور عن الصالة؛ إذ أصبحت موجَّهة للنخبة فقط. ليس كل عمل مسرحي يجب أن يقدم للنخبة. للنخبة أعمال خاصة، ونحتاج إلى أن نعيد الجمهور العادي للمسرح. المسرح يحتاج إلى جمهور متنوع ولأعمال مختلفة. نحتاج إلى أن نقدم معاناة الناس على المسرح، لكن بشكل كوميدي أو بأي شكل آخر يجذبهم للمسرح. نحتاج إلى أن نصنع نجوماً مسرحيين من جديد.

ضوء

يُشار إلى أن الفنان فالح السعيد، يشغل منذ العام 2011 منصب كبير مخرجي الدراما بإذاعة قطر، وهو عضو باللجنة الدائمة للمهرجان الخليجي المسرحي لدول مجلس التعاون، وقد تم تكريمه كأحد رواد الحركة المسرحية في الخليج في المهرجان الخليجي العاشر بالكويت العام 2009.

خريج المعهد العالي للفنون المسرحية (الكويت 84 - 1985م) قسم تمثيل وإخراج. كانت بداياته المسرحية من خلال المعسكرات الكشفية والأندية الصيفية، وهو أحد مؤسسي فرقة مسرح السد العام 1973. قدم أول أعماله المسرحية بعنوان «حرام يا مطوع» العام 1968، أما أول عمل تلفزيوني فجاء العام 1973 وكان بعنوان «أم غويلينة». قدم أكثر من 25 عملاً إذاعياً، كمخرج أو ممثل، كما قدم أكثر من 25 عملاً تلفزيونياً، وأكثر من 40 عملاً مسرحياً.

فالح السعيد
فالح السعيد




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً