العدد 5145 - الجمعة 07 أكتوبر 2016م الموافق 06 محرم 1438هـ

المهن المرتبطة بالنخلة: مهنة التنبيت

عملية تحضير اللقاح (آل خليفة ومسلَّم 2004)
عملية تحضير اللقاح (آل خليفة ومسلَّم 2004)

المنامة- حسين محمد حسين 

تحديث: 12 مايو 2017

يُقصد بعملية التنبيت عند العامة في الخليج العربي بعملية التلقيح الاصطناعي للنخلة، بينما التنبيت في معاجم اللغة العربية يقصد به «ما شُذِّبَ على النَّخْلَةِ من شَوْكِها وسَعَفها للتَّخْفِيف عنها» (تاج العروس، مادة نبت)؛ أي أن التنبيت في اللغة يقصد به عمليات التنظيف التي تجرى للنخلة وذلك من أجل إعدادها لعملية التلقيح والإثمار، والمرجّح أن ما ذُكر في كتب اللغة هو من باب التعميم أو انتقال لدلالة كلمة تنبيت، بينما، ما جاء عند العامة هو عملية تخصيص للفظ.

يذكر، أن المهن التي ترتبط بالنخلة تنقسم إلى نوعين من المهن، الأولى، وهي عبارة عن مهنة تنظيف النخلة وتقليمها وتشمل إزالة السلّاء، والأجزاء التي جفّت من النخلة كالكرب والسعف والعذوق الجافة. هذا وتعتبر عملية الترويس من أهم عمليات التنظيف التي تجرى للنخلة قبل عملية التلقيح . أما المهنة الثانية فهي مهنة التنبيت وهي عملية التلقيح الاصطناعي للنخلة. وعادة، في الوقت الراهن، يقوم شخص واحد بمهنة الترويس والتنبيت.

وفي الغالب، لا يشتق للشخص الذي يقوم بالترويس أو التنبيت اسم خاص له، فلا يقال المروس أو المُنَبِت، وعادة ما يسمى الشخص الخبير بتلك العمليات أو الخبير بشئون النخلة اسم «نخلاوي». هذا، وتتميّز النخلة، عن باقي الأشجار، بحاجتها إلى عدّة إجراءات خاصة تُعتبر ضرورية لنموها وإثمارها. هذا، وتحتاج هذه الإجراءات إلى المهارة والدقة من حيث الأداء وكذلك الدقة في التوقيت، وقد ارتبطت هذه الإجراءات بمسمّيات ومصطلحات وأوقات معينة يجب أن تجرى فيها، وقد سبق أن تناولنا تفاصيل تلك المصطلحات في سلسلة مقالات ثقافة النخلة.

مهنة التنبيت

يُقصد بالتنبيت عملية التلقيح الاصطناعي للنخلة؛ أي نقل حبوب اللقاح من الزهور المذكرة التي توجد في الفحّال (ذكر النخلة) إلى (الطلع)؛ أي الزهور المؤنثة التي توجد في النخلة. هذا، وقد اشتقت العامة من كلمة تنبيت الاسم (نبات) وهو الاسم العامي المحلي للأزهار المذكرة للنخلة، أما الاسم العربي الفصيح لها فهو (السف)، وتسمي العامة حبوب اللقاح (الگُمح) أو (القُمح).

يذكر أن عملية التلقيح الطبيعي في النخلة ممكنة لكنها غير مجدية اقتصادياً؛ حيث يراعى في عملية التلقيح الطبيعي للنخيل توفر عدد من النخيل الذكور مساوياً لعدد النخيل الإناث أو بأقل تقدير نصف عدد النخيل الإناث، بالإضافة إلى توزيع النخيل الذكور بصورة استراتيجية بين النخيل الإناث؛ لذلك يعتبر التلقيح الطبيعي غير اقتصادي، وبما أن النجاح التام في إنتاج المحصول يتوقف على عملية التلقيح وإتمام الإخصاب فقد فطن الفلاح منذ زمن قديم لعملية التلقيح الاصطناعي. هذا، ولا نعلم بالتحديد متى أدرك الإنسان ضرورة التلقيح الاصطناعي، إلا أنه حدث منذ القدم. يذكر، أن أقدم ذكْر واضح لعملية التلقيح الاصطناعي ذكره الكتّاب اليونانيون هيرودتس وثيوفراستوس وبليني وهي الطرق نفسها التي تُمارس حالياً (Giovino 2007, pp. 88 - 90).

وتتم عملية التلقيح الاصطناعي بعد تفتح طلْع النخيل وخروج الشماريخ من غلافها حيث ينشق الكافور عنها ويكون ذلك في شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار بحسب الصنف؛ حيث إن هناك أصناف مبكّرة وأخرى متوسطة وأخرى متأخرة. ويمكننا تقسيم عملية التنبيت إلى قسمين: تحضير دقيق حبوب اللقاح وعملية التلقيح نفسها.

تحضير دقيق حبوب اللقاح

تبدأ عملية جمع حبوب اللقاح بعد أن ينشق الكافور (الگروف) وتخرج الشماريخ التي تحمل الزهور المذكّرة، والتي بدأت تتفتّح. ويتم تقسيم الشماريخ إلى مجموعتين؛ حيث إن المُنَبِت يحتاج إلى مجموعة من الشماريخ التي تحمل الأزهار المذكّرة، كما يحتاج، بالإضافة لتلك الشماريخ، الگُمح والذي يتم إعداده من مجموعة أخرى من الشماريخ.

والگُمح (القُمح)، عبارة عن حبوب اللقاح التي يتم جمعها وتخزينها في إناء ضخم يكون بمثابة المخزن وذلك ليسهل عملية استعماله، وكذلك ليتم تخزينه لتلقيح النخيل التي تتفتح أزهارها متأخرة. وتتم عملية جمع الگُمح، وذلك بقطع الزهور المذكرة، أي السف، في بداية تفتحها حيث ينشق عنها الكافور، ويفضّل أن تترك لفترة لتجف، ولكن ليس في الشمس، وبعدها يزال عنها الكافور؛ بحيث تبقى شماريخ السف كلها متصلة بالقاعدة، وبعدها يتم هز هذه الشماريخ داخل إناء فخاري، وبذلك تجمع حبوب اللقاح والتي تبدو داخل الإناء كالدقيق، ذات لون أصفر شمعي (آل خليفة ومسلم 2004، ص73).

عملية التلقيح

يُفضّل أن تتم عملية التلقيح خلال يومين إلى عشرة أيام بعد تفتح طلع النخلة، وتتم عملية التلقيح بوضع قليل من حبوب اللقاح في قطعة قماش رقيقة ومسامية وتلف أطرافها حول قطعة من الخشب أو جريد النخيل بحيث يكون جزء منها ممتداً حتى نهاية القماش، ثم يُربط القماش بإحكام حول قطعة الخشب فتكون حبوب اللقاح داخل القماش وتسمّى هذه (صرار) أي صرّة. وتتم عملية التلقيح بضرب الأزهار المؤنثة بالصرّة، فتنطلق حبوب اللقاح متطايرة على شكل غبار لتستقر على الأزهار المؤنثة، كما يتم أخذ عددٍ من الشماريخ المذكّرة وتربط مع الأزهار المؤنثة باستخدام خوص النخيل بحيث تكون الشماريخ في وسط طلعة النخلة (آل خليفة ومسلم 2004، ص73).

هذا، ويُكتفى أحياناً بوضع عددٍ من الشماريخ وسط طلّع النخيل بعد أن يتم هز هذه الشماريخ فوق الطلع. ومن الأمثال الشعبية، في الأحساء، المرتبطة بعملية تنبيت النخلة قولهم: «حط نبات ولا قُمح»، ويضرب المثل في الحث على إنجاح الشيء بتزويده بلوازمه مثلما تحتاج عملية تلقيح النخلة إما لجزء من النبات أو بنثر دقيق القمح (الشايب 2004، ص 23). ويُستفاد من هذا المثل أنه في عملية تنبيت النخيل يُكتفى إما بوضع الشماريخ وسط الطلْع أو نثر القمح أو حبوب اللقاح التي تم تجهيزها في الصرار. إلا أنه يُفضّل وضع كليهما لتأكيد إتمام عملية التلقيح.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً