العدد 5148 - الإثنين 10 أكتوبر 2016م الموافق 09 محرم 1438هـ

القصاب وأولاد بن ناصر في ثمانينات القرن التاسع عشر

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ظاهرةٌ لم تتكرر في حسينيات المنامة، وإن كان هناك مثيل لها خارجها، وهي أن يقوم نفس الشخص بتأسيس حسينيتين قريبتين من بعضهما وسط العاصمة المنامة، في فترة وجيزة ربما لم تتعدّ خمس سنوات، على يد أحمد بن علي بن ناصر، وهو من تجار مجتمع اللؤلؤ آنذاك.

هذا ما حدث في تأسيس حسينيتي «أولاد بن ناصر»، و»أحمد بن ناصر»، حيث أسّس الأولى، والتي نحن بصددها، العام 1875م كما يُعتقد وبحسب الرواية المتداولة. ولم يكن أحمد وحده في هذا الانجاز، بل شاركه إخوته ناصر، وماجد، وعبدالله، ولهذا عُرف آنذاك بـ«مأتم أولاد بن ناصر». وكانوا من طبقة الميسورين اقتصادياً، حيث ورثوا عن والدهم بعض العقارات، وتجارة اللؤلؤ، وبعض سفن الغوص. وقد اقتطع هؤلاء الإخوة، القسم الشرقي من بيت والدهم علي بن ناصر بفريق «الحمام» وأقاموا عليه أُسس الحسينية. وقد توفّي المؤسس العام 1314هـ ( 96-1897م).

احتفظت الحسينية بنفس الاسم حتى العام 1939م، إثر وفاة آخر المؤسسين من نفس العائلة، إذ تحوّل اسمها إلى «المديفع». وحيث أن عائلة بن مديفع وعائلة المخلوق، تنتميان بالمصاهرة إلى عائلة بن ناصر أيضاً؛ فقد تولّت عائلة بن مخلوق خدمة الحسينية وإدارتها بدعم وإشراف وإعادة بناء للموقع من قبل تاجر اللؤلؤ حسن بن علي مديفع، فنُسبت إليه إسماً. وتولى عبدالله علي حسين المخلوق، وكان يعمل في تجارة العطارة (الحواجة)، الإدارة، ما جعل (الحواويج) يحتضنون الحسينية. وبعد عبدالله بن مخلوق، تولى إدارة الحسينية ابنه أحمد، وبعده تولى شئون الحسينية أولاده سعيد، وإبراهيم، وكاظم.

وفي الجانب المقابل، قام أحمد بن علي بن ناصر كذلك بتأسيس حسينية بن زبر، ويُعتقد بأن ذلك كان في 1298 هـ، (1880م)، إذا افترضنا، بحسب رواية زمن تأسيس حسينية أولاد بن ناصر، أنها كانت العام 1875.

لا يتضح السبب الرئيسي لقيام أحمد بن ناصر، بتأسيس حسينية أخرى قريبة جداً من الأولى، تحت اسم «حسينية أحمد بن ناصر»، وتُعرف اليوم بحسينية «بن زبر». وتقول الرواية بأنه اشترى قطعة أرض كبيرة من شخص يدعى «ابن شكيب»، في ذات موقع الحسينية الحالي. وأقيمت عليها المجالس الحسينية لمدة سنة واحدة تقريباً. ثم قام المؤسس أحمد بن ناصر بتجديد بناء الموقع، وقُبيل وفاته أوصى بالتبرع بثلث ماله لصالح الحسينية وخصّص لها بعض الأوقاف. وربما نستطيع التعرف على بعض ما حدث للمؤسس في حسينيته الأولى، مما أوصى به بشأن حسينيته الثانية، حيث أكّد فيها على أن تكون ولاية الحسينية لذريته، رجلاً كان أو امرأة، وأن لا تكون الولاية لشخص من خارج ذريته إلا بعد انقراض جميع أفراد ذريته بالكامل.

وفي لقاء مع د. منذر الخور، ذكر بأنه عندما انتقلت الولاية على الحسينية بناءً على وصية المؤسس، إلى ابنته الكبري، السيدة (بيبي أحمد بن ناصر)؛ قام زوجها محمد بن أحمد بن زبر، وهو في نفس الوقت ابن أخت المؤسس ومساعده، نيابةً عن زوجته، بإدارة الحسينية والإشراف عليها لأكثر من عشرين عاماً. ومن هنا، وبشكل عفوي، ترسخ في الذاكرة الجماعية للمجتمع المنامي آنذاك اسم حسينية «بن زبر»، وذلك لارتباطه باسم من قام بإدارتها. وبعد عام 1965، تولت جمعية أنصار الحسينية الإشراف عليها، ومن مؤسسيها الأوائل عبدالكريم عيسى الخور، وعبدالحسين الحلواجي، ومحمدعلي بن زبر، وحسن أبو ادريس، وصالح الخور، وجعفر الشعلة، وكاظم عبدالرسول الحلواجي، وحميد الحلواجي، ومهدي الحلواجي، وغيرهم.

إلا أنه بعد وفاة السيدة حصة ابنة بيبي الأولى، في 5 محرم عام 1411هـ، (27/7/ 1990م)، وتولى مساعدتها ابنتها «بيبي الثانية»، الولاية على الحسينية؛ انتهى دور الجمعية.

ثم تولت عائلتا الخور والحلواجي قيادة سفينة الحسينية بشكل أساس. كما قامت السيدة فضيلة، إحدى حفيدات المؤسس، وهي ابنة السيدة (بيبي الثانية)، وبحسب ما نص عليه أصل وصية والدتها، قُبيل وفاتها في 2 يناير من عام 2005م؛ بمهمة استلام نذور الراية، ولها حكاية أخرى، وتوزيعها على الحسينتين (بن زبر، والمديفع).

أما الحسينية الثالثة وسط العاصمة المنامة والمجاورة لتلكما السابقتين، فهي حسينية القصاب. وبحسب الرواية على لسان سيد حسين سيد كاظم العلوي، متولّي الحسينية اليوم؛ ولا يتفق فيها مع الروايات السابقة، يذكر بأن الحسينية أسسها أفراد من عائلة العلوي المعروفة في المنامة بين 1299-1306هـ (1881-1888م). وكان ذلك على يد سيد علوي بن سيد جواد بن سيد لطف الله بن سيد خليل الغريفي آل علوي. وأرض الحسينية الأصل هي ملك سيد علوي وعائلته، فهي إرث من والدهم سيد جواد، وقد وهبها لبناء الحسينية. ثم تم شراء قطعة أرض في شمال الحسينية من علي القصاب، وكانت بمساحة رواق، وذلك لتعديل مساحتها. ولربما من هنا جاء اسم الحسينية (القصاب)، لارتباط موقعها برواق علي القصاب، فأُطلق عليها «مأتم القصاب»، كما يؤكد سيد حسين، ويُضيف، بأن سيد علوي اشتري في ذات الفترة، أرض مسجد الخواجة، وأرضاً أخرى في فريق الحطب لبناء مأتم السادة للنساء.

أعيد بناء الحسينية بحسب أقرب الروايات عام 1939م، في ولاية سيد أحمد بن سيد علوي، وكان رئيس دائرة الأوقاف الجعفرية حينها (بين 1929-1947)، بطريقة هندسية إسلامية تتسم بضخامة الجدران والأعمدة في وسطها.

وفي العام 1969، قرّر أفراد العائلة، وعلى رأسهم السيد محمود أحمد العلوي، وزير المالية لحكومة البحرين في تلك الفترة؛ إعادة بناء الحسينية من جديد. وبدأ البناء عام 1970 على نفقة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاكم البحرين آنذاك، إكراماً لعائلة العلوي، وكان بإشراف إدارة الأوقاف الجعفرية. وافتُتحت الحسينية رسمياً تحت رعاية الشيخ عيسى في صبيحة يوم الجمعة 23 ذو الحجة لعام 1390هـ/ الموافق 19 فبراير 1971م.

تميّزت حسينية القصاب بإقامة الفاتحة المركزية في وفيات المراجع والأعلام الكبار من النجف الأشرف وقم، والندوات الدينية والاحتفالات المركزية والثقافية. وبعد وفاة السيد كاظم العلوي العام 1994م، شُكّل مجلس لإدارة شؤون الحسينية والإشراف عليها من أفراد عائلة العلوي، وتم تزكية أبناء السيد كاظم العلوي، وهما السيد حسين والسيد سعيد، لهذه الإدارة حتى اليوم.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 5148 - الإثنين 10 أكتوبر 2016م الموافق 09 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 11:26 ص

      هذي الأيام موضت الوثيق عملت خلافات وكل يريد ما عندي الا الزود وعائلته فلان وفلان وفي الحقيقة لولا مشاركته جميع أهل الفريق بمبالغ حتى لم يذكرو أسماءهم من اجل حصول الثواب
      أقول باركه الله فيمن اعطا ولم ينطق لانه يريد ثواب الاخره وليس بهرجته الدنيا

    • زائر 3 | 6:48 ص

      الله يرحمهم جميعا نتمنى من التجار او الميسورين الحال ان يتبرعوا بأرض فى مدينه حمد لبناء ماتم والجود من الموجود والمال من خريطا مجمع صارت المساجد فى مدينة حمد مأتم نتمنى تكون أرض خاصه يبنى عليها ماتم

    • زائر 2 | 3:56 ص

      معلومات تاريخية تبين اهتمام تلكم العوائل جزاهم الله خير بخدمة المآتم بالحب والمال للعترة والآل وساروا على نهجهم الابناء والاحفاد .

    • زائر 1 | 2:17 ص

      معلومات تاريخية رائعة يا دكتور

اقرأ ايضاً