العدد 5155 - الإثنين 17 أكتوبر 2016م الموافق 16 محرم 1438هـ

هموم المحامين (1)

نفيسة دعبل comments [at] alwasatnews.com

محامية بحرينية

سأتحدث في هذا المقال عن أحد هموم المحامين التي برزت حديثاً، والذي قامت وزارة العدل بوضعه من بين أحد أنظمتها الجديدة نسبيّاً، فقبل نحو عام تقريباً جاءت بفكرة الفترة المسائية كنظام جديد لتنظيم العمل بالمحاكم، فجعلت بعضاً من المحاكم دوامها عصراً، ويمتد من الرابعة عصراً وحتى الثامنة أو يزيد، وبعضاً من القضاة يداومون من التاسعة أو العاشرة وحتى الثانية ظهراً أو يزيد.

فأكثر من تضرر من ذلك النظام ليس القضاة، وذلك لأن من يداوم عصراً لا يداوم صباحاً هذا جانب، من جانب آخر فهو من يحدد ميعاد جلوسه وميعاد قيامه، فلا تشكل أي عبء عليه بل إن بعضاً من القضاة وجد في ذلك النظام ما أراد من استغلال الصباح والعمل في المساء أو العكس.

أما لو بحثنا قليلاً في التكلفة المادية لهذا النظام هل سنجدها تصب دخلاً لصالح ميزانية وزارة العدل أو لغيرها من الجهات المرتبطة بها كالمجلس الأعلى للقضاء وكوزارة الداخلية أم أنها تشكل عبئاً ماديّاً جديداً!؟ دفع رواتب إضافية بالنسبة للموظفين نظير العمل المسائي الإضافي.

دفع رواتب للقضاة الذين يعملون الساعات المسائية لعدد من الساعات أقل من عدد الساعات الصباحية، وبالتالي تكلفة مساوية لجهد وزمن أقل ارتباطاً لوزارة العدل بجهات أخرى كمراكز الشرطة والتحقيقات ووزارة الداخلية بشكل عام، سيجعلها تضع ذلك العبء المادي على تلك الجهات وقد يكون بتنظيم مختلف وبالتالي تكلفة مادية أكثر.

وغيرها من التكلفة المادية، فزيادة استهلاك الكهرباء وزيادة استهلاك الماء والحوادث المرورية، وحتى زيادة التلوث البيئي بشكل عام. فهذا يشكل أيضاً ضرراً وضرراً كبيراً لباقي أفراد المجتمع كونه سيتحمل تلك التبعة.

أما المحامون والمحاميات فلم يتجاوزهم الضرر بل أصابهم نصيب الأسد منه، حيث إن الضرر الذي أصابهم من جراء ذلك النظام هو دوام البعض منهم من الثامنة صباحاً وحتى التاسعة أو يزيد ليلاً من أجل متابعة جلسات صباحية وجلسات مسائية بأوقات مجهولة، إلا عن القضاة المكلفين بسير الجلسات فلا يستطيع مع ذلك النظام متابعة حياته أو متابعة أعماله الأخرى أو قيامه ببحوث قانونية تخدم بلده ومجتمعه أو دراساته العليا لرفع هامة بلده عالياً، بل وبكل أسف وببعض الأحيان يصعب عليه التوفيق وحده في كل هذه الأوقات المختلفة حيناً، والمتضاربة حيناً آخر، فيكون يومه مقضيّاً بين قاعات المحاكم فحسب دونما شيء آخر.

لن ننكر ما قامت به جمعية المحامين وما تقوم به - في بيان سلبيات هذا النظام - من دور كبير جداً، فقد تحدثت بكل وسائل الاعلام، واجتمعت مع ذوي الشأن، واعتصمت وقدمت عرائض حتى بح صوتها من دون أي صدى.

ومع كل ذلك وتلك...، هل سيقبل المحامون المتدربون أم سيدبرون عن العمل بسلك المحاماة؟! وهذا النظام واحد من بين هموم المهنة التي ما عادت قليلة بكل أسف، وبالتالي سيأتي علينا يوم سنجد بأن العاملين في الحقل القانوني، والذي يعتبر سلك المحاماة الأكثر نيلاً له من التدريب قلة، وبالتالي لن يكون حصادنا قانونيين ومحامين بمملكة القانون.

أما المحامون القدامى فلا سبيل لهم في الإدبار لعدم وجود البديل الأنسب، وعليه سيبحثون عن الحلول في بح أصواتهم بطلب ترك هذا النظام أو ذاك النظام ويناضلون في هذه الحياة حتى تنقطع أنفاسهم.

وأخيراً أقول كلمة أتمنى أن تجد صدى يردد وأذناً تسمع، حاجتنا للقانونيين والمحامين كحاجتنا للقانون نفسه في دولة القانون، فلا قانون من دون قانونيين، ولا قانون من دون محامين، فلا تتركوا الكثرة تعزف بسبب نظام من الأنظمة، نعم لدراسة جدوى النظام، نعم للتصويت على النظام ممن له أثر عليه، نعم لإعطاء جمعية المحامين وزناً كسائر الدول القانونية المتقدمة، فالأمس كان نظام الساعات الجديد، واليوم تضعيف الرسوم على المحامين، وعلى الناس وغداً لا ندري ما هو القرار الجديد الذي سيطبق بغمضة عين ويترك همّاً جديداً بنفس المحامين.

إقرأ أيضا لـ "نفيسة دعبل"

العدد 5155 - الإثنين 17 أكتوبر 2016م الموافق 16 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:53 م

      كلام في الصميم

    • زائر 8 | 2:44 م

      كلامج سليم أستاذة لكن هناك إيجابيات أيضا وعلينا ان لا ننكرها وهي الحصول على مواقف مجانية في المنطقة الدبلوماسية الفترة المسائية والتسهيل على الناس واهلهم وخل تكون نظرتنا أوسع من المحامين وبس
      وما ننسى ان هناك الإجراءات الشرعية فتحوها أيضا في العصر وهذا قلل من الضغط الصباحي الذي لا يُطاق
      وهذه المنطقة من المستحيل الدخول لها برسوم رمزية قبل السابعة والنصف صباحا وهناك محامين مختصين بالجنائي و مو ملزومين يداومون كل يوم من الصبح بسبب جلسة في محكمة صغرى جنائية او اجراء شرعي
      عبدالعزيز الجار
      محامي

    • زائر 7 | 1:53 م

      أحب ان اعرف ؛ هل ستنشرون مقالي لو كتبت حول أصل مهنة المحاماة و عن الشكاوي من المحامين و عدم احترام مهنتهم و مسئولياتهم اتجاه الموكلين؟ أنتظر ردكم لكي أرسل مقالي.

    • زائر 5 | 8:18 ص

      انا شخصيا نصبت عليي محامية أخذت المبلغ المطلوب في القضية كله ولا سوت شيئ في قضيتي لا تحضر ولا تخبر وكل ما سالناها قالت خير إنشاء الله ويوم غيرناها سمعنا عنها الكثير من تلاعب وانتهاز المهنة ليس للعمل بأمانة ومهنية وإضافة لأمور أخرى .

    • زائر 10 زائر 5 | 3:21 م

      معظمهم نفس الشيئ. هذه طبيعة هذه المهنة. بدليل ان المحامي مستعد ان يقبل الدفاع عن اي شخص او اي مدع او مدع عليه ؛ القاتل او المقتول. بعد فترة يتعودون علي هذه الازدواجية و تصبح جزءا من شخصيتهم الغير مستقرة.

    • زائر 4 | 6:03 ص

      نظام

      اعتقد ان فتح المجال للمقاضاة عصرا قرار صائب كونه يحل مشكلة الزحمة المرورية ف النهار وصعوبة الوصول إلى المحكمة وتكدس المحاكمات ف الفترة النهارية فوجود أكثر من فترة يحل الكثير من الأمور التي تتعلق بالمقاضاة والمحاماة.

    • زائر 3 | 3:09 ص

      المحامين هم آخر ناس ندافع عنهم فى الدنيا .. وهم أول الناس من سيحاسبون فى الآخرة .. لأنهم السبب فى ياما فى السجن مظاليم؟!!.

    • زائر 6 زائر 3 | 11:20 ص

      أنا لست محامي ، يجب ان يقف المجتمع مع كل إنسان مظلوم وذلك على اعتبار بأن الظلم لو انتشر سوف يأتي إليك انت أيضاً ، نعم لإلغاء الدوام المسائي ونعم لتخفيض رسوم المحامين ورسوم التقاضي عموما

اقرأ ايضاً