العدد 17 - الأحد 22 سبتمبر 2002م الموافق 15 رجب 1423هـ

حرية التعبير: نادي العروبة مثلا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حسنا فعلت وزارة الداخلية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة عندما اعادت النظر في قرارها تأجيل/ الغاء ندوة نادي العروبة الاسبوع الماضي. فانعقاد الندوة يوم السبت 21 سبتمبر/ ايلول عزز من حرية التعبير عن الرأي وأكد اهمية هذا الحق الاساسي. فمادام الرأي يعبر عنه بصورة سلمية فلابد وأن يجد له مجاله الطبيعي للتعبير... وخصوصا ان عالم اليوم اصبح مفتوحا ولم يعد بالامكان منع ايصال الافكار والآراء.

فنادي العروبة الذي تأسس العام 1939 يعتبر واحدا من اقدم المؤسسات الاجتماعية التي نفخر بها كبحرينيين، وفيما لو منعت هذه المؤسسة من ممارسة دورها فإن الرسالة التي ستصل إلى بقية المؤسسات الاخرى سيكون مغزاها سيئا... فإذا كان نادي العروبة يُمنع من عقد ندوة فما بالك بالنوادي الاخرى!

والحقيقة هي ان البحرين كانت لديها حرية التعبير في المنتديات منذ تأسيسها في مطلع القرن العشرين وحتى العام 1959، اي بعد اعلان حالة الطوارئ في ديسمبر/ كانون الاول 1957. ففي العام 1959 صدر قانون مجحف حرم النوادي الكبرى آنذاك من ممارسة الانشطة الثقافية كما كان الوضع قبل ذلك العام. فقانون 1959 منع النوادي (وأية مؤسسة اخرى مشابهة) من عقد اي اجتماع او تنظيم أية ندوة أو عرض أية مسرحية إلا بعد الحصول على «موافقة كتابية»....

هذا الوضع السيئ للنوادي والمنتديات ازداد سوءا في العام 1975 بعد حل المجلس الوطني وفرض قانون أمن الدولة الذي حرم المواطنين حقهم في التعبير عن الرأي واعتبر (بصورة فعلية) اي مواطن يعبر عن رأيه مجرما يجب سجنه ثلاث سنوات من دون محاكمة. وتلى قانون أمن الدولة قوانين اخرى مثل قانون 1989 الذي قضى على مجال التنفس والتعبير عن الرأي مما فسح المجال للمفسدين استغلال حرمان الناس من حرية التعبير للاساءة إلى سمعة البحرين.

ثم جاء عهد الاصلاح مع عظمة الملك، وبادر الجميع إلى تأييد الخطوات الاصلاحية، واستعادت البحرين حيويتها في سرعة فائقة، إذ سرعان ما عادت الاجتماعات والندوات التي كان ينعم بها آباؤنا وأجدادنا قبل اعلان الطوارئ في 1957. وهكذا ايضا ارتفعت سمعة البحرين في الافاق، وبدا وكأننا نحقق احلام المناضلين الذين تحركوا منذ العام 1938 مطالبين بمزيد من الحريات العامة.

غير ان هناك - على ما يبدو - مَن لايزال يفكر بعقلية تخاف من الناس وتشكك في نوايهم ... ولذلك كانت هناك شبه محاولة لإعادة القوانين القمعية، ولكن لحكمة القيادة السياسية وحكمة المعارضة، استطاعت البحرين ان تتخلص من عقدة «منع المنديات» وأملنا ألا يحاول احد منع حرية التعبير عن الرأي أو التعامل مع مؤسسات مرموقة بالأسلوب نفسه الذي كان معمولا به ايام قانون أمن الدولة... فقوانين أمن الدولة لم تحقق امنا ولا سمعة للبحرين، واعادة العمل بها لن يحقق أية فائدة لأحد...

انعقدت ندوة «العروبة» ولم يتضرر أمن البلاد في شيء وخرج المنتدون والحاضرون وهم يشعرون بارتياح لأنهم تحدثوا واستمعوا إلى بعضهم الآخر، ووصلت رسالتهم إلى القيادة السياسية، وتفاعلت الحركة السياسية (سلبا/ إيجابا) مع ما طرح في الندوة... وعلينا ان نتصور الحال لو منعت الندوة، إذ سيكون كل شيء معكوسا...

علينا ان نفخر جميعا انه في عالم يحيط بنا ويتجه اتجاهات متناقضة، اننا في البحرين نستطيع ان نجتمع سلميا ونعبر عن أنفسنا وكل ذلك من دون الاخلال بالسلم الاهلي... وتلك هي البداية الحقيقية للديمقراطية، ولعلها الاهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 17 - الأحد 22 سبتمبر 2002م الموافق 15 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً