العدد 5168 - الأحد 30 أكتوبر 2016م الموافق 29 محرم 1438هـ

الشركات العائلية وصراع البقاء

جعفر الصائغ

باحث اقتصادي بحريني

أوضحت دراسة ميدانية للشركات العائلية أن 18 في المئة فقط من هذه الشركات نجحت في الانتقال للجيل الثالث، في حين أن 11 في المئة منها نجح في الوصول للجيل الرابع. معنى ذلك أن غالبية الشركات العائلية الخليجية تنتهي مع نهاية الجيل الأول أو الثاني. فإذا افترضنا أن مؤسس الشركة قد أسس شركته وهو في الثلاثين من العمر (متوسط العمر هو سبعين سنة) فإن العمر الافتراضي لأغلب الشركات العائلية هو ثلاثين سنة كحد أقصى، أي أن الشركة تنتهي بوفاة المؤسس. أما بقية الـ18 في المئة من هذه الشركات، فإنها تستمر لسبعين عاماً كحد أقصى، مع افتراضنا أن مؤسس الشركة أنشأ شركته وهو في عمر الثلاثين وتوفاه الله أو أصبح عاجزاً عن العمل في عمر السبعين، ويأتي الابن الأكبر وهو في الأربعين من العمر لإدارة الشركة لمدة ثلاثين سنة قادمة.

ما هو السبب في قصر عمر الشركات العائلية؟ وكيف يمكن إطالة عمرها؟

تلعب الشركات العائلية دوراً مهماً في الاقتصاد الخليجي من خلال عددها وقدرتها على خلق فرص عمل، وحجم وتنوع صادراتها. وتشير إحدى الدراسات إلى أن 93 في المئة من قطاعات الأعمال في مجلس التعاون الخليجي عبارة عن شركات عائلية (تبلغ النسبة في الاتحاد الأوروبي 75 في المئة). وتوظف قرابة 15 مليون مواطن وأجنبي. يبلغ اجمالي ثرواتها واستثماراتها العالمية أكثر من 2 تريليون دولار، وتمثل نحو70 في المئة من حجم الاقتصاد الخليجي غير الحكومي، كما تقدر حجم استثماراتها قرابة ثلاثة تريليونات دولار، بنسبة تتجاوز 10 في المئة من الناتج المحلي. فهي بذلك تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الخليجي. تواجه هذه الشركات تحديات كبيرة ومن الصعب مواجهة تلك التحديات بالقدرات المالية والإدارية المتاحة لديهم. فهم في حاجة لاستثمارات هائلة تمكنهم من منافسة الشركات الأجنبية ذات القدرات التنافسية العالية، وهم أيضاً في حاجة إلى قدرات إدارية متخصصة تمكنهم من الاستمرار والبقاء. ويأتي على رأس التحديات عملية انتقال المسئولية بعد وفاة المؤسس، فكثير من الشركات تنهار أو تتجزأ إلى شركات صغيرة بعد وفاة العمدة نتيجة للصراع العائلي على السلطة والإدارة. كما يعيب هذه الشركات أن القليل منها ينجح في إعداد وتهيئة الخليفة القادر على إدارة الشركة. وهذه المشكلة ليست محصورة على الشركات الخليجية فهي مشكلة تعاني منها الشركات العائلية في كثير من البلدان. ففي دراسة أميركية تؤكد أن 45 في المئة فقط من الجيل الأول بالشركات الأميركية ينجح في إعداد وتهيئة من يخلفه من الجيل الثاني.

إنه ولضمان استمرارية وإطالة عمر هذه الشركات، فإن الأمر يستلزم أولاً صياغة وبناء الإطار القانوني المتكامل، والذي يتناسب وطبيعة عمل العائلة، ثانياً: وضع الرؤية المناسبة لهذه الشركات لضمان مستقبل آمن يكفل لهم التعايش مع المتغيرات الاقتصادية والإدارية، ثالثاً: وضع نظام إداري يدير علاقات أفراد العائلة بحيث يضمن الحقوق لكل واحد منهم ويعزز الثقة بينهم، رابعاً: تشجيع فكرة الاندماج بين هذه الشركات، لغرض زيادة قدراتهم التنافسية، وتكوين شركات إنتاجية قوية تدعم الاقتصاد الوطني، وخامساً: تشجيعهم على التحول إلى شركات مساهمة على أسس سليمة، بحيث تضمن حقوق أصحابها والمساهمين الجدد - فالكثير من أكبر الشركات المساهمة المدرجة في الأسواق المالية العالمية هي شركات عائلية.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الصائغ"

العدد 5168 - الأحد 30 أكتوبر 2016م الموافق 29 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:09 ص

      شكراً دكتور جعفر على هذا المقال المهم والذي يسلط الضوء على شريحة مهمة من قطاع الاعمال في الخليج . لقد تنبهت حكومات الخليج لهذه التحديات التى تواجه هذا القطاع وسعت الى وضع اطر قانونية وإدارية لظمان استمرار نمو وازدهار هذه الشركات . ونخص بالذكر هنا المبادرات الكثيرة التى أطلقها مركز دبي المالي العالمي في هذا المجال ومنها على سبيل المثال إطلاق مبادرة حوكمة للشركات العائلية لمساعدتها على التحول من نمط الادارة الفردية الى الادارة المهنية المتخصصة ، وفصل الملكية عن الادارة ، الخ. تحياتي ، ابوعبدالله

    • زائر 2 | 5:28 ص

      يكنزون الاموال والناس جواعة لهادا لايستمرون والله اراد منهم الزكاة لاكنهم لايخرجون الزكاة اكثر التجار لايزكون

    • زائر 1 | 1:44 ص

      مقال رائع .. ولكن ما سبب سقوط وتهاوي الشركات العائلية ؟
      السبب يكم في أن اغلب الشركات قامت بفكرة المؤسس ولم يستطع نقلها للابناء بعد التعليم لكون كل ابن تخصص في مجال بعيد عن مجال الأب التجاري .. مثلا والدي هو تاجر وبحكم اني معه مذ نعومة اضافري في العمل وفي مختلف شركاته فإنني اكتسبت اضافة الى المعرفة التجارية بعدا اخر وهو الاستقلالية .. اخوتي لم يندمجو يوما في الاعمال والنتيجة انهم كلهم موظفون .. ان اردت ان تزدهر افكارك وتستمر فاودعها في ابناءك

اقرأ ايضاً