العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ

وفد من الجمعيات النسائية يبحث شكاوى خطيرة مع وزير العدل

طالبت 20 سيدة بحرينية وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بالتحقيق في أحكام القضايا الشرعية التي صدرت سابقا وإعادة النظر فيها، وتفعيل دور المجلس الأعلى للقضاء في محاسبة القاضي لاتخاذ إجراءات تأديبية ضده. وكانت مجموعة من لجنة العريضة النسائية التقت صباح أمس وزير العدل ورفعت إليه عريضة تظلم شكت فيها قضاة المحاكم الشرعية، مطالبة بالإسراع في إصدار قانون للأحوال الشخصية.


اتهمنهم بمساومة النساء وتلقي رشاوى وتجاوز القانون

بحرينيات يشتكين بعض قضاة الشرع إلى وزير العدل

المنامة - فاطمة الحجري وعبدالجليل عبدالله

رفعت مجموعة من ممثلات الجمعيات النسائية عريضة تظلم إلى وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة طالبنه فيها بإقالة عدد من القضاة المعينين في المحاكم الجعفرية والسنية وتعجيل إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية.

وطالبت أكثر من 20 سيدة التقت أمس وزير العدل في مبنى الوزارة النظر في قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالأسرة والمرأة والطفل، مع الرجوع إلى أحكام الدستور واتفاق منع التمييز ضد المرأة.

وأكدت عدد من الناشطات المطالبة بحقوق المرأة في البحرين أهمية ان يفتح تحقيق في أحكام القضايا الشرعية السابقة ليعاد النظر فيها في ظل ما أسمينه بتحيز القضاة لصف الرجل على حساب إنصاف المرأة، في الوقت الذي شددن فيه على أهمية تفعيل دور المجلس الأعلى للقضاء في محاسبة القضاة الذين يرتكبون خروقا في تطبيق القانون.

وطالبت عضوة لجنة العريضة النسائية غادة جمشير التي انبرت تدافع عن شريحة عريضة من النساء المتضررات من الأحكام «غير المنصفة» خلال اللقاء برفع الحصانة عن القضاة وتقديمهم للمحاكمة في حال ارتكبوا أخطاء جسيمة تلحق الضرر بالمتقاضين.

وبحسب جمشير فإن المراكز الاجتماعية تعد المكان الأنسب لتسليم أطفال المطلقين، عوضا عن مراكز الشرطة التي تحدث خللا في وضع الأمن النفسي للأطفال.

وفي اقتراح تقدمت به العريضة التي رفعت بالأمس جاء «إنه لابد من إحالة بعض قضاة المحاكم إلى التقاعد بحكم أن مدة عملهم حسب قانون التقاعد قد استنفذت وإحلال الكوادر الشبابية المسايرة لتغيرات العصر المتسارعة».

وجاء في البيان الذي أصدرته لجنة العريضة النسائية حديثا: «إن اللجنة تابعت بقلق شديد ما تسرب من أخبار عن صدور قانون الأحوال الشخصية على أساس طائفي، ما نأمله هو قانون موحد يصلح من سوء أوضاع المرأة أمام القضاء ويحد من انحياز القضاة للرجل».

وأضاف البيان: «نفترض أن يكون القضاء نزيها محايدا، بيد أن ما لمست اللجنة طوال السنوات الماضية لم يكن سوى ضعف في النفقات المحكوم بها، وسلب المرأة مسكن الحضانة، ومساعدة الرجل على التحلل من الالتزام بدفع النفقات».

ربيعة: انتهاكات قضاة

الشرع كثيرة

وقالت الناشطة في حقوق المرأة بدرية ربيعة ان انتهاكات كثيرة يرتكبها عدد من القضاة في المحاكم السنية والجعفرية بمساعدة رجال الأمن، عايشتها اللجنة مع عدد من النسوة المتضررات من الأحكام القضائية التي سلبت منهن حضانة الأبناء فقط لأنهن العنصر الأضعف في المعادلة الرجالية.

وأضافت: «ما يصل إلى اللجنة هو نقطة من بحر متلاطم يعج بقضايا النساء اللواتي يعشن الضيم جراء تحيز القضاء وضعفه وعدم تمتعه بوضع أكاديمي وعلمي يتناسب مع عصر الانفتاح بالإضافة إلى انتشار المحسوبية بشكل يثير الرعب».

وبالرجوع إلى البيان فإن الموقعات على العريضة طالبن بتطبيق قانون المرافعات الشرعية في ظل انعدام الكفاءة وسيادة الأهواء والمزاجية في الأحكام.

وجاء في البيان تلقي البعض لرشاوٍ واتهامهم بتجاوز القانون.

وقالت ربيعة: «ان اللجنة استقبلت الكثير من شكاوى النساء اللواتي ساومنهن بعض القضاة وعرضوا عليهن زواج المتعة والمسيار مقابل تخليصهن من مشكلاتهن العالقة لما يمتد إلى عشر سنوات وأكثر (...) وفي بعض الأحيان يساند القاضي الرجل في مطالبة مبالغ خيالية تفوق مقدرة المرأة بأضعاف وأضعاف مقابل أن تخلع نفسها من دون أدنى احترام للكرامة الآدمية».

وترى اللجنة ان إطالة أمد التداعي طوال السنوات الماضية من الأسباب التي تؤدي إلى ضياع الأسرة والأطفال في المجتمع البحريني.

واختتم البيان بدعوة السلطات البحرينية إلى رفع تحفظها على اتفاق منع أشكال التمييز ضد المرأة كافة. فيما قدمت جمعية المرأة البحرينية مقترحات تخص المطالبة بقانون الأحوال الشخصية الموحد وإقرار نفقة قانونية ثابتة للزوجة وللقاضي حق تقدير الزيادة والنقصان بحسب ظروف الزوج.

مرهون: قانون موحد للأحوال الشخصية

وقالت رئيسة الجمعية نعيمة مرهون في حديث خاص إلى «الوسط»: يجب أن ينص القانون على أن تكون الحضانة للأم حتى وإن تزوجت برجل آخر، فهي الحاضنة الأولى التي احتضنته وهو علقة ولا يمكن أن تكون زوجة الأب أرحم عليه من والدته بأي حال.

وأضافت: «يجب أن ينص القانون على ان الطلاق هو حق متكافئ للمرأة والرجل، ويجب أن تشكل لجنة للتحقيق الموضوعي ولا يترك الحكم لمزاج القاضي (...) أما السكن فيكون للزوجة الأولوية في الاحتفاظ فيه على ألا يهضم حق المرأة في الأموال التي صرفتها على عش الزوجية».

وبحسب مرهون فإنه يجب تشكيل لجنة نسائية تمثل جميع الجمعيات النسائية والمجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي وجمعية حقوق الإنسان وجمعية المحامين والاجتماعيين لتساهم في صوغ قانون الأحوال الشخصية خصوصا البنود الخاصة بالأسرة.

قصص المطلقات

بعدها توالت مجموعة من المطلقات في عرض قصصهن في رحلة الطلاق الطويلة في المحاكم، لتنسب بعضهن أفعال مشينة يرتكبها عدد من القضاة في حق المرأة منها الإهانة والتهديد بالحبس والقذف بالتواطؤ مع المطلق.

وقالت أمينة محمد حسن للوزير: «أنا عراقية الأصل جاء بي زوجي غريبة ليتركني بعد سنوات ويتزوج براقصة ويأخذ مني أطفالي بحكم القاضي الذي كان يعرف تماما أني لا أعمل ولا عائل لي وأنا في بلاد الغربة، وعلى رغم ذلك كان يقول لي تصرفي، ولم يحكم لي برؤية بناتي».!

وتضيف أمينة: «القاضي كان يستقبل الشهود في بيته ويقبل الشهادة عبر الهاتف، فهل هذه التصرفات تمت إلى القانون بصلة؟».

أما ليلى فكانت لقصتها الوقع الأكثر إيلاما حيث قالت ان زوجها كان يضربها وهو تحت تأثير السكر ويطردها خارج المنزل لتنام على الرصيف طوال الليل لتدخلها الخادمات في الصباح فتشاهده يتحرش بهن جنسيا أمام عينيها.

وتقول: «أنفقت أموالا طائلة عليه وعلى بيته، وبعدها نفذت بجلدي بالخلع وطردني كما تطرد القطط، وعندما طالبته بالإنفاق على عياله تعلل أمام القضاء بالقروض وامتثل القاضي لأوراقه المزعومة، لذا فإننا نطالب بألا ينظر القضاء للديون التي يتعلل بها الرجل لينفقها على زوجته الثانية ويهضم حق الزوجة الأولى».

وتوقعت رئيسة جمعية سيدات الأعمال أفنان الزياني: أن تؤدي هذه الخطوات إلى تصحيح هذا الوضع في المحاكم الشرعية، في الوقت الذي طالبت فيه بتطبيق الذمة المالية بنهج الشريعة الإسلامية إذ لا تأخذ المحاكم بما أنفقته المرأة على بيتها وأولادها وتكتفي بإقرار النفقة الشحيحة التي لا تتناسب مع العيش الكريم.

وقالت: إن الدين الحنيف فتح باب الاجتهاد ليظل الإسلام متناسبا مع كل زمان ومكان، والوضع الحالي يحتاج إلى اجتهاد ينصف المرأة، مشيرة إلى أن الخلل لا يكمن في الدين بل في التطبيق الذي يخضع لمزاج القاضي.

وتساءلت: «لو كان القاضي ينظر في قضية تخص ابنته أو أخته، فهل سيرضى لها الذل والمهانة ويتحيز لبني جنسه ليهضمها؟».

الوزير: سننظر في القضايا

وبعدما استمع الوزير إلى تظلمات أعضاء اللجنة قال في حديث خاص إلى «الوسط»: «إننا سننظر بشأن القضايا التي طرحتها الأخوات خصوصا تلك التي لا تزال في المحاكم ولم يصدر بشأنها الحكم، أما تلك التي قال فيها القضاء كلمته فيمكن تقديم شكوى بشأنها للمجلس الأعلى للقضاء لينظر فيها».

وأضاف الوزير: «إذا كان هناك أي ضرر تسبب فيه أي قاض ينتمي للوزارة فيمكن رفعها أيضا إلى المجلس الأعلى للقضاء ليدرسها ويحقق فيها ويبدي فيها رأيه القاطع».

المحامي محمد المطوع أوضح أن إشكالية حقيقية يواجهها المحامون في المحاكم الشرعية عامة لعدم تطبيق قانون المرافعات الشرعية الصادر بمرسوم رقم 26 في سنة 1986، فالمحاكم الشرعية عموما بحسب المطوع لا تعترف بقواعد ولا بقوانين مما سبب مشاكل كثيرة للمحكمة وللمتقاضين، فضلا عن ذلك المطوع يقول إنه استأنف منذ فترة حكما شرعيا صادرا منذ 11 عاما، على رغم أن ميعاد الاستئناف يحدد 450 يوما فقط.

ويضيف: المحاكم الشرعية تجهل القانون وما يصدر من أحكام تعكس أهواء القاضي في ظل غياب الضوابط... «كفاءة القضاة ـ بحسب المطوع ـ ليسوا مؤهلين لأن يتم تعيينهم في هذه المناصب ـ ليس الكل ـ فهم لم يتلقوا دراساتهم في الجامعات، والقاضي الشرعي غالبا ما يخرج عن اختصاصاته».

هناك دعوى أصدرت المحكمة فيها حكما بالرجم على الرغم من أنه من اختصاص المحكمة الجزائية والتجاوزات تمتد إلى أن يأمر بحبس متهم أو أن يمارس ضغوطا على طرف بالدعوى بتهديده بالحبس في محاولة لإجباره على ما ما يكره.

زوجة لرجلين

بحكم المحكمة!

يستشهد المطوع في ذلك بأن قاضيا شرعيا طلّق زوجة مواطن بالإكراه، إذ قام بحبسه لإجباره على التطليق على الرغم من أن طلاق المكره لا يقع... وبعد مدة العدة تزوجت مطلقته بآخر وحملت منه، لكن الزوج الأول استأنف الحكم بالطلاق في الاستئناف العليا وجاء الحكم بإبطال الطلاق وإعادة الزوجة إلى زوجها... المحكمة الكبرى بعد تقدم الزوج لإبطال عقد زواج زوجته من رجل آخر رفضت دعواه؛ لأن عقد الزواج صحيح والاستئناف أيضا أيدت الحكم.

قال المطوع: إن الحكمين بالقوة نفسها وصادران عن دائرتين شرعيتين من المذهبين. إن المرأة ـ يقول المطوع ـ هي الآن زوجة لشخصين، فهل كلا الحكمين (الجعفري والسني) صحيحان، وان السبب في هذا الوضع تصرفات بعض القضاة وتجاوزهم لصلاحياتهم ليصبح الحكمان غير قابلين للطعن.

ويذكر المطوع نوازع القضاة في المحاكم الكبرى الجعفرية والسنية تجاه المرأة إن لجأت إلى المحاكم، فالبعض يشترط لإنهاء معاناتها أن يتزوجها زواج المتعة أو المسيار حتى تستطيع الطلاق من زوجها، والحالات كثيرة.

المحامية فاطمة الحواج قالت: إن بعض قضاة الشرع لا يكنون أي احترام للمحامي لا في أسلوبه ولا في تعامله، فأسلوب الحوار والتقاضي لا يرقى إلى مستواه كقاضٍ، وأحيانا يتلفظ البعض بألفاظ تصغّر من شأنه وشأن المحكمة.

وتضيف: «طريقة المرافعة داخل قاعات المحاكم ليست ذات مستوى لعدم الالتزام بأصول قوانين المرافعات والإجراءات الشرعية، إضافة إلى انشغال بعض القضاة في أمورهم الخاصة كالتحدّث في الهاتف بحيث ينتظر الخصوم إلى حين انتهاء القاضي من أموره ثم يعاود نظر الموضوع مرة أخرى».

الحواج تشير إلى أن المحسوبية تلعب دورا كبيرا في إصدار الأحكام وأيضا الأطماع الشخصية للقاضي أمام المرأة، وتذكر أن حالات كثيرة تعرّضت فيها النساء إلى أن تُحل أمورهنّ مقابل أن يتزوج بهن القضاة زواج المتعة أو المسيار. وترى الحواج أن الحل يكمن في تغيير الكادر القضائي، فهم ـ في رأيها ـ يصلحون لأن يكونوا مُصلحين اجتماعيين لا قضاة قانونيين. وتقول: إن استياء عاما على مستوى المحامين والخصوم من جرّاء تصرفات بعض القضاة تلاحظ بشكل يومي.

العصفور: لا يجوز

التشهير من دون دليل

القاضي حميد العصفور أبدى رأيه في هذا الموضوع وقال: لا يجوز اتهام أي إنسان أو التشهير به في الصحف من دون دليل، فعدم ذكر أسماء يجعل من الاتهام عاما لجميع القضاة وهذا خطأ كبير، وان الادعاءات تحتاج إلى إثبات ويجب على الصحافة ألا تقع في هذا الخطأ. ويؤمل من الصحافة أن تكون بمقدار ما فيها من حرية أن تكون محافظة، وقال: ليس لدينا مانع في معرفة آراء الناس أو حتى التظلم، فالقاضي ليس ملاكا منزها عن الخطأ، ولكن هذه الأخطاء لا يصح أن تطرح في الصحافة بل يتم عرضها ومناقشتها ومن ثم حلها عبر القنوات الرسمية.

وأضاف أن من يريد أن يتحدّث عن المشاكل التي تخص فئة من المجتمع عليه أن يشكل وفدا يضم أشخاصا واعين وعقلاء. وتمنى العصفور تشكيل هذا الوفد لمناقشة مسائل المرأة، وقال: نحن لا ندّعي العصمة وأنا أفضّل الحديث الآن فربما يسجل رأيي بعبارات لا تعني ما قصدته. والأمر يحتاج إلى أن نعقد لقاء مع الصحافة مع أن هذه القضايا إذا ما استدعت المحاسبة أو المتابعة فلا تكون عن طريق الصحافة ولابد أن تذهب إلى القنوات الرسمية.

وأوضح أن المرأة ربما يضيع شيء من حقها نتيجة عدم قدرتها على المرافعة وجهلها وعدم اطلاعها على الجانب الشرعي، فنحن كل منطلقاتنا شرعية. أما إن صح أن بعض القضاة ينتهزون ظروف المرأة في المحكمة ويطلبون الزواج منها بالمتعة؛ فأنا ضد هذه التصرفات بكل تأكيد

العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً