السيناريو السياسي الذي جاء بالرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة في لبنان انما يطلب انتظام العملية الدستورية والسياسية، وتمكين الحكومة ادارة الازمة، بعيداً عن الطوباوية التي يتغنى بها الافرقاء، بما يعني انخراط الجميع في «ثقافة الصفقة»، والمساومات على الحصص والحقائب، في حين ان مسار تأليف الحكومة جار على قدم وساق، رغم محاولة بعض الطفيليين العرقلة بحسب النائب وليد جنبلاط الذي غرد عبر تويتر قائلاً ان «بعض الطفيليين يعرقلون مسيرة التأليف، لكن يجري التعامل معهم»، مرفقاً التعليق بصورة.

مقرب من القصر الجمهوري، قال لـ "القبس" الكويتية إن رئيس الجمهورية جاد في مسيرة الاصلاح، لاسيما في ما يتعلق بالأمور الحياتية اليومية كالكهرباء والماء والاقتصاد، بغض النظر عن المشاريع السياسية التي ترسم خريطة للمنطقة. وفي هذا الاطار، اعتبر الرئيس عون امس ان ما ورد حول الابعاد الاقتصادية في خطاب القسم يمثّل التخطيط الشامل للاقتصاد ومجمل المخططات القطاعية، الّا انّه «وبما اننا في نظام اقتصادي حر، فالعمل يقع على عاتق الجميع، على اساس التضامن».

وشدد على انّه لا يجوز ان تبقى الليرة اللبنانية مدعومة بالدين الذي بلغ حجماً كبيراً، وتحسين وضعها يتم بالانتاج، فالاقتصاد هو الداعم الاول للعملة اللبنانية. وإذ دعا الى فصل الخيارات السياسية الخارجية عن الداخل اللبناني، اشار الى ان الاتصالات التي تلقاها من رؤساء الدول العربية والاجنبية، تؤكد الثقة بلبنان. وكان عون استقبل امس وفد الهيئات الاقتصادية، برئاسة الوزير السابق عدنان القصّار.

في هذا الوقت، قطع رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري شوطاً بعيداً في الخوض في تفاصيل الحقائب مع كثير من الافرقاء السياسيين، ما شكل اثباتاً لكون عملية تأليف الحكومة تقترب من حصر العقد الاخيرة، ومحاولة حلها بإيجاد مخرج لها في الايام القليلة المقبلة، قبل عيد الاستقلال في 22 نوفمبر، ويبقى ذلك رهن نتائج الاتصالات المتسارعة لتذليل عقدتي «السيادية» القواتية او ما يوازيها، والمالية لرئيس مجلس النواب نبيه بري والتي حسمت مبدئياً، فيما رجحت مصادر لـ القبس ان تحصل القوات اللبنانية على وزارة العدل، وان تسند إلى شخصية غبر قواتية يرجح ان يكون الوزير السابق ابراهيم نجار الذي سبق وان تولى الوزارة ممثلاً عن حزب القوات في حكومة سابقة.

واشارت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية على خط التشكيل الى ان الرئيسين عون والحريري يسعيان إلى التوصل الى صيغة «وسطية» مقبولة من الجميع، تفرج عن التشكيلة وتنهي الفيتوات والقيود الموضوعة، وكان الجميع يجمع على ان الحكومة المقبلة ستؤمن ادارة دقيقة للأزمة وتأمين ما امكن من احتياجات الناس واعادة الاستقرار الامني.

رسائل سعودية

وفي هذا الاطار، تلقى وزير الخارجية جبران باسيل رسالتين من القائم بالاعمال السعودي في بيروت وليد البخاري، الاولى تنقل تهنئة بالعهد الجديد، والثانية تؤكد على سيادة لبنان واستقراره، وتشير إلى التحضير لاطلاق مركز الاعمال في مبنى السفارة للمساهمة في تسهيل معاملات رجال الاعمال اللبنانيين والسعوديين. وكشفت مصادر دبلوماسية أن اجتماع باسيل-البخاري يأتي فيما يتم التحضير لزيارة يقوم بها الرئيس عون الى السعودية. ولم تستبعد المصادر نفسها ان تفرج المملكة عن الهبة السعودية للجيش اللبناني التي جمدتها منذ اكثر من سنة.