العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ

«التطبيل والنفاق» لا ينهضان بوطن!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

من الإطلالة الأولى، قد يقول قائل لمجرد التعليق على العنوان «نعم... التطبيل والنفاق يصنعان مستقبلًا وينفخان كروشًا ويملآن جيوبًا»! وكلام من يقول ذلك صحيح... «مو غلط»، لكن التطبيق والنفاق والتصفيق والتملق وهي ظواهر نشهدها في نماذج متعددة من كبار المسئولين وصغارهم... في خطباء وأئمة المساجد والجوامع عاقلهم ومخرخشهم... في كتاب وممثلين وفنانين وطبالة وطقاقة مرواس من جميع الأحجام... وليس ذلك الأمر مقتصرًا على طائفة دون أخرى، أو فئة دون غيرها، بل هي تشمل أهل النفاق والتطبيل من كل الملل والنحل.

مقززة إلى حد الموت تلك الأساليب والسلوكيات التي تحيط بها تلك النماذج من أصحاب التطبيل والنفاق، ولا شك في أن ذلك الأسلوب كان ولايزال جزءًا لا يتجزأ من أسباب التراجع والترهل وسوء الأداء، وتكدس المشاكل في المجتمعات العربية والإسلامية، فمن جهة، يجيد الكثير من المسئولين النفاق والتزلف واللعب على 50 حبلًا، ومن جهة، هم في قرارة أنفسهم يعتقدون ويؤمنون ويبصمون بأن أصحاب القرار لا يحبون الكلام الصادق... لا يطيقون الحقيقة... هم يريدون النفاق والكذب وقلب الميمنة ميسرة والشمال جناحين... وفي الحقيقة، كلامهم هذا قد يكون صحيحًا، لكنه يعتبر قمة الخنوع وخيانة المسئولية الوطنية والإضرار بالوطن العربي وبالشعب في كل بقعة من أمتنا العربية والإسلامية.

بالإمكان مشاهدة بضع قنوات فضائية أو قراءة صحف أو متابعة حسابات إلكترونية لمعرفة هذا الكم الهائل، على مستوى البحرين والخليج والوطن العربي قاطبة، من الأسماء التي لا تمتلك ما يمكن أن يكون نافعًا ومفيدًا للوطن وللمواطن سوى الادعاء بأنهم أحرص الناس وأفضل الناس وأخلص الناس للأوطان، ولن تجد فيما يطرحونه ما يمكن أن يمثل إضاءة مهمة في الأزمات والظروف الصعبة التي تمر بها الأوطان... على العكس من ذلك، فإنك ستصاب حتمًا بالتقزز من شدة النفاق والدجل واستخدام المفردات والتعبيرات ذات البعد الطائفي واللون النفاقي في التزلف والتقرب من الحكام والحكومات، وهذه الظاهرة التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم، وخصوصًا في حسابات التغريد (تويتر) الخليجية، لا شغل لها إلا نشر الأشعار وقصائد التبجيل والصور والتصاميم والكلمات التي لا تخرج عن إطار المديح المبالغ فيه من جهة، والإفاضة بين حين وحين بإطلاق الاتهامات والشتائم والدعوات الطائفية والتشكيك في ولاء هذه الطائفة، ودين تلك الطائفة والتهجم على تلك الملة.

أقول أن هذه الظاهرة ما كان لها أن تنتشر لو لم يجد أولئك المتاجرون أن لبضاعتهم الفاسدة رواجًا بين الراغبين فيها! وهذا الكلام لا ينطبق على فئة دون أخرى أو طائفة دون سواها، حتى لا يقفز نفر هنا وهناك ويدعي أن طائفتك تفعل ذلك وطائفتي لا تفعل ذلك! إن الحديث عن أهل النفاق والتلميع والتطبيل لا يقتصر على منافق من طائفة معينة، ثم للتوضيح، لا يمكن القول أن من يحب حكومته وولاة أمره ويدعو لهم وينشر ما يروق له من صورهم وأقوالهم هو مطبل وبذلك فهي من هذه الطائفة، وأن من يهاجم ويفتري ويتجاوز الحدود هو مخلص لكنه خائن كونه من تلك الطائفة، فهذا المقياس لا يستقيم مع التأكيد بأن المقصود بالنفاق والتطبيل والمتاجرة بحب الأوطان هم أولئك الذين لا تجد في مقالاتهم، ولا مقابلاتهم الصحافية أو الفضائية، ولا تغريداتهم أو مساهماتهم في وسائل التواصل، إلا النفاق ثم النفاق ثم النفاق.

على أية حال، إن امتلاء وسائل التواصل وأجهزة الإعلام والصحافة بكتابات من اللون التطبيلي، لم يعد يؤثر حتى في كبار المسئولين، ولا يجدي نفعًا مع من يبحث عن منصب أو أعطيات عبر أسلوبه في اشعال النيران الطائفية، ولا ذلك التزلف والتملق المفضوح يوصل صاحبه إلى مبتغاه، لكن لكل قاعدة شواذ، فهناك من وصل إلى ما يريد عبر سلم النفاق، وهناك من سقط من أعلى سلم النفاق... سواء كان حديثنا عن البحرين أم الخليج العربي والأمة العربية قاطبة، لسنا في حاجة إلى جوقة النفاق تلك ليأتي أحدهم في مقاله فيصف نفسه بأنه المخلص للوطن وهو من أنقذ الوطن وغيره من المواطنين ما هم إلا خونة أو متخاذلون، أو يقف خطيب على منبره ليملأ جيوب الناس وعقولهم بالهراء باعتباره أحد أبطال الإسلام وأسوده، أو يصبح أحد المغردين ويمسي وهو يتلو آيات التبجيل والتفخيم ليلفت لنفسه النظر فيما يعتبره اخلاصًا للوطن من خلال تأليبه الطائفي البغيض.

وبصراحة، هؤلاء المنافقون، في طول الوطن العربي والإسلامي وعرضه، لو لم يجدوا من يسبغ عليهم ويقربهم لما فعلوا ذلك، ولما سار غيرهم على الطريق الذي اعتبروه أيسر الطرق للوصول إلى الغايات! والخلاصة، التطبيق والنفاق والتملق لا يمكن أن تكون أسس بناء وطن أو تطور مجتمع.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 8:09 ص

      نار فى قلوبهم من فلوس الحرام ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه \\\\\\\\\\\\\\\\ نقول اليهم كل شى تقولونه امسجل عند رب العباد الله لايرضى بظلم العباد وخله افلوس الحرام تنفعكم ..

    • زائر 22 | 4:39 ص

      المشكلة ليست في المطبل و المنافق وحدهم بل في الطرف المتلقي حيث أنه في كثير من الأحيان يصدق ما يقل عنه.

      المتزلفون كثر خاصة إن علموا أن دنياهم ينالوها بالتزلف و لو برفع الممدوح لمرتبة الإله. و كما يقول أحد الشعراء عن ذلك:
      سجدنا للقرود لقاء دنيا *
      حوتها دوننا أيدي القرود.
      المتزلف و المتزلف له يعرفون أن مايقال كذب و لكن المصالح هي الفصل

    • زائر 20 | 1:37 ص

      تبي تهبش واتحصل طبل البلد ماشية جذي ولاحد يقول لي مثاليات

    • زائر 19 | 1:36 ص

      استاذ سعيد كلامك صح بس يوم كنت صادق وشريف طيلة عشر سنوات مارقوني ولازاد معاشي ويوم اتبدل المدير غيرت سياستي قمت انافق واكذب رقوني ولفلوس جتني البلد هي من تدفع الشرفاء الى التطبيل لان ليس معيارهم الاخلاص والكفاءة فاختصر المشوار لتحضى بمايحظى الاخرون

    • زائر 18 | 1:33 ص

      عجبني المقال جدا جدا

    • زائر 17 | 1:30 ص

      مختصر مفيد : آخر التطبيل نار وعذاب .

    • زائر 16 | 1:17 ص

      طيب الحين انت يا اخي الفاضل وشعليك من اللي يطبلون ويمدحون في ايران طالما الموضوع يتعلق ببلادنا وديرتنا وأهلنا؟ خلهم يطبلون كيفهم ولايهمونك ولا يهموني.. المهم نتكلم عن هالظاهرة اللي مأثرة في كثير من الجوانب في بلادنا ومنها ترهل التنمية والتقدم.. يااخي شيلو عقدة ايران عنكم ترى لا هي مفتكرة فيكم ولا في احد وهي ماشية تبلع وتتوسع ومحد يقدر يوقفها... اذا عندك فكرة مفيدة للبلد اطرحها علشان نستفيد لا تقط مصايبك على الآخرين وشكرًا.

    • زائر 15 | 1:10 ص

      عندي كلمة اخواني الكرام.. شوفو صحيفة الوسط مقالاتها وأعمدتها شلون وشوفوا الصحف الثانية.. مقالات ومساحات صحيفة الوسط فيها الكثير من هموم وقضايا المواطنين وفيها الجانب الثقافي والفكري والتنويري، يعني متنوعة، في حين الجرايد الثانية للأسف يا يتكلم عن نفسه وبطولاته يا يثير الطائفية والعداوات.. وأغلب تلك المقالات يقرأها القاريء نعم لكن شنهو يستفيد منها؟ غير صحيفة الوسط تحس تكتب بصدق علشان جديه كله تتعرض للهجوم لأن جوقة (...) ما تبغي إلا (...).

    • زائر 14 | 1:06 ص

      نتلكم عن همومنا كمواطنين قالوا ايران.. ننتقد الأداء السيء قالوا ايران.. نتناقش بشكل مباشر مع المسئولين وفي مجالس الشيوخ يطلع لك واحد ويلمز لك ايران.. يعني تبون الناس تسكت وتهز راسها بس واذا تكلمت صارت الشغلة ايران.. وبعدين ايران وايران وايران.. اكا ايران تتقدم واحنه يا حسرة كلما لنه ونتأخر والأزمات في بلداننا تزيد.. بعد السبب ايران.. كأنه ايران خانقتهم من رقابهم وماسكة عقولهم علشان لا يتقدمون.. حيلة العاجز يا يبه.. اوتعوا شوي بلا خرابيط.. البلد فيها مشاكل تحتاج إلى الصراحة موب الاتهام بايران وغي

    • زائر 10 | 12:20 ص

      ما هؤلاء إلا أبواق ينفخ فيها فتصدر الصوت المنفوخ.
      طبّل المطبّلون
      اخذوا يتراقصون
      يصفقون يرقصون
      يقولون ما لا يفعلون
      هم مجرد ناعقون
      فاشلون..
      سوى الشتم لا يعرفون
      عن كلام الحقّ مبعدون
      وفي طريق الشرّ سائرون
      كلهم للنفاق بائعون

    • زائر 21 زائر 10 | 2:02 ص

      أبدعت مع المقال الشيق
      مقال في الصميم
      ونقول لولاة الأمر ترى الطبالة المنافقين ما منهم خير
      ابعدوهم

    • زائر 26 زائر 21 | 11:48 ص

      لولا المطبلين لم يستمر الوضع السيئ

    • زائر 9 | 12:03 ص

      تلك بضاعتهم الخاسرة والتي لا تجد لها سوقا إلا حين يستشري الظلم.
      تلك بضاعة لا تلقى رواجا الا حين يكون الفساد هو سيّد الموقف.
      بصاعتهم هذه لا تربح في سوق العدالة والمساواة وتطبيق ما يرضي الله
      البضاعة الكاسدة لن تجد لها مكانا في سوق البضائع ذات الجودة

    • زائر 6 | 10:50 م

      المنافق عادة ما يهمه لا وطن ولا مواطن
      تهمه مصلحته فقط
      والمطبل موضة صارت
      مسئول فاشل : اكو ناس تطيل له
      مسئول فاسد: ناس تطبل له
      مسئول حرامي: ناس تطبل له
      واللي يقولون هذا تطبيل للوطن فهم من طبالة النفاق

    • زائر 1 | 9:27 م

      و ماذا عن المطبلين لايران الذين يروجون لها انها اعظم دولة في العالم و لا يوجد بها فقير واحد و انها تصنع من الابره للصاروخ و انها اقوى من امريكا و اوربا و اسرائيل و حتى وصل التطبيل انه الرجال الايرانين اخلص رجال لنسائهم و لايوجد بهم لص و شوارعها افضل من اوربا و للعلم من يطبلون كل هذا التطبيل ليسو ايرانين و حتى لو سمعوهم الايرانين نفسهم لتعجبو من هذا العشق الطائفي الجنوني . و بلنسبه الي يطبلون لوطنهم لا نستطيع لوهم مهما يكن . اما الي يطبلون ليران او تركيا لنا الحق بكتابة مقال طويل عنهم.

    • زائر 3 زائر 1 | 10:26 م

      اكا مكتوب في المقال بشكل واظح. ..قال لكم الكاتب الشي ذي مرفوض من أي طائفة. .لكن صراحة احنه يضرنا اللي ...في البحرين ويلمع نقسه وينافق. ....

    • زائر 4 زائر 1 | 10:31 م

      ليس تطبيل للوطن ولا تلف الموضوع يا رجل
      الوطن والمواطن شيء والحكومات شئ آخر
      شلون ما تلوم المنافق المتملق بهذا....ولذلك .....ولهذا ...... ولذاك الشيخ على مصلحة خاصة وليست مصلحة وطن إلا إذا كنت من طبالة الأنظمة وليس الأوطان

    • زائر 7 زائر 1 | 10:55 م

      الوطن يا خوي ما يحتاج تطبيل
      يحتاج عمل مخلص
      الشعراء الذين تغنوا بالاوطان
      غير عن الشعراء الذين تغنوا وتملقوا ونافقوا الحكومات والأنظمة
      فكرتك غلط اسمح لي
      نظرتك قاصرة
      انشغل أنت وأنا وغيرنا بالعمل الصادق للوطن
      وليس مدح فلان وعلان علشان منصب او جم روبية
      وشكرا للكاتب المتميز

    • زائر 8 زائر 1 | 11:27 م

      كلام منطقي المشكلة هذا ما نعيشه

    • زائر 11 زائر 1 | 12:44 ص

      كلام جميل ذكرتني بقصه نابليون والجندي النمساوي الي خان وطنه

اقرأ ايضاً