العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ

عشقٌ... ختامه شاعر الحسين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتضنت البلاد القديم مسابقة شاعر الحسين في نسختها التاسعة، مساء الجمعة الماضي (2 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، ختاماً للموسم الديني الذي يمتدُّ خلال شهري محرم وصفر الهجريين.

المسابقة بدأت محدودة، وأخذت تتطوّر وتتوسّع، من حيث المشاركة والحضور. وكانت تلقى تفاعلاً واسعاً من الجمهور، حيث جاءت لتسدَّ فراغاً كبيراً في هذه الساحة، التي تغطّي جزءًا مهمّاً من حياة وجدان الناس الديني. فالشعر كان يأخذ طريقه نحو القلوب عبر المنابر والمواكب الحسينية والدواوين المطبوعة منذ أزمانٍ بعيدة، لكن في السنوات الأخيرة أخذ يظهر في الأشكال الحديثة، من أناشيد وإنتاجات فيديو كليب.

على الساحة الثقافية، والصحافية تحديداً، لم يكن مثل هذا الشعر يحظى بالانتشار، لكن مقابل ذلك، توافرت له بدائل سهَّلت له الانتشار، وهي الفضائيات الدينية، لكن ظلّ بعيداً عن مجال التغطية والنقد. لذلك جاءت مثل هذه المسابقة لتسدَّ فراغاً كبيراً، حيث تم الاحتفاء بـ»الشعر الحسيني»، مع الاهتمام بتقييم التجارب عبر محكمين أصحاب مؤهلات أكاديمية عليا. وفي هذا العام كلّفت بالتحكيم لجنة ثلاثية مكونة من علي عمران وجعفر آل طوق وحسين السندي، من حملة درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، وبعضهم عضو تدريس ببعض الجامعات داخل البحرين، ولهم مشاركات في مسابقات محلية ومؤتمرات خارجية. فالاهتمام بالجانب النقدي في المسابقة يسير باتجاه مُرضٍ وسليم.

المشاركات الأولى بدأت من الداخل، ومع مرور الوقت أخذت تصل من بعض الدول العربية، وفي هذا العام أمامنا 60 مشاركة من البحرين، و29 من العراق (البصرة، النجف، القادسية، ذي قار، بابل)، 28 من السعودية (القطيف، الأحساء، الدمام، المدينة المنورة)، 22 من لبنان (الجنوب، وبعلبك، وبيروت)، 5 من سورية (دمشق، السيدة زينب)، و2 من مصر، مع غياب المشاركات هذا العام من الكويت وعُمان. ومن مجموع 146، أمامنا 26 مشاركة نسائية، بنسبة 18 في المئة، وكانت قد بلغت أعلى مشاركة (25 في المئة) العام 2012.

عدديّاً، المشاركات تأخذ منحى تصاعديّاً بصورة عامة، ففي المسابقة الأولى (2008) كان العدد 63، صعد إلى 82، 100، ليهبط في العامين التالين (2010-2011) إلى 97، 57، ثم يصعد ثانيةً ليصل إلى 146 في العام 2016.

من ناحية الشكل الفني، ونحن هنا ننقل عن الرصد والتحليل الدقيق الذي أعده جعفر المدحوب، 88 في المئة من القصائد أخذت الشكل العمودي، وهو أمرٌ طبيعي حيث مازال العمودي يفرض هيمنته في هذا الميدان الديني، و10 في المئة من شعر التفعيلة، و3 في المئة مزيج بين التفعلية والعمودي، و3 في المئة من الشعر النثري.

من ناحية الأغراض الشعرية، احتلت دائرة الحزن والبكائيات نسبة 29 في المئة، والتمجيد والمناقبيات 20 في المئة، والحب والشوق 23 في المئة، والاستنهاض والحماسة 17 في المئة، وأخيراً الاستلهام الرمزي 11 في المئة. وهي المسارب التي يأخذها الشعر الحسيني للتعبير عن نفسه تقليديّاً. وقد سجل الباحث ملاحظة مهمة، بشأن عودة النصوص البكائية والرثائية بعد هيمنة المضامين الحماسية في سنواتٍ سابقة.

من الملاحظات المهمة هذا العام، تراجع نسبة المشاركة من داخل البحرين لأول مرة، فبينما كانت 59 في المئة العام الماضي، أصبحت اليوم 41 في المئة، وقد يرجع ذلك جزئيّاً إلى تنظيم مسابقات أخرى داخل البحرين، وبالتالي تتوزع عليها مشاركات الشعراء. وما دمنا في مجال التقييم والنقد العام، فقد لوحظ ثبات نسبة الحضور أو تراجعها بدرجةٍ ما، ما يستدعي مراجعة تقييم الأداء وتلقي ملاحظات الجمهور، ومن بينها ضرورة اختصار وقت المسابقة الذي تجاوز ثلاث ساعات، إلى ساعتين على الأكثر، فأنت تستقبل ضيوفاً جاؤوك من مختلف مناطق البحرين، ما يتطلب من عريف الحفل اختصار مداخلاته، وكذلك ترشيق تعليقات هيئة التحكيم التي تُلقى شفويّاً، من أجل اختصار هذا الوقت الطويل على الجمهور.

في هذا العام، تمت استضافة الشاعر جاسم الصحيح من الإحساء، شرق المملكة العربية السعودية، كضيف شرف للمهرجان، الذي ألقى مقطوعة يتغزّل فيها بالبحرين. كما تمّ تكريم الشاعر غازي الحداد، الذي أضفى على الجو لمسةً خاصةً من إلقائه المؤثّر لإحدى القصائد التاريخية.

هذه المسابقة الثقافية بدأت في الساحات العامة المكشوفة، ونظم بعضها تحت أجواء باردة في العراء، أصبحت تحتضنها بعض أفخم المساجد والحسينيات، وتستحق البحث في سبل تعزيزها واستمرارها بأفضل الدرجات، حبّاً وعشقاً للحسين.

*تنويه واجب

تعقيباً على مقال سابقٍ نشر يوم الأحد (20 صفر/ 20 نوفمبر 2016) بعنوان «شعائر عاشوراء البحرين... بحث تاريخي»، أورد الباحث الأستاذ سالم النويدري توضيحاً لما أوردتُّه في نهاية الفقرة السادسة عن التطبير: «وظلّ مثار جدلٍ وخلافٍ حتى اليوم، لما يمثله من تشويهٍ لحقيقة وأهداف ثورة الإمام الحسين (ع)، وتنفيرٍ للشعوب الأخرى وخصوصاً في زمن الفضائيات المفتوحة، حيث استُغلت لإلصاق تهم الخرافة والوحشية بمذهب أهل البيت».

وللتوضيح هذا الكلام هو رأيي الشخصي ولم أنسبه حقيقةً إلى أستاذنا الفاضل بالتنصيص، فالعمود مقال رأي وليس تقريراً إخباريّاً، أو تغطية حرفية. أما رأي الأستاذ فأورده حرفيّاً في الملاحظة الآتية بالنص: «لسنا بموقع الانتصار لأيٍّ من ذينك الرأيين المتعارضين فلكلٍّ تكليفٌ شرعي بحسب تقليده الفقهي، وإنما كان تاريخ ظهور التطبير غايتنا، وقد انجر الكلام إلى بيان الاختلاف في مشروعيته فقهيّاً للعلاقة الوثيقة بين المطلبين». أنشره أمانةً حرفيّاً، واستجابةً لرغبة أستاذنا النويدري، ولباحثنا الكبير كل الشكر والمحبة والتقدير.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 11:56 ص

      تحية لكل شاعر كتب ف حب الحسين , الله يعودكم ف حال أحسن .

    • زائر 6 | 5:32 ص

      اخي الكريم، عدد الشعراء البحرينيين زاد ولم يتقلص، في العام الماضي كانت هناك 53 قصيدةمن البحرين، وهذا العام 60، لكن النسبة انخفضت من 59% إلى 41% بسبب زيادة عدد المشاركات الخارجية من 37 قصيدة العام الماضي إلى 86 قصيدة هذا العام، هذا للتوضيح.

    • زائر 5 | 3:18 ص

      عدد المشاركات من البحرين تقلّص بسبب نزول الإعلان متأخرا ، النقد لم يكن (سليما و مرضياً ) كما ذكرتَ بل كان عليه كثير من الجدل و النقاشات في وسائل التواصل الاجتماعي أرجو منك سيدنا التأكد من نقل الكلام قبل نشره في الصحيفة . شكرا لمقالك و شكرا للأستاذ جعفر المدحوب على جهده الثمين و رفقائه العاملين وراء الكواليس.

    • زائر 2 | 1:30 ص

      في بيتنا رجل .. والصاحب ساحب !! الاخوة اخوة وان طال الزمن .. مسابقة شاعر الحسين من اروع المنتديات الفكرية والادبية

    • زائر 1 | 11:16 م

      الف شكر سيدنا على هذه التغطية المباركة لهذه الفعالية العظيمة التي يتألف عنها الآخرون لجهلهم وحسدهم لك مني الف تحية وشكر وابقاكم لهذه الامه الاسلاميه

اقرأ ايضاً