العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ

دربي نيقوسيا بين اومونيا وابويل تجاذب سياسي بين قطبين قبرصيين

يعتبر لقاء الدربي بين قطبي العاصمة القبرصية نيقوسيا، اومونيا وابويل، أبرز حدث في روزنامة الرياضة المحلية، ويتعدى برمزيته السياسية مباراة كرة القدم في الجزيرة التي تتجاذبها اتجاهات متناقضة.

يبلغ التشويق ذروته عندما يلتقي الفريقان الاكثر تتويجا في البطولة المحلية. ولم تشذ مباراتهما في الثالث من ديسمبر، والتي انتهت بفوز أبويل 4-1، عن هذه القاعدة.

ويرفع منسوب حساسية اللقاءات، انتماء الفريقين الى ايديولوجيات سياسية متناقضة. فأومونيا يعتبر "حزب الشعب"، وانصاره هم يساريو التوجه ويدعمه بشكل خاص الحزب الشيوعي. اما مناصرو أبويل فغالبيتهم ذات توجهات يمينية يقودهم محافظو حزب "ديسي" الحاكم، اضافة الى فصائل اخرى متطرفة تعلن ارتباطها بهذا النادي.

في كل أمر تقريبا، تتداخل كرة القدم مع السياسة في الجزيرة المقسمة منذ 42 عاما، الى جنوب قبرصي يوناني، وشمال قبرصي تركي.

ويقول الاختصاصي في علم النفس والاجتماع انطونيس رافتيس لوكالة فرانس برس "في قبرص، للاندية الكبيرة تلاوينها السياسية، أكانت يمينية او يسارية، ويمكن معرفة التوجه السياسي للاشخاص من خلال النادي الذي يشجعونه".

وغالبا ما كانت لقاءات الدربي بين الناديين تحدد من سيتوج باللقب. الا ان أومونيا لم يعد بالمستوى الذي كان عليه سابقا، في حين ان أبويل سطر اسمه في سجل البطولة دوريا خلال العقد الماضي.

ويقول المهاجم السابق لأبويل آرا بتروسيان (49 عاما) لفرانس برس "كلاعب، كنت اراها أهم مباراة في البطولة لانها كانت دائما المباراة التي تجعلك تحرز اللقب او تخسره".

يضيف "في تلك الايام، كان اومونيا صاحب القاعدة الجماهيرية الاكبر، الا ان أبويل تمكن من اللحاق به لانه يحقق الانتصارات".

في سبعينات وثمانيات القرن الماضي، كان أومونيا الافضل من دون منازع، مع 20 لقبا في الدوري و14 في الكأس. الا ان خزائن النادي تخلو من بطولة الدوري، منذ ان احرزها للمرة الاخيرة عام 2010.

وحاليا، بات أبويل الاكثر تتويجا بالدوري (25 لقبا) والكأس (21).

- بغض متبادل - يتبادل الفريقان مشاعر البغض منذ عام 1948 الذي شهد انفصال عدد من الاعضاء واللاعبين عن أبويل على خلفية مسائل سياسية، وقيامهم بتأسيس اومونيا.

ويشير بتروسيان الذي دافع عن ألوان أبويل في اكثر من 100 مباراة بين 1985 و1992، "عندما كنت لاعبا، لم يكن اي لاعب من ابويل ينتقل الى أومونيا، والعكس صحيح".

وتلت مباراة "الدربي" الاخيرة حرب كلامية بعدما اتهم اومونيا الحكام بالانحياز الى خصمه، لاسيما بعد طرد احد لاعبيه ببطاقة حمراء.

وبنتيجة المباراة، بات ابويل يحتل المركز الثالث في الترتيب برصيد 30 نقطة، فيما تراجع اومونيا (24 نقطة) الى المركز الخامس.

وفي ظل تراجع أومونيا خلال الاعوام الماضية، ملأ أبويل على أفضل وجه، ودون اسمه في تاريخ الكرة القبرصية، اذ بات اول فريق يبلغ الدور ربع النهائي لدوري ابطال اوروبا عام 2012، كما انه الوحيد في بلاده، الذي شارك في دور المجموعات ثلاث مرات.

ودرت انجازات ابويل الاوروبية عليه ملايين الدولارات، في حين يعاني خصمه اللدود ماليا، وغالبا ما يدعو انصاره لتقديم مساهمات للنادي.

بعيدا من الرياضة، يرى عالم الاجتماع نيكوس بيريستيانيس ان النادنيين يمثلان "كتلتين تاريخيتين" في المجتمع القبرصي: القوميون (ابويل) ومناهضو القومية (اومونيا).

ويوضح ان ابويل اقرب لليونان ويزاوج بين "الهوية والافكار اليونانية، بينما يركز اومونيا على قبرص وشعبها بمن فيه القبارصة الاتراك".

يتابع "اليوم، يمكن ان نرى المشجعين يلوحون برايات مختلفة في الملعب. انصار اومونيا يرفعون العلم القبرصي مع صور (للثائر الارجنتيني) تشي غيفارا، وانصار ابويل يحملون الاعلام اليونانية".

واحرز اومونيا لقبه الاخير عام 2010 عندما كان الحزب الشيوعي في السلطة، وكان يحظى بدعم الرئيس ديميتريس كريستوفياس.

ويقول رئيس سابق لاومونيا كان صديقا لكريستوفياس، ان الرئيس شجعه حينها على انفاق الاموال على النادي، ما مكنه من احراز اللقب في موسم 2009-2010، الا ان ذلك تسبب له بضائقة مالية.

المفارقة ان اداء الناديين كان غالبا ما يرتبط بأداء الجهة السياسية التي يوسمان بها. فقد حقق اومونيا (المؤيد من اليساريين) امجاده وانتصاراته بعدما تضعضع موقف اليمين الذي حمل مسؤولية الغزو التركي للجزيرة عام 1974. اما صعود أبويل الذي يشجعه مناصرو التوجهات اليمينية، فكان شبه متزامن مع تصاعد اسهم اليمين سياسيا.

ويقول بيريستيانيس "ثمة مساران متوازيان ومتناقضان: مسار سياسي وآخر كروي، والشعب يريد ان يكون فائزا في المسارين".

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً