العدد 5224 - الأحد 25 ديسمبر 2016م الموافق 25 ربيع الاول 1438هـ

عبدالحميد القائد: الشعر لا يغير شيئاً وليس مطلوباً منه ان يفعل ذلك

شاعر من جيل السبعينات، حيث المكابدات الأدبية والثقافية، هو الشاعر والمترجم و الروائي أيضاً، حيث صدرت له مؤخراً روايته الأولى (وللعشقِ رَمَادْ) التي صاغ حكايتها ذلك الرجل الغريب الذي نذر نفسه للبحث عن جهة خامسة لا مجال فيها للتورط في ما وصفه بمستنقعات السياسة ومآزقها.

التقيناه فكان معه هذا الحوار، حيث تحدث عن الكاتب بوصفه مغامراً وحالما كبيرا يبحث عن الضوء حتى في اقصى نهاية النفق. مضيفاً بأن على الكاتب والمثقف ان يكون له موقف واضح من قضايا وطنه وامته، مشيرا إلى أننا نعيش الان في عالم يقف على كف عفريت .. يحيط بنا القتل والحرب والإرهاب من مختلف الأطياف. لا بد ان يكون الكاتب متسامحا وحكيما أيضا يقول القائد، يعشق الانسان والاطفال ويرفض الحرب والقتل المجاني تحت اي ذريعة كانت. الكاتب موقف ..الكاتب ينحاز للانسان في كل الظروف.

**(عاشق في زمن العطش)، (صخب الهمس)، (اللؤلؤ وأحلام المحار - انطولوجيا الشعر البحريني الحديث), (غربة البنفسج) و (ما عاد شيء يهم) بعد كل تلك الأصدارات، كيف يحدد الشاعر عبدالحميد القائد نفسه، من هو في هذا الميدان الشعري الشاسع و لمن يكتب كل تلك القصائد ؟

- رحلة طويلة، مضنية، شاقة، وكأنك تسير في صحراء لا تخوم لها، لا ماء، لا واحة، لا مطر ينعش القلب، الحروف تهطل قليلاً قليلاً ثم مع السنوات يصبح مطراً غزيراً يجلب لك معه العصافير والزهور ويلونك بلون بنفسجي لا فكاك لك منه. كان الشعر دائما بخيلاً في مراحل العناق الأولى، كنت اجلس امامه كدرويش متغرب استعطفه ان يتجسدني مثل شيطان، مثل روح شريرة لذيذة لكنه كان دائماً متغطرساً، رافعاً انفه الى السموات البعيدة يأبى حتى ان ينظر اليك او يتلقفك او تتلقفه. لكن مع الأصرار والركض بلا توقف نحو محرابه المقدس بدأ العشق السحري والسري بيننا، حتى اعتلى قلبي واعتليت روحه واصبح في مجرى التنفس بل اصبح التنفس نفسه ...اصبح الشعر مثل الصلاة اللحظية/اليومية بدونه اختنق/اتهاوى فريسة للاكتئاب/الغربة/الوحدة. بصراحة ما عاد يهمني من اكون في هذا الفضاء الشعري الشاسع، الشيء الذي يهمني هو انني اعبر عن حالاتي اسجلها وكانني اسجل ذاكرتي ولا يهمني من اكون .....انا فقط الفارس الذي وجد نفسه هناك ...مدمنا للكتابة في جزيرة السحر : الشعر.

**الشاعر الفرنسي دوني روش، قال مرة بأن الشعر عاجز عن احداث أي تغيير في الإنسان والعالم واعتزل الشعر، كيف تقرأ قوله هذا، ولماذا يكتب الشعراء إذن إذا كان ما يذهب له صحيح ؟

- الشعر ما عاد كما كان..الشعر الحديث يقترب اكثر واكثر ليصبح همس الروح/بوح الوجدان/فلسفة كونية ..هو خرير الماء .. حفيف الشجر ..ايقاع الشلالات ...الشعر سيمفونية/سوناتا من حروف. الشعر لا يغير شيئا وليس مطلوبا منه ان يفعل ذلك. فالشعر الذي كان في الماضي يطلق المظاهرات ويحمس الجماهير .واقصد هنا الشعر السياسي فقد ضاع مع عجلات الزمن. لننظر الى الشعر على انه نوع من الموسيقى او ما يشبه الموسيقى نستمتع به ونشفي حزن ارواحنا المتغربة. في كل الأحوال ..يظل الأنسان محطة الشاعر ويظل الاطفال رحيق الشعر.

** كونك مترجم للشعر أيضاً، كيف هي تجربتك في هذا السياق، و هل ترجمه تفقد النص الشعري الأصل معناه، كون الترجمة وكما يحلو للبعض القول بأنها أشبه بقبلة من خلف حاجز زجاجي ؟

- لا شك ان ترجمة الشعر هي اصعب انواع الترجمات لأنك تترجم مشاعر ورعشات الروح وعربدة الاحساس في لحظة تجلي مركزة لذلك قيل ان ترجمة الشعر هي خيانة للشعر ولا اميل كثيرا الى وصفها بقبلة من خلف حاجز زجاجي ربما قبلة غير ساخنة. نعم ترجمة الشعر مخاطرة كبرى ولكن ليس هناك حل اخر لنقل اشعار الامم الاخرى. لقد كانت لي محاولة كبرى في ترجمة الشعر البحريني الى اللغة الانجليزية في كتابي (اللؤلؤ وأحلام المحار -انطلوجيا الشعر البحريني الحديث) الذي صدر بتمويل من مركز الشيخ ابراهيم آل خليفة تحت ادارة عاشقة الثقافة الشيخة مي آل خليفة. واشتمل الكتاب على ترجمة قصائد مختارة ل 29 شاعرا وشاعرة بحرينية. كما ترجمت عددا لا يستهان به من رسائل فان جوخ الى اخيه ثيو من اللغة الانجليزية الى العربية الى جانب ترجمة رواية "نوران" للكاتب البحريني الصديق فريد رمضان وذلك ضمن عمل جرافيك مشترك مع الفنان البحريني جمال عبدالرحيم.

**أنت من جيل السبعينات، حيث المكابدات و التورط في سياقات سياسية و اجتماعية جعلت من الإشتغال الثقافي والأدبي تابع لموقف حزبي وآخر أممي، هل على الشاعر والمثقف و الأديب أن يكون له موقف اتجاه قضايا مجتمعه و العالم ؟ أم إن عليه أن يتكرس في نصه فقط كما يحلو للبعض أن يذهب ؟

- نعم ...لكل زمان دولة ورجال ...ولكل زمان معطياته وظروفه. فنحن جيل السبعينات خرجنا مع فورة المد القومي وبعدها اليساري التي سادت كل الوطن العربي وحتى دول العالم ..كنا شبابا نحلم بالتغيير ونحب المختلف والاختلاف. زمن جميل مضى بكل تجلياته واحباطاته....لكن يظل الكاتب مغامرا وحالما كبيرا يبحث عن الضوء حتى في اقصى نهاية النفق. نعم لا بد للكاتب والمثقف ان يكون له موقف واضح من قضايا وطنه وامته فنحن نعيش الان في عالم يقف على كف عفريت .. يحيط بنا القتل والحرب والإرهاب من مختلف الأطياف. لا بد ان يكون الكاتب متسامحا وحكيما يعشق الانسان والاطفال ويرفض الحرب والقتل المجاني تحت اي ذريعة كانت. الكاتب موقف ..الكاتب ينحاز للانسان في كل الظروف.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً