العدد 40 - الثلثاء 15 أكتوبر 2002م الموافق 08 شعبان 1423هـ

الكاتب... بين السكِّين والقلم

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

هل صحيح ما كان يردده بعض الساسة القدماء، والمنشغلون بالعمل الصحافي عندما يقولون: من حفر قبرا للصحافة دفن فيه، هل هذه حقيقة ام محض خيال؟

أنا أؤمن بأنها حقيقة. فأي كاتب، وأي صحافي يهدف إلى لجم الصحافة الحرة مخوفا اياها بالعناوين المسكونة بالمبالغات فان نهايته الموت العاري أمام مرأى الرأي العام وخصوصا اذا تمت الحقائق التي كان يطلق عليها الرصاص بكل ما أوتي من قوة لسع الكلمات وإبر الحروف ويتم سقوط الصدقية في الوحل اكثر اذا اكتشف الكاتب بعد كل الضجيج المفتعل الذي ارتكبه كان في الموقع الخطأ ولا يصب في مصلحة الوطن ولا الوحدة الوطنية.

ان اكبر عقبة تقف امام اي مشروع اصلاحي هي عندما يكتشف المجتمع بانكشاف الواقع أن الرموز الاولى من متبنيي الاصلاح أشد استيعابا واحتضانا وقبولا للتغيير والتطوير والنقد، انهم اشد استيعابا من بعض المتنفذين والهامشيين من كتاب وصحافيين ومديرين عاديين وما إلى ذلك.

وهنا تكمن الاعاقة الكبرى عندما يصبح المثقف العادي، والنخب المتواضعة والمتنفذون العاديون أقل الناس قبولا للتصحيح الاداري والمالي فبدل ان تسخر الاقلام لتلمس نبض الشارع تذهب مهرولة لتستخدم اقصى حالات المقدرة والقوة في استخدام اساليب النميمة السياسية لتغليط الحقائق، وخلط الاوراق، واستخدام الاثارات، وسوق الاتهامات هنا وهناك لاجل ترسيخ رؤية واحدة قديمة ملبسة بلباس الوطنية مستغلة اي ظرف، اي موقف، اي حادث حتى لو وطني بحت غير مؤذلج يقوم مردود ثماره على الجميع كي فقط تستفيد هي بهذه الاثارات للإظهار انها القلب الحنون على الوطن!! هذه النوعية من الافراد هي مربكة للجميع، للسلطة بتشعباتها وللمجتمع كل المجتمع بشتى انتماءاته، وأطيافه لانها تحمل اجندة خاصة، لا يهمها كثيرا ارتفع مستوى المعيشة للفرد البحريني أم لا، لا يشغلها أن هذه الكلمة المشحونة بالاتهامات سببت انقسامات في المجتمع ام لا... المهم ان تعيش هي على قاعدة «انا ومن بعدي الطوفان» نحن بحاجة في مجتمعنا البحريني إلى ان نوصل دائما صوت الناس إلى المسئولين، ان نعمل على تقريب وجهات النظر، ان نفتح كل قنوات الاتصال لسنا بحاجة إلى القاء الأتربة والاراجيف، وسدّ كل مواقع الاتصال بين السلطة والمجتمع.

يجب ان نعمل على تقريب وجهات النظر لا أن نعمل على الاثارات والقاء التهم جزافا هنا وهناك. كم هو خطير جدا ان يستخدم القلم في بث السموم النفسية ولن اقول الطائفية لأن من يعمل جاهدا على دق إسفين التفرقة بين الطوائف لا يمكن ابدا وفي اي حال من الاحوال ان يكون رجلا منتميا إلى طائفة معينة أو قلبه على طائفة دون طائفة، ولا يمكن ان يكون ممثلا مترافعا عن طائفة أكان سنيا أم شيعيا؛ لأن من يعمل لعبة التفرقة على حساب الوطن بإمكانه ان يبيع الجميع بما فيهم وطنه الذي تشدق به مرارا، وطائفته ساعة احساسه بتعرض مصالحه الخاصة للخطر.

وما كان الولاء الوطني يقاس بكلمات كاتب، أو تمنطق صحافي، فالولاء الوطني والغيرة على الوطن يتحققان بمدى حفظ أمانة الوطن في ما له ومدخراته، فإن الوطنية لا تتجزأ. فعندما يقوم الفرد بسرقة وطنه ويفر هاربا وهو يشوه وطنه ودولته لا يعتبر في أي حال من الأحوال محبا للوطن وان ادعى سنين طويلة انه القلب الحنون على الوطن.

الولاء الوطني يتحقق بمراعاة المصلحة العامة، والترافع عن المواطن أيا كان انتماؤه، والمصارحة الحقيقية لأي خلل أو فساد أكان في المجتمع أم الدولة، عند الصديق أو البعيد مع الحفاظ على سيادة الوطن وأمنه الاقليمي وسلمه الوطني، وسلمه المجتمعي أيضا... الولاء للوطن يتركز عندما أفتح القلوب المنغلقة عن بعضها لانتماءات مسيّسة بطريقة خاطئة، ان افتحها لتلتقي ولتتقارب وتتحاب، لا ان أعمل على خلق الحساسيات بالكلمات اللامسئولة. لا أقول ذلك لأجل التأليب أبدا فليس هذا ديدني وإنما أحب ان أسلط الضوء على ظلامة حقيقية أصبحنا نعيشها، ومازلنا نعاني منها عندما تساق الاتهامات سوقا فتشكك في الوطنية، وان كل مطلب يرفعه الناس يوضع في مربع التخوين والمزايدات

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 40 - الثلثاء 15 أكتوبر 2002م الموافق 08 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً