العدد 5231 - الأحد 01 يناير 2017م الموافق 03 ربيع الثاني 1438هـ

حفلات الزفاف الجماعي ملاذ الجزائريين في مواجهة التكاليف الباهظة للزواج


عين صالح (الجزائر)- أ ف ب 

تحديث: 12 مايو 2017

في داخل خيمة في صحراء الجزائر، تستعد ثلاثون شابة من عائلات فقيرة للاحتفال بعقد قرانهن في واحدة من حفلات الزفاف الجماعي التي باتت تمثل حلا لجزائريين كثيرين ممن يعجزون عن تكبد التكاليف الباهظة للزواج.

وتعج الخيمة التي نصبت في الساحة العامة في مدينة عين صالح وسط الجزائر على بعد 1500 كلم عن العاصمة الجزائرية، بعشرات النسوة بملابس تقليدية اتين للاحتفال مع العرائس بالغناء والرقص والعزف على الطبول.

وفي اليوم التالي، يجتمع العرسان الثلاثون في حفل منفصل مرتدين الرداء الجزائري التقليدي (البرنوس)، فيما يضع كل واحد منهم سيفا مذهبا على الخصر تعبيرا عن التمسك بالتقاليد المحلية.

ويعود الفضل في إقامة هذا الزفاف الجماعي الى جمعية الاحسان الخيرية التي توفر التمويل اللازم لتحقيق ما بات بمثابة الحلم بالنسبة لكثير من فقراء الجزائر.

وقالت رئيسة الجمعية سعاد شيخي "في المناطق البعيدة ينتشر الفقر والناس بحاجة للمساعدة".

وكان الازواج الثلاثون قد عقدوا قرانهم في البلدية وهم متزوجون على الورق لكن ظروفهم الصعبة لم تسمح لهم بالاجتماع تحت سقف واحد، بما انهم لم يقيموا حفل الزفاف وفق ما تقتضيه التقاليد.

تكاليف باهظة

وقد سجلت حفلات الزفاف الجماعي إزديادا مطردا خلال السنوات الأخيرة في سائر أنحاء الجزائر في ظل التكاليف الباهظة للزواج، بتمويل خصوصا من جهات محسنة أو جمعيات خيرية.

وشهد العام 2015 حوالي 370 الف حفل زفاف في مقابل ما يزيد عن 386 الفا في العام 2014، أي بانخفاض بنسبة 4,5% في بلد يقطنه اكثر من 40 مليون نسمة ويسجل حوالي مليون ولادة جديدة سنويا.

ولا تقل تكاليف حفلات الزفاف في الجزائر عن 1,2 مليون دينار (10 آلاف دولار) وهو ما يعادل سنتين من الحد الأدنى للأجور، بحسب شهادات جمعتها وكالة فرانس برس.

وأشارت المتخصصة في علم الاجتماع فاطمة اوصديق في تصريحات لوكالة فرانس برس إلى ان حفلات الزفاف الجماعي "مؤشر على التضامن الاجتماعي".

وعلى رغم وقوع مدينة عين صالح الصحراوية في وسط الجزائر على مقربة من مواقع لانتاج الغاز الطبيعي، يعاني أكثرية السكان من الفقر.

ويتحدر الأزواج الثلاثون جميعا من أوساط فقيرة وهم إما سائقون أو حراس أو عمال في الزراعة، أما زوجاتهم فعاطلات عن العمل.

ويحول هذا الوضع المادي المتردي دون تمكن الأزواج من شراء شقق للعيش فيها ما يرغمهم على الإقامة مع عائلاتهم، وهي ظاهرة منتشرة في الكثير من القرى وحتى المدن الجزائرية.

وقد حصل الأزواج الجدد على هدايا مختلفة قدمتها جمعية الإحسان، تركزت خصوصا على الأجهزة الكهربائية والأواني والملابس، إضافة إلى مواد تجميل وأحذية للعرائس.

وبحسب معتقدات قديمة مازال سكان المنطقة يؤمنون بها، فان العروس لا تظهر وجهها لأهل زوجها إلا غداة حفل الزفاف، "مخافة ان يسرق جمالها".

وتبقى العروس واقفة وظهرها إلى باب غرفتها وفي يدها مرآة حتى تأتيها امرأة من أسرة زوجها لتكشف وجهها من خلال هذه المرآة وتقدم لها هدية في شكل قطعة مجوهرات.

وأوضحت آية وتعمل ماشطة في حفلات الزفاف "انه تقليد قديم ورثناه عن أجدادنا ومازلنا نحافظ عليه". ولا تعرف هذه المرأة سنها الفعلي إذ لم يتم تسجيل اسمها في دوائر السجلات المدنية عند ولادتها، حتى أنها قالت ضاحكة "قد يكون عمري 53 سنة أو ربما 100".

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

شاهد أيضا