العدد 5238 - الأحد 08 يناير 2017م الموافق 10 ربيع الثاني 1438هـ

المواطن كذلك شريك في ضياع وهدر المال العام للدولة...

طـه الجنيد

عضو بلدي في مجلس بلدي الشمالية

في الوقت الذي نضم صوتنا مع الجميع في ضرورة الاستفادة الفعلية من نتائج تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من خلال المحاسبة السريعة والجادة للمخالفات والتجاوزات التي تحدث عنها التقرير، فإننا نريد أن نسلط الضوء على جنبة ونتحمل نحن كأفراد في المجتمع مسئوليتها، جنبة ربما تغضب البعض ولا يتقبلها على أساس أن اللوم والرقابة من الأولى يجب أن يوجه فقط للجانب الحكومي، فيما نحن كأفراد لا لوم علينا ولا حساب.

وهذه من المفاهيم التي لا تتفق مع انتمائنا وحبنا لهذا الوطن، ولا تتلاءم مع مجتمع ينتسب إلى أعظم رسالة في الكون وإلى أمة تنتمي إلى سيد مكارم الأخلاق (ص).

دعونا نتكلم عن بعض الصور التي تسبب هدراً للمال العام والتي يمارسها البعض من دون قصد، إنما للأسف تم الاعتياد عليها، وأهمها هو هدر الماء والذي هو سر الحياة، فقد قال تعالى «وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ»، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا تسرف ولو كنت على نهر جار»، فإنه من المحزن أن يفوق معدل استهلاك البحريني من الماء يومياً المعدل العالمي للاستهلاك بنسبة تصل إلى 40 في المئة، حيث يصل معدل استهلاك الفرد البحريني إلى 272 لتر ماء يومياً، بينما يقل عنه المعدل العالمي ليتراوح بين 160-180 لترا.

وكانت دراسة أصدرتها هيئة الكهرباء والماء العام الماضي أكدت أن البحريني يستهلك ما يقرب من 72 جالوناً من الماء يومياً، أي بما يعادل 272 لتراً، لو نظرنا وتمعنا في أسباب كثرة الاستهلاك لوجدنا أن كثرة الاستهلاك يعود لبعض السلوكيات الخاطئة منها غسيل السيارات بالخرطوم، ومنها غسل فناء المنزل يومياً بجهاز الضخ، وإهدار هذه المياه في الشوارع يسبب -خصوصا في المشاريع الإسكانية- تلفا بالطبقة الإسفلتيه، ويسبب أيضا الحفر الكثيرة حيث أنفقت وزارة الأشغال وشئون البلديات العام 2015 مبلغا يفوق الـ800 ألف دينار لإعادة سفلتة بعض الطرق بمدينة حمد فقط والتي تضررت بفعل الماء المهدور بالطرق.

ثم نأتي لعملية وصورة أخرى من صور هدر المال العام، حيث تسبب البعض من خلال لصق إعلاناتهم العشوائية المخالفة على اللوحات الإرشادية كإشارة (قف) مثلاً، بتلف الكثير من الإشارات المرورية والتي كلفت الدولة مبالغ لا يستهان بها فضلاً عن الوقت والجهد.

ولن نخرج عن وزارة الأشغال وشئون البلديات، حيث تقوم الوزارة بإعادة تركيب وصيانة الأرصفة والتي تمت إزالتها من قبل بعض المواطنين أنفسهم، حيث أن هذه الأرصفة تكلف الدولة مبالغ طائلة سنوياً وبكل سهولة يقوم البعض بإزالة الأرصفة أحياناً لعمل ممر لسيارته، علماً بأن هذه الأرصفة وضعت للسلامة المرورية وليس اعتباطاً.

ونأتي إلى المطبات التي امتلأت الشوارع والطرق بها والتي فاق عددها الآلاف، والتي يبلغ سعر عمل مطبة واحدة فقط ما يقارب 700 دينار، وبحسبة بسيطة نجد أن قيمة 2000 مطبة يبلغ مليون وأربعمئة دينار بحريني! أليست هذه صورة من صور هدر المال العام، فلو كل واحد التزم بحدود السرعة المقررة لما احتجنا لهذا العدد من المطبات.

وصورة أخرى لهدر المال العام... في الحدائق والمماشي والسواحل يتسبب بعض المرتادين لهذه الأماكن بإتلاف وتخريب الممتلكات العامة متعمداً أو من خلال الإهمال وسوء الاستخدام لمرافق تلك المنشآت، ففي العام 2015 قامت بلدية الشمالية بإنفاق نحو 45 ألف دينار لصيانة بعض الحدائق والمنتزهات.

ونأتي إلى صورة أخرى من صور هدر المال العام... والتي تحتاج وقفة جادة من قبل الغيورين على هذا الوطن ألا وهي رمي المخلفات في الشوارع والطرق والساحات العامة ورمي أعقاب السجاير أيضاً، حيث تتسبب هذه الظاهرة والتي هي في الظاهر ظاهرة بسيطة عند البعض ولكنها للأسف تكلف الدولة مبالغ طائلة حيث أن كنس شوارع مملكة البحرين يحتاج إلى أعداد هائلة من العمال والأجهزة.

فلو التزمنا برمي المخلفات في أماكنها الصحيحة لما احتجنا لعمالة كنس الشوارع إلا ما ندر، واعتقد الكثير منا ذهب للدول المتطورة في الشرق أو الغرب، وشاهد التحضر والتمدن فهناك لا يكاد يرى عامل النظافة إلا وقت جمع القمامة من أمام المنازل أو تفريغ الحاويات من الشوارع والطرق.

وصورة أخرى من صور هدر المال العام ألا وهي الكتابة والإعلان على غرفة توزيع الكهرباء والتي تكلف صباغة وصيانة الواحدة منها أكثر من ألف دينار، فلا تكاد تخلو واحدة من هذه الغرف من إعلان عشوائي أو كتابة، علما بأن هذه الغرف تعد بالمئات بمملكة البحرين.

ناهيك عن كثرة الشكاوى لبعض السلوكيات الخاطئة التي تصل لمراكز الشرطة، حيث تبلغ الشكاوى التي تصل لبعض مراكز الشرطة لثلاثة آلاف شكوى سنوياً، وهذا أيضاً يكلف الدولة مبالغ طائلة من ساعات عمل للموظفين والكثير من هذه الشكاوى بين الجيران -للأسف- والذي وصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم عليه في أحاديث كثيرة.

هذه بعض الصور التي لا يسع المجال لذكرها كاملة، فلو أننا التزمنا بالخلق الكريم وبالأنظمة والقوانين لما احتجنا لكل هذه المبالغ والتي تعتبر صورة من صور هدر المال العام، ويتم السكوت عنها.

إقرأ أيضا لـ "طـه الجنيد"

العدد 5238 - الأحد 08 يناير 2017م الموافق 10 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 1:01 م

      الهدر غير الفساد . الفساد لا يكمن بمجرد رشوة ..

    • جامعي | 8:15 ص

      "في الوقت الذي نضم صوتنا مع الجميع في ضرورة الاستفادة الفعلية من نتائج تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من خلال المحاسبة السريعة والجادة للمخالفات والتجاوزات التي تحدث عنها التقرير"
      الكاتب ما غفل عن نقطة المخالفات المسجلة باسم الحكومة تحت عنوان الاسراف ووو الخ، ولكن قال بالمقابل هم احنا نغلط ولازم ننتبه لاغلاطنا ونصححها، فمثل ما تقول احد الحكم "تذكر دائما حينما تشير باصبعك الى شخص فان 3 اصابع تشير نحوك"

      الخلاصة ان كنا عاجزين "حاليا" عن معالجة مخالفات ....، فعلى الاقل نستطيع معالجة مخالفتنا كشعب من اجل مصلحة الجميع. "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"

    • زائر 18 | 6:41 ص

      كلامك صحيح وفي ناس اغبياء و يحسبون انه كل شي ببلاش . لكن ما ينلامون لأنه يشوفون الحرامي عايش و مستانس والي يتلزم اهو الي ياكلها . و شكرا .

    • زائر 16 | 4:50 ص

      والله حالة
      المواطن على قولتك مشارك في الهدر اوكي ما قلنا شي بس كم النسبة مقارنة باللي يلهفون الملايين والأراضي ؟؟؟؟؟؟؟ ليش ما تتكلم عن الهوامير اللي يبوقون والا بس لأن المواطن فقير وما ينخاف منه!!!
      عجبي

    • زائر 13 | 2:47 ص

      انا اقول الاول خلونه نحاسب ونخلص من اللي ضيع وهدر ((( الملايين ))) وبعدين بنرجع حق اللي يهدر 2 لتر ماي و بنحاسبه !!

    • زائر 12 | 1:49 ص

      اكيد تتطنز اوكي يمكن كقالك في شي من الصحة لكن اي كثر المواطن يهدر اموال جابوبني وين اراضي الدولة ليش ارتفعت الاراضي بهذ الشكل المهول ليش وزراة الاسكان ما تحصل اراضي عشان تبني فيها للمواطنيين هذي ابسط الامور وما خفي كان اعظم
      وبقول لش شي انا انسانة التزم بالسرعة وما اقط الوسخ بالشارع ساعات تشوف سيارتي تصير حاوية كلينس مني عصير مني ولكن ما اقط غير الماي احنه ملتزمين ان ما نسرف شنو ذنبي اذا كان ما عندهم هالحس يضيع حقي يعن يحدث العاقل بما يعقل تحطون اللوم على المواطن الي ضايق الويل والمر

    • زائر 10 | 1:28 ص

      ما شاء الله عليك.. عبقري خوك!
      عزيزي.. هذه السلوكيات الخاطئة ليست هي التي أهدرت المال العام، بل إن المال العام بها وبدونها مهدور بسبب الفساد والمفسدين المتنفذين، فمقابل كل مليون يصرف على إصلاح ما ذكرت هناك مئات الملايين تسرق لحساب المتنفذين!

    • زائر 9 | 12:37 ص

      اني اشوف المقال جدا راقي ما ادري ليش الهجوم بالعكس المواطن شريك في هدر المال ننقص توعية المجتمع فقط

    • زائر 8 | 12:30 ص

      درّسونا في علم الإدارة أن المدير الناجح هو من يوزع علمه بين مهمّ وأهم وألويات وثانويات وامور اخرى مهمّ ومستعجل ومهمّ لكن يمكن تأجيله .
      سؤال يا سعادة النائب : أيهما اولى وأيهما اهم في هذه المرحلة المليارات ام الملايين والبلد تمرّ بحالة مالية صعبة

    • زائر 7 | 12:27 ص

      تقارير الفساد تحدثت طوال اكثر من عقد عن مبالغ وصلت الى مليارات فهلّا سلطت عليها الضوء افضل لك ولنا.
      هل يوجد لديك حسبة بسيطة ومقارنة بنسبة ما يهدره المواطن وما تهدره الدولة ؟ وان كنت انا ضد الهدر في أي مكان لكن لديك مريضين احدهما يشكو من مرض عضال متفاقم فتتركه وتذهب لآخر يعاني من رشح او زكام؟
      هل بهذه الطريقة تديرون ...

    • زائر 6 | 12:22 ص

      ما هكذا تورد يا سعد الإبل :
      قشّة على ظهر عصفور يقارنها الكاتب بحمل جمل على ظهره، عندما تكون ارقام الفساد الحكومي في البحرين بالمليارات فمن المعيب تسليط الضوء على فساد بمبالغ زهيدة وان كانت تسمّى فسادا.
      حين تحاسب المواطن على دينارين وحتى عشرة تذهب في سرف فمجموعها لن يتعدى مليون او مليونين بينما غضضت طرفك عن مئات الملايين بل بعض تقارير الفساد تحدثت عن مليارات فأينك عنها؟
      ....

    • زائر 4 | 11:59 م

      مقال يلقي اللوم على الناس ولا يتكلم عن الأسباب الرئيسية لعجز الموازنة العامة ولا يتطرق من قريب أو بعيد للفساد ولكن يركز على الرتوش ألتي لا تغني ولا تسمن من جوع...إلقاء اللوم على الناس فكرة قديمة أثبتت فشلها في تجارب الدول الأخرى...

    • زائر 3 | 11:43 م

      اذا تم حل المشاكل الكبيرة فحل المشاكل الأصغر يكون أسهل واذا كان المواطن لايملك الوعي فالمسألة سهلة فوضع غرامة على المخالفات سيردع الجميع ولكن أول يجب حل المشاكل الكبيرة التى تسبب أضعاف أضعاف من الخسائر مقارنة بما ذكرته

    • زائر 2 | 10:01 م

      هلا هلا!1
      مقال تبريري أضاع الحق ولم يصب الباطل -بل لم يؤشر عليه من أساس- .
      تقول بأن استهلاك البحريني من المياه هو 72 غالون يوميا . نريد تفصيلا في هذا لنعرف من يشفط المياه بآلاف الغالونات باسمنا .
      أنا واحد فاتورة المياة تصلني وفيها أقل من دينار .
      ماذا عن البقية

    • زائر 5 زائر 2 | 12:19 ص

      انا اقول ان هذا العمل يحتاج الى تطوير الثقافه العامه ليس عند الناس بس اولا المسئول ليكون قدوه والاعلام له دور فى ذالك .

    • زائر 20 زائر 2 | 10:13 ص

      أمبله في هدر ومقالته جميلة جدا ولاعيب فيها ......

    • زائر 1 | 9:14 م

      ونحن فى مدينة حمد نشهد كل 5 الى سبعة شهور تغيير قى المطبات. لمذا فهى لا زالت صالحه منذ بدايتها فلماذا تهدم وتعمل غيرها ثانيه؟؟ غير انكم تريدون مصلحة الشركة أو المقاول الذى وضعتمه لعمل هذه المرتفعات. غير ان تعطيل الشوارع مدة العمل بهده المرتفعات؟

اقرأ ايضاً