العدد 5239 - الإثنين 09 يناير 2017م الموافق 11 ربيع الثاني 1438هـ

سياسة الهروب من الحقائق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وزارات الصحة والإسكان والتربية والتعليم، هي الوزارات الثلاث الأكبر أعباء وتبعات، وخدماتها الأكثر تعرضاً للاهتزازات والتراجعات... وإن كانت الصحة هي أخطرها على الإطلاق.

وضع وزارة الصحة في تدهور منذ سنوات، وظللنا نكتب عن اضطراب هذه السفينة رغم تغيّر الربان، حيث توالى عليها أكثر من سبعة وزراء خلال خمسة عشر عاماً، دون أن يلوح في الأفق أنها ستعرف طريقها نحو الاصلاح والاستقرار. وازدادت قيادتها ضعفاً، ليس في عهد الوزيرة الجديدة فائقة الصالح فحسب، بل منذ زمن سلفها صادق الشهابي.

انتقدنا هذه الوزارة كثيراً، بسبب ما تتخبط فيه من سياسات، وحذّرنا مما ستؤول إليه أوضاعها قبل أكثر من عشر سنواتٍ، بسبب تزايد وتيرة التجنيس، وها هي النتيجة تظهر جليةً للعيان، حيث برزت على السطح المشاكل كالبثور في البشرة الدهنية، من اختفاء الأدوية، وطول فترة المواعيد، ونقص الأسرّة في مستشفى السلمانية الرئيسي، وعودة بعض الأمراض التي تخلّصنا منها قبل سنوات، بل برزت ظواهر لم توجد قبلاً، مثل الطوابير الطويلة وانتهاء المواعيد اليومية قبل ثلاث ساعات من انتهاء الدوام.

لا يحتاج المتابع لأداء الوزارة إلى الكثير من الذكاء والتدقيق حتى يلحظ التراجع الواضح في أوضاعها، دون حاجةٍ للحديث عن سياسات التوظيف والابتعاث أو التعيينات، وهو ما دعا وزيرة الصحة السابقة ندى حفاظ (وهي طبيبة ممارسة وعضو شورى سابقة) لإطلاق صرختها يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول 2016، على صفحتها على موقع «الفيسبوك» قائلةً: «واأسفاه على ما وصلت إليه وزارة الصحة»، منتقدةً السياسة التي أدت إلى أفراغ مستشفى السلمانية من كوادره الوطنية. وهو أمر واضح للجميع، ولا ينكره إلا الطاقم الوزاري الذي يسيّر وزارة الصحة هذه الأيام.

في اللقاء المفتوح مع الإعلاميين في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وجَّهتُ هذا السؤال بالحرف للوزيرة والوكلاء، وأعيد طرحه ثانيةً هنا بين يدي الرأي العام: «لماذا تصرّون على سياسة استقدام أطباء وممرضين من الخارج بينما يوجد لدينا مئات الأطباء والممرضين والممرضات من البحرينيين الخريجين من الجامعات البحرينية والعربية والأجنبية، وهم يقبعون منذ سنوات في منازلهم؟». ولم أتلق جواباً غير الكليشيهات التقليدية المعروفة: نحن نرفع احتياجاتنا إلى ديوان الخدمة المدنية ويعلن عن الوظائف الشاغرة وتكون الأولوية للبحريني، فإذا لم نجد متقدماً طلبناهم من الخارج! وهو كلامٌ لا يُشترى في السوق هذه الأيام. فالجميع يعرف كيف يستمر تدهور الخدمات الطبية، حين نبعد الكوادر الوطنية، ونفضّل عليها الأجنبية وخصوصاً الآسيوية، التي تتخذ من البحرين «قاعة ترانزيت» لاكتساب الخبرة في مستشفياتنا لمدة عام أو عامين، لتأخذ طريقها للهجرة نحو بريطانيا وغيرها.

في تلك الليلة، اكتشفت على الهواء، كيف يفكّر الطاقم الإداري بالوزارة، وكيف يستمر تدحرج وزارة الصحة نحو الأسفل، بسبب هذه السياسات. مع ذلك آثرت الصمت طوال الشهرين الماضيين، حتى وقعت الفضيحة الأخيرة: وفاة طفلين وشابٍ في عمر الزهور، خلال خمسة أيام مؤخراً في أروقة وزارة الصحة التي لجأوا إليها للعلاج، فلم يعد بالإمكان التزام الصمت بعد أن أخذ التدهور يُترجم إلى خسائر في الأرواح البشرية.

في طريق عودتي للمنزل تلك الليلة، اتصلت ببعض الأطباء، لأتأكد من معلوماتي: هل الأولوية في هذه الوزارة فعلاً لتوظيف الأطباء والممرضين والممرضات البحرينيين الخريجين؟ وسمعت عن وجود عشرات وعشرات العاطلين، بعضهم ينتظر فرصته للتوظيف منذ عدة سنوات. وكان هناك تأكيدٌ على وجود عملية إفراغ لأكبر مستشفى مركزي في بلادنا، من الاستشاريين وأهم الكوادر الطبية البحرينية ذات الخبرات، بعدما أصبح بيئةً طاردةً، فضّل أغلبهم الخروج للعمل بالقطاع الخاص.

أوضاع وزارة الصحة لا تسر بحرينياً قط، فهي إلى تقهقر وانحدار، وسياسة المكابرة ونكران الحقائق، والتغطية على الإخفاقات بحملات العلاقات العامة وتنظيم حفلات العشاء، لن تزيد إلا تعميةً على الحقائق وإخفاء المزيد من القمامة والأتربة تحت السجاد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5239 - الإثنين 09 يناير 2017م الموافق 11 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 51 | 1:03 م

      زوج ابنتي طبيب اسنان متخرج بامتياز وقدم الامتحان ونجح وكان بعثة ولَم يوظف والمستشفيات الخاصة يبون خبرة يعني ويش اسوي
      احين الأجنبي اسوون ليه امتحان قبل لا يتوظف
      والذي لم ينجح من الأطباء البشري هو متخرج من الجامعة و هو حاصل على شهادة الطب من الجامعة و سنة تدريب في السلمانية يعني ويش راسب في الامتحان

    • زائر 49 | 1:05 م

      لي صديق كان يعمل في وزارة الصحة وكان مخلصا في عمله اشتكى من اهمال ترقيته رغم وجود الميرانية والمؤهل لمدة 5 سنوات رغم أنه تظلم إلى اللجنه والمدير امتدح أمام اللجنه ولم يتم أنصاف فضل الابتعاد في هدوء أنها الطائفية البغيضه للأسف هذا المرض العال الذي يشكو منه مركز السلمانيه الطبي.

    • زائر 48 | 8:36 ص

      في اي وضع سيئ وفيه فساد وظلم ستجد من يدافع عن وجوده والتبرير له من اجل حفنة من الدراهم .

    • زائر 46 | 7:53 ص

      يتبع 1

      تصور يا سيد عملت زراعة كبد 2011 بسبب فايروس كورونا س في أسطنبول وبعد 4 سنوات حصلت على الدواء المخصص لقتل الفايروس بعد التي واللاتي ومقابلات مع الوزير وتدخلات من الوكيل المساعد حيث كتب لي الدكتور المختص في أسطنبول لأخذ الدواء لمدة 6 أشهر، وفي البحرين رفضت اللجنة اعطائي إلا لمدة 3 أشهر وقالوا أن الدواء مفعوله قوي وسيقضي على الفايروس خلال هذه المدة وإذا لم ينجح فسوف نكمل لك..

    • زائر 44 | 6:18 ص

      الحكومة اذا ارادة إصلاح السلمانية سينصلح أمره .

    • زائر 39 | 4:37 ص

      وزارة الصحة صارت من أسوء الوزرات رئيس الوزارء طال عمره أمر بتقريب المواعيد على المرضى ووزارة الصحة كل ماجاء ليها تأخر المواعيد !!!!!

    • زائر 37 | 3:59 ص

      السلمانية لؤلؤة المستشفييات الخليجية الحكومية تحول الى المؤخرة.
      جميع الاطباء البحرينيين الاكفاء و الشرفاء تم ازاحتهم.

    • زائر 36 | 3:58 ص

      انا ممرضة عاطلة منذ ٢٠١٤ بعد اسبوع من التخرج سمعنا عن بعض الاشخاص من دفعتنا تم توظيفهم في مستشفى ....ومستشفى.... فقط لأنهم (..) بل وتم ارسالهم في بعثات خارج البحرين .. اما نحن فهذه ثلاث سنوات ننتظر اتصالاً بلا جدوى

    • زائر 34 | 3:55 ص

      الصحة بعد 2011 تحولت الى دمار شامل.
      هذا ما تفعله السياسة بأرواح الناس.

    • زائر 33 | 3:35 ص

      نطالب الوزيرة فائقة الصالح هي من تقوم بالتدخل لحل المشكلات وليس الدين من تحت أيديها فئنهاكفائة ولكن الدين يقبعون تحت أيديها هم الدين يديرون الوزارة

    • زائر 31 | 3:11 ص

      انا كنت اعمل سائق بمركز ....وكنت أن الوحيد بحريني واعمل باخلاص وتم فصلي

    • زائر 26 | 1:49 ص

      الصراحه الوزارتين ما ينلامون مادام البحرينين مشغولين بالمسيرات وتسدح في الرندبوت الاجانب اضمن لسير العمل

    • زائر 30 زائر 26 | 2:36 ص

      هذه إحدى حجج من يريدون الناس أن تصبر على ضيمها و أن تتغاضى عن سالبي حقوقها و أن تسكت عن المطالبة بحقوقها في ظل .......الحقوق و التجنيس و التمييز و الإقصاء و سحب الجنسيات و محاكمة الرموز الدينية لأنها وقفت مع الشعب وتكميم الأفواه .....
      الساكت عن الحق شيطان أخرس

    • زائر 35 زائر 26 | 3:57 ص

      ان شاء الله تكون اللسعة القادمة فيك وفي أحب شخص لديك ومن الاجانب الي تحبهم عشان انشوف ردت فعلك حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 38 زائر 26 | 4:02 ص

      طائفية عيني عينك.
      يعني اذا راح تطالب بحقوقك كمواطن اصيل مصيرك اليطالة و التهميش.
      المشكلة .....

    • زائر 43 زائر 26 | 6:02 ص

      تعليق سخيف فيه اهانة للشعب البحريني ويدل على مخوخ تنك

    • زائر 25 | 1:38 ص

      الإرادة السيئة والنوايا الخبيثة التي تريد الشر والضرر بأهل البحرين لابد أن تزول ولو بعد حين .

    • زائر 24 | 1:12 ص

      لجان تحقيق وتوجيه هذه نهاية القضية..الأرواح لا تعوض بلجان وتوجيه في طل استمرار فقد الارواح

    • زائر 23 | 1:04 ص

      حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 22 | 1:01 ص

      البلد بأكمله تم احلال العمالة الاجنبية بدل العمالة المحلية
      فلذلك نرى مصير البحرين من سيء الى اسوء

    • زائر 45 زائر 22 | 6:35 ص

      ليش أتلوم عمالة اجنبية هم اشلون دخلو البحرين مب المواطنين اللى جابوهم مقابل المال و خلوهم يسرحون و يمرحون

    • زائر 21 | 12:45 ص

      قال الكثيرون من الحكماء واصحاب الخبرة ان هذا الطريق خطر على البلد وسكانه ولكن البعض يصرّ على المضي فيه. وها هي الأزمات المالية محدقة والخدمات تتردى في الصحة وغير الصحة والقادم ادهى وامر وامضوا في طريق التجنيس وليهلك من يهلك

    • زائر 20 | 12:41 ص

      لا فض فوك يا سيد
      تسلم على هالمقال الرائع. شخصيا أعرف الكثير من الأطباء العاطلين وكل ما راحوا للوزارة قالوا لهم للحين ما فتحنا باب التوظيف!!!!

    • زائر 19 | 12:33 ص

      دعونا نتحدث بصراحة فالخطر المحدق كبير وداهم و....
      لقد حمّل البلد فوق طاقاته واثقل بما لا يستطيع حمله ولا زال الاصرار سيد الموقف وما حصل في السلمانية وما يحصل على شوارع البلد من اكتظاظ شديد هو نذير خطر محدق

    • زائر 18 | 12:31 ص

      دخلت على دكنور عربي في مركز ... الصحي من اجل معرفة نتائج الصحيه قال لي بس كلمتين كل حاجه كويسه انته بمب بس... بدون معرفة نسب السكر و غيره حتى اكتشفت إنه ﻻ يعرف لجهاز الكمبيوتر و نظام العمل.

    • زائر 40 زائر 18 | 5:40 ص

      اشلون هو ما يعرف حق كمبوتر الحين ما فى ملفات ورقية كل شيء على الجهاز و كذلك الصيدلية دكتور يدخل الأدوية على الكمبيوتر و تأخذه من الصيدلية غريبة أن الدكتور ما يعرف حق كمبيوتر على قولتك something is missing

    • زائر 16 | 12:10 ص

      رغم ذلك ورغم كل ضرر لحق بالبلد وبسكان البلد وببنيتها التحتية وخدماتها يبقى الإصرار على المضي قدما في هذا الملف هو سيد الموقف مما يدلّل على امور كثيرة وخطيرة ان هناك عدم مبالاة في مستقبل البلد ولتغرق السفينة بمن فيها وفقط ان لا يكون صوت لمن لهم الحقّ في المطالبة

    • زائر 15 | 12:06 ص

      فتّش عن الطائفية! بس!!

    • زائر 14 | 11:50 م

      عملت مهندسا في مستشفى السلمانية لمدة تسع سنوات...بعدها انتقلت الى جهة حكومية اخرى.. وبسبب حاجة المستشفى طلب منمديو القسم العودة مجددا للعمل هناك فوافقت.. ولما وصل الموضوع للوزارة تم رفض ذلك وتم توظيف مهندس عربي... أما عملي الآخر فتم فصلي منه بعد ذلك لاسباب طائفية وشخصية بغطاء الازمة السياسية وتم توظيف مهندس اسيوي مكاني هناك... وللان انا عاطل من دون دخل... هذا هو حال المواطن في البحرين.

    • زائر 13 | 11:42 م

      إذا السالفة سالفة ديوان الخدمة المدنية ما عنده طلبات اطباء شرايك ان الوسط تخصص ليها صفحة بأسماء ومؤهلات الأطباء والممرضين الذين يبحثون عن فرصة عمل، وهاي الميدان ياحميدان!!!

    • زائر 47 زائر 13 | 8:09 ص

      عشان ينحطون في القائمه السوداء ؟

    • زائر 12 | 11:12 م

      سيارات إسعاف جديده للطوارئ باسم الداخليه.
      هل هذا تقدم في تطور مستشفى الطوارئ السلمانيه ؟! وغير 65 كادر ممرض مفصولين من قسم الطوارئ .

    • زائر 11 | 11:11 م

      كلامك اكيد اكيد صح

    • زائر 9 | 10:56 م

      مادام هناك طائفيين في الوزارة راح تتقدم وزارة الصحة الي الاسؤ ثم الي الاسؤ ، بلدي يتذمر يحتضر

    • زائر 7 | 10:46 م

      احسنت ياسيدينااناعندابن متخرج من خمس سنوات من جامعة الطب وكل مرة يقولون منجحت علشان مايوظفونهم ماتقولها الا حسبي الله ونعم الوكيل وكيف ما ينجح اجتاز عندهم سنة الامتياز

    • زائر 6 | 10:32 م

      كلامك صح مليون في الماءه

    • زائر 5 | 10:23 م

      أنا أقترح على وزارة الصحة بعد ثبوت عدم قدرتها على إدارة مستشفى السلمانية الطبي أن توكل إدارته إلى شركة خاصة تديره وتبعد يدها عنه لأنها بصراحة شديدة فقيرة جدا وضعية في إدارة المستشفيات ، لا تنتظروا حتى يموت كل يوم طفل أو شابة أو امرأة ولا تنتظروا نتائج التحقيق في مثل هذه الحوادث لأن النتائج ستكون مثل سابقاتها . نصيحتي إلى وزيرة الصحة أوكلي إدارة المستشفى إلى شركة خاصة أو أطباء متخصصين وارفعي يدك عن المستشفى لأنك بإصرارك على إدارته ستكونين شريكه في جريمة فقدان الناس لأطفالهم وأحبائهم.

    • زائر 4 | 10:19 م

      المشكلة أنها أكبرمن سياسة وزارات فلو كانت سياسة وزارة لرأينا رؤوس وزراء تتطاير حين الإخفاقات.
      نفوس بريئة و بأعمار صغيرة تزهق فمن المحاسب فجعل الغير مناسب في الموضع هو بمثابة قتل النفس و من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا.
      أما في التعليم إن وضعت غير المناسب فإنك تقتل أمة و ليس فردا.
      كذلك وضع من لا يراعي مبدأ أو إنسانية في بعض المواقع فإنه مستعد لأخذ البريء بذنب المجرم لكي ينقذ دنياه ورلربما يصيغ بعض السيناريوهات ليصور البريء كمجرم.
      من قول للإمام علي حب الدنيا رأس كل خطيئة.

    • زائر 3 | 9:58 م

      ولا تنسى وزارة التربية من كثرة الفساد اصبح المعلم الوافد معلم اول و مدير مساعد ومدير مدرسة و اخصائي تربوي ومشرف تربوي و ولا ننسى انه اصبح بحريني !

    • زائر 2 | 9:02 م

      بارك الله فيك استادنا . نعم هذه حقيقة الوزاره وخصوصا فى مستشفى السلمانيه فسااد واضح على الجدران والملأ يراه. استمر استادنا فى نقدهم البناء لعلهم يفقهون ونحن معك.

اقرأ ايضاً