العدد 5299 - الجمعة 10 مارس 2017م الموافق 11 جمادى الآخرة 1438هـ

«أساليب»: أمسية كاريكاتيرية في «مشق»

تناول استعراض حمد الغايب تجربة هشام زباري
تناول استعراض حمد الغايب تجربة هشام زباري

كثيراً ما يظلم الكاريكاتير في الفعاليات الثقافية. إذ قلّما نجد له نشاطاً يتناوله أو يتناول فنانيه وأساليبهم، ومن النادر أن نسمع عن معرض فني يقام على إحدى قاعات العرض، لكن غاليري ومقهى «مشق» آثر أن يفرد له مساحة ضمن لياليه الثقافية تحت عنوان: «أساليب»، استعرض خلالها تجارب ثلاثة من رسامي الكاريكاتير.

وقد أكد مؤسس «مشق» الفنان علي البزّاز في حديثه قبل بدء الأمسية أن هذه هي باكورة الأنشطة المتعلقة بالكاريكاتير، إذ ستكون هنالك أنشطة ومعارض وربما ورش فنّية تتناول هذا الفن المؤثر في المجتمع، كما ستكون هناك فعاليات كثيرة في الأيام المقبلة، وخصوصاً بعد تأسيس جماعات منبثقة عن المكان، متخصصة في الشعر والفن والموسيقى والكاريكاتير وغيرها، وهو ما قد يحرك كثيراً من الجمود في الساحة المحلية الثقافية.

نعمة... من رواد الكاريكاتير ثلاثي الأبعاد

استعرض الفنان عبدالأمير الحايكي تجربة الفنان العراقي مؤيد نعمة، المولود في العاصمة العراقية (بغداد) في العام 1951 والمتوفى العام 2005. من خلال التعرض لسيرته، وعرض بعض نتاجاته من لوحات إضافة إلى شرح أبعادها الفنية.

أكد الحايكي أن الفنان يُعتبر أول من استخدم الخزف في تجسيد فن الكاريكاتير لينتج لوحات كاريكاتيرية ثلاثية الأبعاد، كما أنه قدم بعض البورتيرهات الكاريكاتيرية بالخزف لعدد من الشخصيات الرسمية العراقية ولشاه إيران السابق على سبيل المثال.

وأوضح، أن نعمة اهتم بالكاريكاتير الاجتماعي المرسوم بالأبيض والأسود والذي يعتمد بصورة رئيسة على وجود المرأة والرجل ضمن اللوحة، كما أن خطوطه امتازت بالجرأة والاقتراب من السريالية، وخصوصاً عند رسم الثغر الباسم الذي امتاز به معبراً عن سخريته وتهكمه على الواقع. وقد تناول الكثير من القضايا السياسية الجريئة في الشأن العراقي إضافة إلى حضور القضية الفلسطينية بشكل واضح في تجربته.

وأضاف: ما يميز كاريكاتير مؤيد نعمة أيضاً هو أن أعماله موزعة بشكل سلس وجميل ومتوازن في اللوحة، وهو ما يسهم في تقبل المشاهد لها بشكل أفضل، ولم يأتِ هذا إلا بالممارسة والخبرة الطويلة في هذا المجال.

زباري و«خفنقع»

أما الفنان البحريني حمد الغايب فقد آثر أن يستعرض تجربة هشام زباري الذي بزغ نجمه في نهاية ثمانينات القرن الماضي ولمع في التسعينات من خلال إحدى الصحف المحلية، وكان له أباً روحياً، على حد تعبيره؛ إذ تأثر به كثيراً وعشق شخصية «خفنقع» التي خلقها زباري واستخدمها في جميع لوحاته لتعبر عن المواطن البحريني وأحياناً العربي. وكان «خفنقع» يظهر من خلال أعمال الفنان باعتباره شخصية متسلطة وقوية، كان يبدو أمامها كل من حولها ضعيفاً.

وأضاف، طريقة زباري تعتبر من أصعب الطرق في فن الكاريكاتير، وهي أن تلتزم بشخصية تخلقها عبر الورق ثم تخلق لها زوجة وأبناء وأهل ومجتمع، وكانت شخصياته تمثل الواقع البحريني بكل أبعاده. ثم تطرق إلى سر وجه «خفنقع» الذي كان شبيهاً بأحد أصدقاء الفنان الإنجليز شكلاً فقط، إذ استوحى منه شخصيته على رغم المشاكل التي قد تقع للفنان حين يختار شخصية يرسمها دائماً في لوحاته.

ولأن الفنان تلقى تعليمه الجامعي في بريطانيا، فقد تأثرت خطوطه بالمدرسة البريطانية، التي تعتمد على الخطوط المختزلة المتقطعة التي قد يظن من يراها أنها رسمت بسرعة شديدة. إضافة إلى استخدامه للغة الإنجليزية في كاريكاتيره؛ إذ كان كثيراً ما يستخدم الكتابة في لوحاته. كما يلاحظ أن زباري كان يستخدم اللوحة المستطيلة وهي تعتبر من أصعب اللوحات لدى أي فنان، إذ يتوجب عليه ملؤها بشكل متوازن ومريح وهو ما برع فيه زباري بشكل كبير فقد كان يستخدم البياض والرسومات والكلمات المكتوبة بشكل متناسق لا يؤثر على هارموني اللوحة.

حداد... الكاريكاتير ليس تهريجاً

أما الفنان علي البزاز فقد استعرض تجربة الفنان اللبناني حبيب حداد، لكنه أجاب على سؤال: لماذا الكاريكاتير دون غيره؟ وذلك قبل أن يبدأ حديثه عن حداد، قائلاً: الكاريكاتير يفضح، يكشف، يحرض، يتهكم، يتحدى، يعي، يشكل رأياً عاماً، ويحدد موقفاً، ولهذا فهو فن مهم ومؤثر.

ثم استعرض البزاز سيرة حداد وتجربته، من خلال ما قاله هو عبر الحوارات التي أجريت معه، إذ يقول حداد إنه يستعمل الخط فحسب، ولا تتضمن لوحاته الكلام؛ لأن الفكرة تصل من غيره، وإنه يهتم بالحدث ويتفاعل معه كما لو أنه موجود في عين الحدث، ولابد لرسام أن يحضر ويرسم بشكل يومي.

يقول البزاز: إن حداد يستخدم الأبيض والأسود في أكثر لوحاته لما يمثله هذان اللونان من تناقض بين الخير والشر، الظلام والنور، الصح والخطأ... كما امتازت شخوصه بغرابة ملامح وجوهها وحدّتها ووضوحها. ولم يرسم الفنان الرؤساء والحكام لأنه يؤكد أن السخرية منهم ليست من اهتماماته وأنه حين يرسم مسئولاً فهذا من باب التسلية لا السخرية والتهكم، خصوصاً مع وجود الرقابة الذاتية التي ترفض المساس بالآخرين.

وأكد البزاز أهمية الكاريكاتير في نقل التاريخ وتدوينه، وذلك من خلال تفاصيل الرسم التي تظهر نوعية اللبس وشكله ونمط الحياة وتطور الأماكن والأثاث والبيوت وغيرها وهو ما لا يمكن لغير الكاريكاتير نقله بهذا الوضوح والبقاء.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً