العدد 5307 - السبت 18 مارس 2017م الموافق 19 جمادى الآخرة 1438هـ

ريما خلف والوقوف على المبدأ!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ما أصعبه من قرار عندما يكون بين المبدأ وبين المركز، وريما خلف الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) أثبتت بأنّه مازال للعرب قدرة للوقوف على المبدأ في مقابل خسارة المركز.

ريما خلف لمن لا يعرفها، شخصية اقتصادية وسياسية أردنية، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت، وأنهت رسالة الماجستير والدكتوراه في الولايات المتّحدة الأميركية، وتعتبر من ضمن 50 أقوى شخصية في العالم.

ريما خلف اختارت الاستقالة على المنصب، بعد قرار الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش لسحب تقريرٍ قدّمته اللجنة منذ أيام، يدين دولة الاحتلال الإسرائيلي، فاتّخذت ريما موقفها بعدم قبول قرار غوتيريش.

كم شجاعاً يستطيع الوقوف على مبدئه فيقدّم استقالته احتجاجاً على موقف خاطيء؟ صدّقونا ليس هناك الكثير، فالمركز والجاه والسلطة لها وقع في النفس تجعل أقوياء القلوب يتردّدون، ولكن ما أقوى من يقف على مبدئه ولا يهتم بمركزه ما دام المركز لا يفي بغرض المبدأ.

وقفت ريما خلف وقفةً عن آلاف الرجال الذي فقدوا رجولتهم، وقالت كلمة الحق وأعلنت استقالتها، وأتى ذلك من قناعة منها بأنّ الكيان الصهيوني لن يرتدع مادامت هناك أيادٍ قذرة تُسانده فيما يقوم به، قتل وإبادة واحتلال لا يتوقّف، وأكثر شيء يخشاه هذا الكيان رجال ونساء أمثال ريما.

يقول سيدنا علي بن أبي طالب (رض): «لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه»، وصدق حيدر في هذه الحكمة العظيمة، لأنّه بالفعل عندما تكون على طريق الحق تكون وحيداً ليس معك الكثير، وأيضاً يُهاجمك الكثير، الكثير جداً، والبعض يتردّد ويتراجع، ولكن الأقوياء الصامدون هم من يثبتون ولا يتنازلون، لإيمانهم بأنّ الحق لابد أن يظهر في يوم من الأيام، وحتّى يظهر يحتاج إلى تضحيات وثبات في الموقف.

هذا موجز ما قامت به ريما خلف، السيدة الشريفة ابنة الأردن، فما علينا نحن كشعوب عربية أن نفعله؟ مع أنّ الجميع يقول بأنّ الضرب في الميّت حرام، وأنّ كرامة وفكر الشعوب العربية ميّتة، إلاّ أن هناك أملاً كبيراً عندما نقف أمام ما قامت به ريما.

اتّخاذ القرار يحتاج إلى قوّة وصبر، ولا يتأتّى الحق بسهولة، بل هو ثمرة عمل وجهد وموقف وشجاعة، وبعد حينٍ نقطف الثمار، ثمار الفوز والنّجاح، ونُفيد الشعوب العربية، ونكون لهم نعم القادة ونعم القدوة.

ريما خلف اليوم قدوة لكل مواطن عربي، وهي باستقالتها تُرسل رسالةً للجميع، كباراً قبل الصغار، بأنّ الكيان الصهيوني تمادى، وأنّه آن الأوان لكي نلملم شتاتنا وتقسيماتنا، وأن نبدأ بالتركيز في قضايا الأمّة العربية، لأنّنا بوحدتنا نقوى وبتقسيمنا نموت.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5307 - السبت 18 مارس 2017م الموافق 19 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 4:36 م

      ربعنا النواب نبي تعليق منهم على الموضوع.

    • زائر 22 | 11:53 ص

      ريما خلف

      كان على الجامعة العربية ان تكرم هذه المراة بوسام الشرف العربي ، ومع الاسف ان الجامعة العربية في وادي اخر بعيد عن الحقوق العربية .

    • زائر 17 | 5:33 ص

      في عرب مستعدين أن يخسرو مناصب وأموال وربما أرواحهم وأن يقولو كلمة حق في وجه إسرائيل و في عرب مستعدين ان يدفعو أموال ... خدمة لعيون إسرائيل .

    • زائر 16 | 5:03 ص

      تحية اجلال واحترام لموقف هذه السيدة العظيمه والحمد لله ان الدنيا مازالت بخير بعد ان ظننا انه انتهت المواقف الرجوليه والنسوية البطوليه تحياتي للكاتبه

    • زائر 15 | 3:34 ص

      الشرفاء نوادر هذا الزمن ""

    • زائر 14 | 2:52 ص

      10 / 10
      هذا هو ديدن الطغاة يمارسون أبشع ضروب الإرهاب ويتهمون ضحاياهم بها. فالإرهابي الصهيوني يقصف ويعتقل ويقتل ويهدم ويسرق ويغتال ثم يتهم ضحاياه الفلسطينيين بالإرهاب والتخريب !!!

    • زائر 13 | 2:46 ص

      وانت ايضا يا سيدة مريم امرأة عظيمة وقدوة حسنة - صحافية صادقة قوية واعلامية شريفة ومؤمنة -تسطرين بقلمك الحق والكلمات ذات المعاني والمحتوى العلمي والاخلاقي لجمع القلوب والمحافظة على وحدة المجتمع وتحاربين الفتن و اقلام الشر .

    • زائر 12 | 2:21 ص

      ما لي لا ارى تعليقات البعض الذين لا يعجبهم الشرف والمواقف الوطنية ، اصحاب التزلف والنفاق

    • زائر 10 | 1:36 ص

      ما أعظم النساء العظيمات اللواتي يقفن ضد دول كبرى وتوصف بأنها عظمى!
      نعم انها امرأة لكنّ موقفها افضل من مواقف ملايين الرجال حين يكونون اشباه رجال

    • زائر 9 | 1:33 ص

      هل رأيتم كيف وقفت الولايات المتحدة ضد تقرير حقيقي واقعي يدين اسرائيل؟
      انها الولايات المتحدة التي تكيل بألف مكيال وتتخذ من حقوق الانسان وسيلة للتلاعب في مصير الدول والشعوب
      مرة تقيم حربا ضروسا على حكومة معينة بحجة حقوق الانسان ومرة اخرى تقف مع حكومة ضد تطلعات شعبها
      لأنّ لديها مصالح بيع السلاح على هذه الدول

    • زائر 8 | 1:28 ص

      حقوق الانسان؟
      أي انسان هذا الذي له حقوق؟
      هل الانسان العربي له أدنى مستوى من الحقوق؟
      هل يمكن ان تتساوى حقوق الانسان العربي بغيره من البشر؟
      لمجرد تقرير قامت به موظفة أممية وذكرت فيه بعض الحقيقة التي رفضتها امريكا مما اضطّر
      هذه الموظفة للاستقالة ومن ثمّ قبول استقالتها من دون تردّد فقط لأنها ذكرت بعض الحقائق عن الاضطهاد العنصري
      في اسرائيل !!

    • زائر 7 | 1:25 ص

      هذه هي الأمم المتحدة:
      هل يمكن بعد هذه المواقف ان تتعشّم الشعوب في هذه المنظمة خيرا؟
      هل يمكن للشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها أن تنتظر من هذه المنظمات أي موقف منصف؟
      منظمات تسيّرها أمريكا او بريطانيا او اتباعهما لا خير ولا بركة يرتجى منها

    • زائر 6 | 1:22 ص

      في زمن تكاد القيم فيه قد انعدمت او اندثرت يأبي الله إلا أن يظل بعض البشر منارا وإشارة الى الضمير الحيّ.
      هكذا هي ارادة الله في خلقه ان يجعل فيهم بشرا يظلّون ثابتين باقين صامدين على مبادئهم وعلى الفطرة الخيّرة
      مهما انقلبت الأوزان والمقاييس لدى البشر

    • زائر 5 | 12:44 ص

      الحق ينقال حتى نواب الوفاق انسحبو لمبادئهم

    • زائر 11 زائر 5 | 1:58 ص

      ودي أصدق بس قويه

    • زائر 4 | 12:36 ص

      بس خلاص إحنا بعد صمود متى آخر نفس

    • زائر 3 | 12:22 ص

      اللهم وحدنا على الحق شكرا اختي مريم

اقرأ ايضاً