العدد 5308 - الأحد 19 مارس 2017م الموافق 20 جمادى الآخرة 1438هـ

البازار الكبير في اسطنبول يسعى لاستعادة أمجاد الماضي

يجهد عمال منذ أشهر عدة في ترميم أسطح بازار اسطنبول الكبير، أحد أقدم الأسواق في العالم ويعود تاريخه إلى 554 عاماً، ضمن المرحلة الأولى من مشروع ضخم لإعادة السحر لهذا الموقع الذي يستقطب ملايين الزوار من حول العالم.

ويعاني هذا الموقع وضعاً متردياً بما يشمل تسرب المياه في الأسطح وحالات انفساخ وانزلاق، حتى أن استصلاح المكان لتصوير مشاهد بهلوانية من مغامرات جيمس بوند على دراجة نارية في فيلم "سكايفال" لم يغير في الأمور الكثير.

وتعيد أعمال الترميم التي انطلقت في يوليو/ تموز الماضي، الأمل لآلاف التجار في البازار الكبير ممن تراجعت إيراداتهم بشكل كبير بسبب الاعتداءات الدامية التي شهدتها اسطنبول وأدت إلى إبعاد السياح الذين كانوا يتوافدون بالملايين إلى المكان لابتياع سلع متنوعة.

وتترافق أعمال الترميم مع تعاظم الاهتمام بالحقبة العثمانية منذ وصول رجب طيب أردوغان الذي يستشهد على نحو متزايد بتاريخ السلطنة التي أدت دوراً تاريخياً كبيراً في الشرق الأوسط وأوروبا.

ويقول مساعد رئيس بلدية منطقة الفاتح حيث موقع هذه السوق أوكان أرهان أوفلاز إن "البازار الكبير موقع تاريخي. من المستحيل إنهاء أعمال الترميم بين ليلة وضحاها".

ويحرص أوفلاز على تقليل حجم الخسائر التي خلفها تصوير مشهد من فيلم جيمس بوند أشهر الجواسيس البريطانيين، قائلا "الأمر لا يتعدى كسر بضعة أحجار". ويضيف مبتسما "لكن عندما ننظر إلى البازار الكبير اليوم، لا يوجد حجر غير مكسور".

وتقدر قيمة ترميم السقف بعشرة ملايين ليرة تركية (2.75 مليون دولار) في حين من المتوقع أن تبلغ قيمة مجمل الأشغال نحو مئتي مليون ليرة تركية (55 مليون دولار) على أن تستمر مالا يقل عن أربع سنوات.

 

 

تراكم الأوساخ

وشكل البازار الكبير منصة رئيسية للتجارة خلال عهد السلطنة العثمانية التي هيمنت على جزء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مدى ستة قرون قبل انهيارها غداة الحرب العالمية الأولى.

وانطلق بناء البازار الكبير، وهو من أكبر الأسواق المسقوفة وأقدمها في العالم، في العام 1455 بعد عامين على غزو العثمانيين للقسطنطينية خلال عهد السلطان محمد الثاني الملقب بـ "الفاتح". ومع صعود الإمبراطورية، عرف البازار ازدهاراً سريعاً وأخذ شكله الحالي اعتباراً من القرن السابع عشر وحمل اسمه التركي "كاباليشارسي" (السوق المفتوحة).

ويضم البازار الكبير الواقع على شبه الجزيرة التاريخية في المدينة التركية الكبرى حيث موقع المسجد الازرق، نحو ثلاثة آلاف متجر يعمل فيها أكثر من 30 ألف شخص.

وصمد الموقع أمام الكثير من الزلازل والحرائق غير أن بنيته اليوم مهددة جراء التغييرات التي أحدثها التجار الذين قاموا جميعهم تقريباً بنشر صحون لاقطة على السقف المميز للبازار.

ويأمل نعمان وهو بائع أحواض وصحون تقليدية في أن يكون لأعمال الترميم "أثر إيجابي" قائلاً: "على الأقل عندما ستنتهي الأشغال، سيكون هناك تبريد للسوق خلال الصيف وتدفئة في الشتاء. درجات الحرارة ستكون مقبولة".

ويشكو عمر البالغ من العمر 48 عاما وهو مالك متجر، من عدم تسجيل أي تحسن على رغم دفع أصحاب المتاجر أحيانا مبالغ مالية شهرية تقارب 80 دولاراً على صيانة البازار وإدارته.

ويقول غاضباً "نحن ندفع المال من دون أن يحصل أي تغيير. نقوم بالتنظيف مساء، وفي الصباح نجد المكان مليئاً بالأوساخ. عند المطر، يطوف المكان بالمياه".

 

تعزيز الأمن

وألحقت موجة اعتداءات متصلة بالمتمردين الأكراد أو بمقاتلي تنظيم "داعش" في الوسط التاريخي لإسطنبول، أذى بالغا في القطاع السياحي في المدينة.

وأبعد من أعمال الترميم، يرغب التجار قبل أي شيء في استعادة زبائنهم التاريخيين متحسرين على أيام العز حين كانت الممرات الضيقة في البازار الكبير تعج بالزوار من سائر أنحاء العالم.

ويقول أوفلاز "جرى تعزيز كبير للتدابير الأمنية" لحماية الموقع وطمأنة الزوار الوافدين إلى البازار الذي يمثل أحد أهم المواقع السياحية في اسطنبول.

ويروي عمر "أنا أعمل في البازار الكبير منذ 35 عاماً. في تلك الفترة كانت الأوضاع جيدة إذ كان ثمة سياح بينهم أوروبيون"، مشيراً إلى أن التجار باتوا يواجهون صعوبة في دفع قيمة إيجار محالهم.

ويقر مساعد رئيس بلدية منطقة الفاتح في اسطنبول بتراجع أعداد الزوار (من دون تقديم أرقام) مقارنة مع العام 2014 الذي سجل زيارة أكثر من 90 مليون شخص.

غير أن النشاط مستمر في المكان إذ يؤكد اوفلاز أن البازار الكبير "يملك جيشاً قائما بذاته" مع 30 ألف موظف يعملون في نحو ثلاثة آلاف متجر. ويضيف "البازار الكبير يشكل محطة يومية لأناس كثيرين".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً