العدد 5315 - الأحد 26 مارس 2017م الموافق 27 جمادى الآخرة 1438هـ

قرى في هونغ كونغ تكافح للبقاء أمام زحف مشاريع العمران

يُعرف عن هونغ كونغ أنها مكتظة يلهث سكانها وراء نمط الحياة السريع، لكن بعض القرى الوادعة ما زالت قائمة في أطرافها الريفية بين الأدغال وأشجار الشاي، وهي تحاول أن تقاوم مشاريع زحف العمران الساعي لتأمين مساكن لمواطنيها الذين تضيق بهم أحياء المدينة.

في هذه القرية الواقعة في شمال غرب هونغ كونغ مشهد يختلف عن الصورة المطبوعة في الأذهان، فهنا لا ناطحات سحاب ولا ازدحام وسباق على أبواب المصارف والصفقات التجارية، بل أكواخ ومنازل صغيرة، تجول حولها الكلاب والقطط بأمن وسلام، لكن الأمر قد لا يبقى على حاله.

فقد أوعزت السلطات إلى السكان بإخلاء القرية مع حلول العام 2018، لإقامة مشروع قوامه أربعة آلاف وحدة سكنية مدعومة.

فالكثير من سكان هونغ كونغ يعانون من عدم توفر منازل للشراء أو للإيجار بأثمان مقبولة في المدينة، ولذا تعمل الحكومة على تنفيذ مشاريع سكنية في الأماكن الأقل اكتظاظاً.

يلقى هذا المشروع معارضة كبيرة تتهم الحكومة بأنها تساند من خلال سياسة الإسكان هذه أصحاب المشاريع العقارية على حساب المصلحة العامة. أما الحكومة، فترى أن بناء المساكن في هذه المناطق أمر لابد منه.

تعيش السيدة كو في بيت صغير تحيط به أشجار زرعتها والدتها، وكانت حياتها هانئة إلى حين تلقيها الإشعار الصادم من السلطات بضرورة إخلاء منزلها، فأصاب ذلك أمها بجلطة دماغية قضت عليها بعد عام.

وتقول كو "لم تكن والدتي ترغب في أن تعيش في مساكن اجتماعية أو ناطحة سحاب" بدل بيتها الريفي الذي اعتادت عليه.

 

شبكات "كوك"

تتألف منطقة وانغ شو، حيث تعيش كو، من ثلاث قرى تضم مئات البيوت. ويؤكد سكانها أن أحداً لم يأخذ رأيهم في مشروع المساكن الاجتماعية، ومنهم من عاش حياته كلها هنا منذ وصولهم من الصين في الخمسينات من القرن العشرين.

وتقول إحدى السكان واسمها لام "جذوري ضاربة هنا" فقد شيدت عائلتها مسكنها وحفر والدها بيديه البئر أمامه.

يقول السكان إنهم ضحايا للسلطات والنافذين، وكثيراً ما ينظمون تظاهرات احتجاجاً على طردهم من منازلهم وعلى ما يصفونه بالفساد.

ففي هونغ كونغ، تسيطر على المناطق الريفية شبكات من السياسيين ورجال الأعمال يطلق عليها اسم "كوك"، ومنهم أعضاء في المجلس التشريعي الذي يسمي رئيس الحكومة.

كان مقرراً أن يقام مشروع وانغ شو على أرض يملكها نافذ في المنطقة، لكن القرى المجاورة هي فقط التي تستهدفها الأشغال حالياً.

وتقول الحكومة إنها بحاجة لبعض الوقت لتدرس المواقع التي لم يبدأ بها العمل، فيما يقول معارضو إزالة القرى إن هذه المواقع المتروكة والمملوكة لنافذين يمكن أن تؤمن 13 ألف مسكن إضافي.

ويقول النائب إيدي شو المناصر لقضايا البيئة إن السياسية العقارية للحكومة تمليها مراكز النفوذ من أشخاص ومنظمات. ونال هذا النائب أكبر عدد من الأصوات في انتخابات العام 2016.

وتحدث النائب عن تواطؤ بين الحكومة وأصحاب المشاريع العقارية والنافذين والمافيا المحلية. يتوسل السكان في وانغ شو للسلطات أن تنقذ منازلهم، لكن النائب لو كوين يرى أن الحكومة "تفضل أن تتباحث في الظل مع النافذين وترفض سماع صوت الناس الذين يعيشون هنا". ويضيف "إنهم يزيلوننا كما لو أننا كنا نفايات".

لا يقتصر هذا النوع من المشاريع على وانغ شو، بل أن برنامجا عقاريا آخر يهدد منطقة ماشيبو في شمال شرق هونغ كونغ، ويرمي إلى إنشاء وحدات سكنية فاخرة مهدداً بيوت ستة آلاف شخص.

وتقول المزارعة بيكي أو "أين نذهب حين تضرب مشاريع العقارات الحكومية الريف والأراضي الزراعية؟".

لكن عددا من السكان يرفضون الاستسلام لما يجري، على غرار باتريك شينغ البالغ من العمر 29 عاما، والذي ينشط في تنظيم تظاهرات أمام البرلمان بالتزامن مع جلسات التصويت.

ويقول "ليس لدينا أمل كبير، لكن علينا ألا نستسلم".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً