العدد 5318 - الأربعاء 29 مارس 2017م الموافق 01 رجب 1438هـ

مختارات من قصص الأمل لصناع الأمل في العالم العربي

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

 

منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري، نجحت مبادرة "صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.


القصة الأولى:
صممت ورشاً فنية وتشكيلية ومسرحية للشباب بين 11- 18 عاما لإقصائهم عن عالم الجريمة
شيخة النقبي.. تزور مراكز الأحداث لتغرس أملا وتنشر فنا


ما نزرعه من جمال وإبداع وحب وعطاء هو ما نحصده.. مقولة آمنت بها شيخة النقبي ولمستها على أرض الواقع من خلال تجربة إنسانية قامت بها، وعاشت نتائجها.

تعود الحكاية إلى العام 2011، حين استغلت شيخة، وهي فنانة تشكيلية وتعمل في إدارة المسرح بدائرة الثقافة في الشارقة، عشقها للفن والمسرح في تصميم ورش فنية وتشكيلية ومسرحية وفوتوغرافية وتقديمها لمجموعة من الأحداث المقيمين في مراكز الأحداث في إمارتي الشارقة والفجيرة، وذلك لمساعدتهم على اكتشاف مواهبهم وتقدير الفن والإبداع وتوجيه طاقاتهم بصورة إيجابية، على نحو يسهم مستقبلاً في إقصائهم عن عوالم الجريمة والانحراف.

ترى شيخة أن مثل هذه الدورات مهمة لهؤلاء الأحداث، فالمراكز التي تأـويهم تأهيلية بالدرجة الأولى، ومن شأن مثل هذه التجربة الفنية أن تشجعهم على بناء شخصياتهم وتعزيز قدراتهم وتسهيل عودتهم إلى حياتهم الطبيعية ما قبل التحاقهم بالمؤسسة الإصلاحية، لأي سبب كان، كما قد تكون باباً يفتح لهم مجالاً لتطوير مواهبهم الفنية سواء بالدراسة المتخصصة أو من خلال العمل في هذا المجال.

بالنسبة لشيخة، فإن عشقها للفن غير حياتها للأفضل، وهو تغيير فضلت أن تتقاسمه مع الآخرين، واختيارها فئة الأحداث تحديداً إنما لقناعتها بأنهم الأجدر باكتشاف مجالات وفرص متنوعة للإبداع، كي لا يسقطوا في الفراغ أو اليأس وكي لا يكونوا نهباً للأفكار والسلوكيات الهدامة.

خلال سنوات عملها في تدريب الأحداث، استطاعت شيخة أن تبرز أفضل ما لدى هؤلاء الفتية، الواقعة أعمارهم بين 11 و18 عاماً، وقد لمست تغييراً واضحاً في شخصياتهم، إذ غدا لدى عدد كبير منهم الأمل بأن حياة أخرى، حياة أكثر عطاء وإبداعاً وإيجابياً، في انتظارهم خارج المؤسسة الإصلاحية. هذا التغيير بحد ذاته مدعاة لشعور شيخة بالفرح، وبأن عطاءها ترك أثراً طيباً.

تدرك شيخة أن مبادرتها الفردية على أهميتها تأثيرها سيكون أكبر لو قُدِّر لها الحصول على الإمكانات والتسهيلات اللازمة التي تمكنها من تطوير برامجها وتدريب آخرين كي يشاركوها صناعة الأمل وتعزيز قيم الإيجابية وسط شريحة مهمة في المجتمع، كالأحداث، فأن تساهم في بناء إنسان صالح، مبدع، ومعطاء هو أن تبنى أجمل أمل وأجمل وطن.


القصة الثانية:
شاهد حادث دهس طفل قبل 30 عاما.. فنذر نفسه لإنقاذ الأطفال من الحوادث
العم موسى.. النشمي الذي ينقذ تلاميذ المدارس من وحوش الطريق

 

بينما كان موسى الزويري في طريقه إلى العمل، في العاصمة الأردنية عمّان، شاهد بأم عينه حادث دهس راح ضحيته طفل صغير كان يحاول أن يعبر الشارع إلى المدرسة. كان مشهداً مؤلماً بحق، والأكثر إيلاماً أنه وقع أمام مجموعة من التلاميذ الصغار الذين تجمّدوا من الخوف أمام منظر زميلهم المسجى في الشارع. حاول موسى أن يهدئ من روع الصغار، فـأخذهم من أيديهم، ليساعدهم في عبور الشارع إلى مدرستهم بسلام.

كان ذلك منذ نحو ثلاثين عاماً. ومن يومها، قرر موسى أن يكون عوناً للطلبة الصغار في مختلف مدارس عمّان، حريصاً منذ ساعات الصباح الأولى، مع توجه التلاميذ إلى مدارسهم، على أن يكون متواجداً بالقرب من مدرسة تطل على شارع لا تهدأ فيه حركة السيارات، حيث يقوم بتجميع التلاميذ على الرصيف، ومن ثم إيقاف السيارات والعبور بمجموعة منهم إلى المدرسة، قبل العودة إلى دفعة ثانية وهكذا حتى يتأكد من دخول جميع التلاميذ، أياً كان عددهم، إلى المدرسة بسلام. وكما يبدأ موسى اليوم الدراسي مع الصغار، فإنه ينهيه معهم، حيث يكون في انتظارهم آخر الدوام عند بوابة المدرسة ليقطع بهم الشارع إلى الضفة الأخرى.

مع الوقت، بات موسى، أو "العم موسى" كما يلقبه الصغار، وجهاً مألوفاً، يشعر التلاميذ بوجوده بالأمان، فسلط الإعلام الضوء عليه، الأمر الذي دعا المسؤولين في "أمانة عمّان" إلى زيارة الموقع ومعاينته، ومن ثم بناء جسر للمشاة. فما كان من "العم موسى" إلا أن بحث عن مدرسة أخرى، كي يتابع رسالته الإنسانية، متنقلاً خلال العقود الثلاثة الماضية بين مواقع عدة لمساعدة الطلبة على عبور الشوارع، وسط دعم وزارة التربية له، خاصة حين قام بتشكيل وتدريب عدد من فرق الإرشاد المروري من طلبة وطالبات المدارس الأكبر سناً لمساعدة زملائهم على العبور الآمن.

لا يزال "العم موسى" يمارس أحب الأعمال إلى قلبه: مساعدة تلاميذ المدراس على عبور الشوارع إلى مدارسهم، شاعرين معه باطمئنان، ومن حين لآخر قد يهدونه "رسمة" أو يكتبون له رسالة شكر، حيث يحتفظ بعدد كبير من هذه التذكارات والرسائل الثمينة التي تذكره بنبل رسالته.

خلال العقود الثلاثة الماضية، تم بناء جسور مشاة عدة في عمّان بالقرب من مواقع المدارس، التي اشتغل فيه موسى الزويري، سعيداَ وهو يرى رسالته تؤدي غايتها وتؤتي ثمارها؛ فهذه الجسور لم تكن ربما لتُبنى إلا لأنه اختار أن يكون هو نفسه جسراً آمناً وسالماً للصغار، يحميهم من وحوش الطرقات المسرعة. اليوم، لا يزال العم موسى يقوم بمهمته التي نذر حياته لأجلها، مسجلاً بذلك ما قد يكون العمل التطوعي الفردي الأطول عمراً.

لا يخفي العم موسى سعادته واعتزازه بعمله، فخلال السنوات التي ساعد فيها التلاميذ على عبور الشوارع لم يقع حادث واحد أو يتعرض أي طفل للخطر، وهذا بحد ذاته فرق، فرق كبير لصالح الحياة.

القصة الثالثة:
أسسها مجموعة من الطلبة في جامعة مؤتة في الأردن
"عربكم".. مبادرة تطوعية تضم 100 شاب أردني للقيام بأعمال إنسانية وتطوعية


عظمة الفكرة، مهما كانت بساطتها، هي في نتائجها.. هذا ما تثبته مبادرة "عربكم" التطوعية التي أطلقها مجموعة من الشباب في جامعة مؤتة بمدينة الكرك في الأردن. صاحب الفكرة ومؤسس المبادرة هو الشاب ليث المجالي، مع عدد من رفاقه، حيث لم يكن ليتخيل أن فكرته، التي بدت عابرة للوهلة الأولى، يمكن أن تترك صدى كبيراً لدى زملائه في الجامعة، بل حتى إن العشرات منهم لم يترددوا في مشاركته فكرته الإنسانية، وهكذا كان.. انطلقت "عربكم" كمبادرة تطوعية شبابية تهدف إلى خدمة المجتمع المحلي من خلال تقديم خدمات وتبرعات ومساعدات إنسانية وأعمال تطوعية متنوعة.

تتألف المجموعة من 100 متطوع ومتطوعة معظمهم طلبة يدرسون في مختلف كليات جامعة مؤتة. شعار "عربكم" هو "العمل معاً لخدمة الآخرين دون مقابل". ومنذ انطلاق المبادرة قبل نحو عامين، باتت جزءاً من المشهد المجتمعي في مدينة الكرك، كما عرُفت بنشاطها الخدمي والتطوعي والتثقيفي في جامعة مؤتة من خلال العديد من الورش والدورات التدريبية التي تتناول آليات العمل التطوعي.

استطاعت "عربكم" أن تترك بصمة عبر مجموعة من الأنشطة والأعمال الإنسانية والخيرية الهادفة إلى نشر الأمل في مجتمعهم. من أحدث مبادرات المجموعة توزيع 500 طرد خيري في شهر رمضان، وتوزيع ملابس على أكثر من 1000 عائلة مستورة، وزراعة الأشجار لتجميل البيئة المحلية، وصيانة عدد من المباني والمرافق العامة، وزيارة المرضى في المستشفيات للاطمئنان عليهم والتخفيف عنهم، إلى جانب تنظيم العديد من الحملات الشبابية التوعوية لحثهم على التطوع والانخراط في العمل الإنساني وتوضيح المجالات المتاحة لخدمة مجتمعهم.

حتى اليوم، يبلغ عدد المنضوين في "عربكم" مئة متطوع ومتطوعة، ويوماً بعد آخر تكتسب المبادرة زخماً وانتشاراً، وسط إقبال عدد متزايد من الشباب المتحمس على أن يكون جزءاً من رسالتها.

"عربكم" مبادرة تطوعية غير ربحية تعمل بتمويل ذاتي.. أما الحلم فهو أن تكبر هذه المبادرة لتصبح مؤسسة، ذات برامج تطوعية شاملة، تقدم خدمات وبرامج مساعدات إنسانية شاملة، يستفيد منها المجتمع المحلي بصورة أكبر.. فالمتطوعون في "عربكم" يؤمنون أن الأمل يكون أجمل كلما شمل أكبر عدد من الناس.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً