العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ

أمام المنافسة الوافدة ... خطباء المنبر الحسيني يطالبون بجمعية مهنية!

«أحيوا أمرنا... رحم الله من أحيا أمرنا»

يجد خطيب المنبر الحسيني الملا علي الشجرة نفسه في مأزق، فالملا (الشجرة) الذي فقد بصره و احترف في منتصف الخمسينات من القرن الماضي الخطابة الحسينية يجد نفسه بعد أربعين عاما من ممارسته الخطابة أمام منافسة مستجدة عابرة لحدوده ومهددة لرزقه!

وما أشبه الليلة بالبارحة. فقبل العام 1981 واجه الملا «الشجرة» (على رغم جماهيريته التي تتعرض للتهديد حاليا) المأزق نفسه حين بدأت المآتم الحسينية الموسرة تتنافس في استقطاب مشاهير خطباء المنبر الحسيني من العراق وإيران لتستضيفهم في المناسبات الدينية الشيعية لقراءة المدح ومراثي الحسين وآل البيت (ع). آنذاك كان «الشجرة» في عزّ شبابه وكان قادرا على أن يحترف حرفة أخرى، غير أن المنافسة التي كابدها لم تستمر، إذ منعت الحكومة السماح لأي عالم دين أو خطيب عراقي أو إيراني أو لبناني بدخول البحرين من أجل إحياء المواسم الدينية. وعلى رغم أن السبب لذلك المنع كان سياسيا بعد اضطراب الأوضاع، فإن الفترة ما بين 1981 و2001 تعتبر بحق فترة ذهبية لخطباء المنبر الحسيني البحرينيين. فلقد ازداد الطلب عليهم وعلى الرواديد (الذين ينشدون في المواكب الحسينية) ما أدى إلى تطور الخبرات البحرينية بصورة سريعة لم تشهدها البلاد من قبل.

غير أن الوقت غير الوقت والزمان غير الزمان، فمع أجواء الانفتاح التي تعيشها البحرين ومع مناخ الديمقراطية والحريات التي دشنها (بوسلمان) شرعت المآتم الحسينية (نحو 500 مأتم له مبنى، من دون عدِّ مآتم المنازل والمساجد) في استجلاب خطباء الخارج. وفي مقابل مشاهير المشايخ الخطباء في السبعينات والثمانينات أمثال المقدسي (إيران) والوائلي (العراق)، برزت حاليا وجوه خطابية جديدة للمنبر والموكب الحسيني مثل باسم الكربلائي (العراق). تلك الوجوه الجديدة التي يكاد بعضها يأخذ أضواء النجومية من كتاب وأدباء وشعراء، عملت المآتم الكبرى والمتوسطة على استقطابهم واستضافتهم وكفالتهم بالكامل طيلة فترة إحياء المناسبات الدينية الشيعية غير متجاهلة مكافآتهم السخية مقارنة بالخطباء المحليين.

المحليون وجدوا أنفسهم في كساد يزداد يوما بعد يوم، وبريق النجومية ينسحب منهم لصالح الوافدين وأرزاقهم التي لا تتجاوز مكافأة ليلية أقلها عشرون دينارا وأكثرها 100 دينار بحسب نجوميته ومكانته وتمكنه من شد انتباه رواد المأتم، أمام ذلك التنافس لم يجد الخطباء المحليون (نحو 450 خطيبا) غير أن يتنادوا إلى التفاكر في تأسيس جمعية مهنية تحميهم من المنافسة الوافدة.

الخطباء يتدارسون فكرة الجمعية بجدية وهم بصدد رفع طلب الى الجهة المعنية، وهم لا يدرون إذا كانت الأوقاف الجعفرية ستتدخل في الأمر المعنية به وزارة العمل. وهناك خشية من رموز دينية كبيرة من تأسيس مثل هذه الجمعية لأنهم لا يودون أن تتدخل الاوقاف، أو الأسوأ من ذلك (في وجهة نظرهم) المجلس الأعلى للشئون للاسلامية، لأن الأخير لم يستطع النفاذ إلى المؤسسة الدينية الشعبية لاعتقادهم بأن إنشاءه كان مصاحبا لقانون أمن الدولة. في الوقت ذاته يسعى عدد من الخطباء إلى كتابة عريضة للسلطات المعنية تطالب بمنع أو على الأقل تقنين استضافة الخطباء الوافدين لحمايتهم من البطالة!

الملا الشجرة يجد نفسه مضطرا إلى دعوة زملائه من الداعين إلى تأسيس «جمعية الخطباء» للتضامن حتى لا يجد نفسه عاطلا عن العمل الذي احترفه أربعين عاما وبات لا يجيد صنعة غيره، وهو لايزال يصرّ على تطبيق وصية الإمام جعفر الصادق (ع) إذ يقول: «أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا»

العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً