العدد 5331 - الثلثاء 11 أبريل 2017م الموافق 14 رجب 1438هـ

التعليم في خليجنا... واقعه... البحرين مثالاً

عبدالجليل الشويخ

باحث ومستشار تربوي

من المعروف أنّ تطوّر الدول وتقدّمها مرتبط بتطوّر وتقدّم التعليم فيها، لذا، ولتحقيق رؤيتها 2030 «من الريادة إقليميا إلى المنافسة عالميا»، أقدمت البحرين سنة 2008 على إنشاء مجموعة من المشاريع لخدمة التعليم، منها مشروع تحسين أداء المدارس، وكلية المعلمين، وهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب والذي تمّ تغيير اسمها حديثا إلى هيئة جودة التعليم والتدريب (BQA) .

بدورها، بدأت وزارة التربية والتعليم جهودها التطويرية من خلال إعداد رؤية منبثقة من رؤية البحرين 2030 هي: «السعي لتحقيق تطوير نوعي لنظام تعليمي يمتاز بالجودة بما يحقق التميز والإتقان والإبداع، منبثقا من ثوابت وقيم الدين الإسلامي الحنيف، والتفاعل الإنساني والحضاري، والانتماء العربي لمملكة البحرين ودستورها، بما يحقق متطلبات التنمية المستدامة المنسجمة مع المستويات العالمية» (المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم).

منذ 2008 حتى اليوم، ما الذي تحقّق من هاتين الرؤيتين؟

للإجابة عن هذا السؤال، لجأتُ لدراسةٍ من مصدرين: الأول هو زيارات المراجعة التي تقوم بها الـ (BQA) للمدارس الحكومية، واقتصرت الدراسة على الدورتين: الأولى (سبتمبر/ أيلول2008 – يناير/ كانون الثاني2011)، والثانية (سبتمبر2011 – ديسمبر/كانون الاول2014) ، وأهملتُ الدورة الثالثة (أبريل/ نيسان2015 – الآن) بسبب توافر 78 تقريرا فقط من أصل 205 مدارس.

في الدورة الأولى كانت نتائج هذه الزيارات: 3.8 في المئة مدارس ممتازة و29.9 في المئة مدارس جيدة و46.2 في المئة مدارس مرضية و20.1 في المئة هي نسبة المدارس غير الملائمة. إمّا في الدورة الثانية، فقد حققت 6.9 في المئة من المدارس تقديرا ممتازا، 22.5 في المئة جيدا، 43.6 في المئة مرضيا، 27.0 في المئة غير ملائم.

بالنظر إلى النتائج، نلاحظ زيادة عدد المدارس الممتازة في الدورة الثانية عنه في الأولى بنسبة 3.1 في المئة، بينما يوجد انخفاض كبير في نسبة المدارس الجيدة يبلغ 7.4 في المئة، وانخفاض بنسبة 3.4 في المئة في المدارس المرضية، قابله ارتفاع كبير جدا في نسبة المدارس غير الملائمة بلغ 6.9 في المئة.

نسبة المدارس غير الملائمة في الدورة الثانية بلغ 27.0 في المئة، هذه النسبة تساوي ما يقارب 55 مدرسة، وإذا افترضنا أنّ عدد الطلبة في كلّ مدرسة 300 طالب، وهو أكبر من هذا العدد بكثير، فهذا يعني أنّ هناك 16500 طالب قد حصل على تعليم غير ملائم!

المصدر الثاني للدراسة هو الموقع الإلكتروني لمركز الدراسات الدولية (TIMSS & PIRLS) الذي يقع في كلية بوسطن الأميركية، والذي يُجري تقييمات دولية منتظمة (كل 4 سنوات) عن تحصيل الطلبة في الرياضيات والعلوم (TIMSS) والقراءة (PIRLS) في أكثر من 60 دولة. هذا المركز يعمل لمصلحة المنظمة الدولية لتقييم الإنجاز التعليمي (IEA)، وهي منظّمة مستقلّة مقرّها مدينة أمستردام بهولندا.

في 2015، حصلت البحرين 451 درجة في نتيجة امتحان التيمس لرياضيات الصف الرابع و454 درجة في نتيجة امتحانها في الرياضيات للصف الثامن (الثاني الإعدادي)، بينما كانت درجات الدولة التي حققت المركز الأول 618 و621، على الترتيب. أمّا بالنسبة لدرجة امتحان العلوم، فكانت 459 للصف الرابع و 466 للصف الثامن، بينما درجات المركز الأول هي 590 و597.

لقد حققت البحرين تقدّما في درجاتها 2015 عنها في 2011، إلاّ أنّ المركز العالمي الذي حققته البحرين مقارنة بعدد الدول المشاركة ليس في المستوى المرضي، حيث كان ترتيبها في الرياضيات للصف الرابع 40 من 49 دولة مشاركة، وكان ترتيبها في الصف الثامن 25 من 39 دولة مشاركة. وترتيبها العالمي في مادة العلوم كان 38 من 47 في الصف الرابع و25 من 39 في الصف الثامن. كما أنّ ما حققته من درجات لا يزال أقلّ من المتوسط العالمي المحدّد لامتحانات التيمس (500 درجة).

لإدراكها بالمشكلة التي يمرّ بها التعليم في البحرين، لجأت وزارة التربية والتعليم لتدريب الطلبة المعنيين على امتحانات التيمس، رغبةً منها في تحقيق نتائج جيدة، وها هي تلجأ لنفس الإجراء من خلال تشكيلها لجانا لتدريب الطلبة على الامتحانات الوطنية. هذا الإجراء يعتبر جيدا كحلّ مؤقت، مع أنّه من المفترض أن لا تحتاجه الوزارة. لماذا؟ لأنّه من المفترض أن يكون الطلبة مدرّبين في المناهج والكتب الدراسية على أسئلة ومشكلات بمستوى امتحانات التيمس والامتحانات الوطنية أو أعلى منها. من المفترض أن يمارس الطلبة أنشطة صفّية على غرار هذه الأسئلة والمشكلات بل أصعب منها.

بعد ما يقارب العشر سنوات من تدشين رؤية البحرين 2030، نجد أنفسنا نسير في طرق متراجعة أو على الأقلّ لنقل غير مستقيمة نحو تحقيق هذه الرؤية. إنّ الواقع التعليمي في البحرين ومثله بالتأكيد -إن لم يكن أشدّ ألما- في الخليج العربي، بحاجة إلى وقفة تأمّلية وجهود مشتركة للارتقاء بالمستوى التعليمي، لنتمكّنَ من تخريج أجيال واعية قادرة على بناء وطن متين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل الشويخ"

العدد 5331 - الثلثاء 11 أبريل 2017م الموافق 14 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:05 م

      الله المعين

    • زائر 1 | 12:09 ص

      يعني ذلك أن وزارة التربية والتعليم غير قادرة على تحقيق رؤية 2030 ، بعد 9 سنوات من تدشينها ، في هذا الحال المتراجع في التعليم ألا يستوجب من الجهات المعنية في البلاد النظر إلى هذه المسألة بجدية ومعالجة هذا الخلل الذي يؤثر على مستقبل البحرين بصورة مباشرة

اقرأ ايضاً