العدد 87 - الأحد 01 ديسمبر 2002م الموافق 26 رمضان 1423هـ

قضية عادل فليفل مثالا

التغطية الصحافية في أجواء الانفتاح:

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الصحافة المسئولة والمستقلة لها دور كبير في الحياة السياسية لأي بلد كان، والتغطية الصحافية تكتسب أهميتها بقدر ما يؤمن المجتمع باستقلاليتها وصدقيتها. والصحافة بقدر ما هي ازعاج في بعض الأحيان للجهات التنفيذية الرسمية وللقوى الاجتماعية، فهي أيضا عون ومساعدة لهم في أوقات الحاجة. في وقت الحاجة فإن الحكومات تتمنى وجود صحافة مستقلة تستطيع إيصال رأيها إلى الشعب الذي قد تكون لديه شكوك تعرقل برامجها. وكثير من الأخبار والتقارير التي توردها الصحافة غير المستقلة صحيحة ولكن ليس لها أثر يذكر، ولذلك فإن مجتمعاتنا تنتظر ان يذكر الخبر في الإذاعة أو في الصحافة الأجنبية قبل ان تصدقه أو تعتمده.

وعندما شرع مؤسسو «الوسط» في مشروعهم كان هدفهم الأساسي هو استعادة الصدقية وفتح أبواب الثقة بين مختلف الأطراف في الدولة والمجتمع من دون الحاجة إلى اللجوء إلى الإذاعة والصحافة الأجنبية. فإذا كان هناك خبر مهم عن البحرين فسيكون هذا الخبر وتحليل الخبر في الصحافة المحلية المستقلة. ومؤشر نجاح أو فشل تحقيق هذا الهدف ستكون الأخبار الحرجة التي تمر بها البحرين. فهل يعقل ألا تتم تغطية حدث مهم تتحدث عنه الصحافة العربية الصادرة في لندن ولا تتحدث عنه الصحافة البحرينية الصادرة من موقع الخبر؟ وهل يعقل ان تقف الفئات التي ساندت المشروع الإصلاحي مكتوفة الأيدي بحيث يكون عدمها ووجودها لا يعني شيئا بالنسبة إلى ما يجري في البحرين؟ وهل من الممكن ان يقبل المرء العودة إلى الماضي بمجرد الاصطدام بقضية حساسة مثل قضية العقيد عادل فليفل.

إننا مع الطلب الرسمي الصادر عن جهاز الأمن الوطني بعدم «الاجتهاد» في أخبار العقيد فليفل، ولكن من حقنا ان نغطي الخبر بصورة عقلانية وعادلة من دون ادخال عناصر أخرى في الموضوع منعا للتشعب ومنعا لضياع الهدف المحدد من التغطية المتمثل في إبراز معلم مهم من معالم الظلم الذي كان يمر به شعب البحرين أيام قانون أمن الدولة للتأكد من عدم تكراره في المستقبل.

وبما ان قضية عادل فليفل تصاحبها كثير من التعقيدات والتشعبات فإن الصحف البحرينية الثلاث أبدت استعدادها الضمني لحصر الموضوع في دائرة محددة، وهذا التوجه ساعد على إبراز أمور كثيرة يود شعب البحرين معالجتها من أجل صلاح المستقبل وليس من أجل الانتقام للماضي. والصحافة - كما أشرنا - مزعجة ولكنها منقذة أيضا. فكما اشرنا فأن كثير من الدول المتقدمة تلجأ إلى الصحافة لمساعدتها في أوقات الطوارئ، لعلمها بأن الشعب الذي ينظر باحترام للصحافة المستقلة أيضا مستعد لقبول كلامها في الأوقات الحرجة.

الإدارة الأميركية تعتمد على الصحافة المملوكة بالكامل للقطاع الخاص في الحصول على القبول الشعبي لسياساتها. والحديث هنا ليس ما يخص قضية الشرق الأوسط، لأن هذه القضية تبنت حملها المؤسسات الكبرى واللوبي اليهودي لاستلاب خيراتنا واخضاعنا، ولكن الحديث يخص الشأن الداخلي، إذ تتعادل المصالح الأميركية داخل المجتمع، وحتى اليهود ليست لهم تلك السيطرة على الشئون المحلية. ومثال ذلك ما حدث في فبراير/ شباط 1993 عندما اكتشفت السلطات الأميركية وجود مذهب مسيحي جديد (الداووديون) ومركزه كان في منطقة «وايكو»، وان زعيم هذا المذهب مسلح وينام مع جميع نساء المذهب وله أبناء من الأم وبنت الأم وله ممارسات شاذة لا يقبلها الذوق الإنساني وان هناك اتباعا له في أميركا وأوروبا وان مئات من الناس مستعدون ان يفدوه حتى آخر لحظة من حياتهم. وكان رد السلطات الفيدرالية على هذا المذهب متوحشا استخدمت خلاله الأسلحة الثقيلة بما في ذلك الدبابات وتم قتل اعداد من أصحاب هذا المذهب واقتحام مركزهم وتم التعامل معهم بقسوة متناهية. ولكن الشعب الأميركي وقف مع السلطات على رغم وحشية وقساوة الأساليب التي استخدمت، والسبب في ذلك ان كل أنواع الصحافة الأميركية أبرزت الجانب البشع لمذهب «الداووديون» وكيف يتصرف زعيم ذلك المذهب الجديد باتباعه.

ولم تحصل السلطات على أية مشكلة فيما مارسته، على رغم انه في حالات أخرى تنتفض مدن وولايات كبرى لأن شرطيا ضرب أحد المواطنين بسبب مخالفة مرورية!

هذه بعض معالم الصحافة وأثرها وكيف تزعج وتساعد السلطات التنفيذية، ونأمل الاستفادة من أفضل التجارب دون العودة إلى الماضي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 87 - الأحد 01 ديسمبر 2002م الموافق 26 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً