العدد 5367 - الأربعاء 17 مايو 2017م الموافق 21 شعبان 1438هـ

العاملة المنكوبة

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

استلم المواطن عاملة المنزل الآسيوية من مكتب الأيدي العاملة بعد انتظار دام شهرين، كانت الشروط التي طلبها عند الاختيار هي أن تكون مسلمة، متوسطة العمر، لا كبيرة في السن يرهقها العمل، ولا صغيرة تميل إلى الطيش أو الهرب لاحقاً، استعانوا بالصور ويبدو أن الصور تخفي أكثر ما تعلن، بعد شهرين اكتشف المواطن أن العاملة مصابة بمرض مزمن، اشتكى لدى المكتب فتبين له أن المكاتب ذاتها تتعرض للغش في شهادات الصحة والخلو من المرض، فكر في الأمر ووجد أن الحل الأمثل هو التخلص منها بسرعة واسترداد بعض أمواله التي أنفقها، نشر إعلاناً وعممه على مجموعات التواصل الاجتماعي، بدت صفقة مغرية لآخرين، عاملة منزل مدربة وبسعر أقل من المكاتب، تلقاها مواطن آخر دون أن يعلم بعلتها، حين تكشفت العلة كان قد مضى على وجودها أكثر من 3 أشهر، وبالتالي سقط حقه في المطالبة باستبدالها أو الشكوى على المواطن الذي خدعه، فكر في الأمر إذا أعادها إلى بلدها فسيخسر وسيدفع الكثير من تكاليف السفر والحقوق المستحقة لها مع استيراد أخرى جديدة، تصبر عليها إيماناً منه بحقوق الإنسان، وخصوصاً إذا كان هذا الإنسان امرأة ضعيفة وفقيرة ومغتربة، زادت حالتها سوءاً، تكفلت وزارة الصحة بجزء من علاجها المجاني وتحمل هو الجزء الخاص به، ارتفعت الرسوم الصحية وصار الدواء من مسئولية المريض الأجنبي، بعد عام من الشقاء والتعب والتكاليف مع العاملة المريضة، استيقظ على وقع خطوات من غرفته، إنها عاملة المنزل بين الحياة والموت، نقلت على وجه السرعة عبر الإسعاف إلى المستشفى المركزي السلمانية، وهنا وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن يعالجها على نفقته الخاصة أو يرسلها إلى بلدها، انقسمت العائلة حيال التعاطي مع الحالة بين من يرى التخلص من العاملة بسرعة وعدم تحمل مسئولية ما قد يترتب عليه الأمر في حال موتها ونقل جثمانها الذي يكلف ما لا يقل عن ألف دينار أو التصبر على علاجها من باب الرأفة والرحمة والإنسانية.

حين تصل عاملة منزل إلى قسم الطوارئ فإن كثير من العاملين والممرضين والأطباء ينظرون بريبة إلى الأسرة، ويحملونها جزءاً كبيراً مما يقع على عاملات المنزل من سوء معاملة، فضعف التغذية والإنهاك وحتى الاكتئاب يُفسر على أنه ضنك ونقص تغذية وبطش وضرب وإذلال وحرمان من حقوقها كإنسانة وكعاملة، وكثير من العاملات اليوم يتواصلن مع سفارة بلدهن ومع المنظمات المعنية بحقوق الوافدين في حال جرى انتهاك لحقوقهن، بعد أن نما لديهن الوعي بهذه الحقوق، لقد نجا المواطن من كل تلك الإشكالات والمساءلات لأن عاملة المنزل كانت مريضة قبل قدومها إلى البلد، وكانت تعلم بمرضها وزورت شهادتها الصحية وغامرت بالسفر بحثاً عن مورد رزق في الغربة، وخُدع المواطن حين استلمها بعلتها من مواطن آخر، وهكذا جرت الأمور، خدعة واحدة أو كذبة واحدة أو فساد واحد جر إلى سلسلة من الأزمات المتلاحقة، انتهت إلى نهاية حزينة، حين توفيت العاملة بعد أسبوع من عودتها من المشفى متأثرة بمرضها المزمن، برز السؤال: على من تقع المسئولية في هذه الحالة أو حالات أخرى أقل وطأة؟ ذلك سؤال نواجهه دوماً مع عاملات المنازل في بيوتنا، حين قررنا إدمان الاعتماد على المربيات وعاملات المنزل وتحمل أعباءهن ومشاكلهن وتكاليفهن المتعاظمة يوماً بعد يوم دون التفكير في مراجعة النهج الذي سرنا عليه، وللحديث صلة ...

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 5367 - الأربعاء 17 مايو 2017م الموافق 21 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:37 ص

      لا حول ولا قوة الا بالله

    • زائر 1 | 10:29 ص

      اختي العزيزه نحن الامهات في سن التقاعد اقصد التقاعد حتى عن اشغال المنزليه لان عدم تقبل نفسياتنا وصحتنا كالم المفاصل والرومتيزم لاشغال البيت يتحتم علينا جلبهم خاصه الاولاد الله يحفظهم يعتمدون علينا في كل صغيره وكبيره

    • زائر 3 زائر 1 | 6:01 م

      صحيح اختي اني موظفة اشتغل إلى ٥.٣٠ مساء ولما ارجع البيت اذا ما اشتغل يوم يعفن البيت ، وحياتي أصبحت عمل خارج المنزل وداخله ما ارتاح ابد ، مع العلم انه ما عندي أطفال بس دوم تعبانة

اقرأ ايضاً