العدد 5377 - السبت 27 مايو 2017م الموافق 01 رمضان 1438هـ

متطوعون: العمل الخيري من المظاهر السليمة التي لا تعترف بالفروقات الاجتماعية أو الاختلافات المجتمعية

أكدوا على آثار العمل التطوعي: يقودنا دائماً نحو الأهداف الإنسانية ويصقل شخصياتنا

قبل أن يحدد الإنسان انتماءه إلى إحدى الديانات أو الأحزاب وحتى الطائفة، يعود بفطرته التي خلقها الله عليه، وهي حب مساعدة الغير وتقديم يد العون للغير، بعيداً أن كانت تلك الأطراف من ضمن جماعة ينتمي إليها أو على العكس من ذلك. فالعمل التطوعي يأخذنا دائماً نحو المآخذ الإنسانية، التي لا تعترف بالفروقات الاجتماعية أو الاختلافات المجتمعية.

ويعد العمل التطوعي ظاهرة إيجابية، ونشاطاً إنسانياً مهماً، ومن أحد المظاهر الاجتماعية السليمة؛ فهو سلوك حضاري حثنا عليه ديننا الإسلامي في أحاديث وآيات كثيرة، منها: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).

من خلال هذا التحقيق التقينا مع عدد من المتطوعين، والذين بدورهم أكدوا على أثر النشاط الاجتماعي في صقل شخصياتهم.

تحدث علي السباع (25 عاماً)، عن تجربته قائلاً: «يدفعني حبّ البذل والعطاء للأعمال التطوعية، وقد شاركت في مساجد ومؤسسات منطقتي الاجتماعية، إضافة لجمعية اقرأ لعلوم القرآن وجمعية المهندسين في لجان الأنشطة والمؤتمرات أيضاً للتجمعات الفنية الشبابية والثقافية».

وتابع «شاركت سابقاً في أنشطة المؤسسة العامة للشباب والرياضة، كتنظيم نسخ يوم البحرين الرياضي وفي جمعية مدينة عيسى الخيرية وهيئة الثقافة والكثير من ذلك». وواصل «قد لا أكون منصفا في طرح وجهة من حولي فبعضهم يرى ذلك استنزافا لطاقتي... في حين البعض الاخر يشجعني باستمرار».

وأضاف «أني أرى في العمل التطوعي وسيلة للتعلم وطريق لأن يصبح الانسان مثالاً معطاء». وأن من الصعوبات التي قد تواجهه أحياناً تعتمد على حسب النشاط أو العمل التطوعي نفسه، ولكن غالباً هي جدولة الوقت وعدم ملاقاة تشجيع من الآخرين للمواصلة في العمل.

أداء الواجب

بدأ سيدمرتضى عيسى الكامل (21 عاماً) حديثه عن بدايته في العمل التطوعي إذ قال: «بدأت منذ حوالي سنة عملي التطوعي مع فريق نبضة حياة الإسعافي، وذلك بعد أن دعاني أحد معارفي وكنت متحمساً للعمل، واستمررت من ذلك اليوم حتى يومنا هذا وأنا أشارك في الفعاليات واقوم بفحص الناس وأشعر بالنشاط لأداء الواجب». كما أضاف «الطاقة الإيجابية التي أشعر بها عند التطوع تدفعني للاستمرار في العمل وخصوصاً لأنه في جانب دراستي، ألا وهو التمريض».

وذكر بأن من المواقف التي تعرض لها ولا تُنسى «في إحدى المرات فحصت الضغط لأحد الأشخاص وكان مرتفعاً، فسألني عن كيف يتصرف، فأعطيته بعض النصائح، ففرح كثيراً وشكرني ووعدني بأنه سينفذها مباشرة، هنا تشعر بحلاوة العمل عندما تشعر بأنك تنقذ الأشخاص من الإصابة بأمراض قد لا يضعونها في الحسبان».

التطوع أسلوب حياة

وروى حسن علي آل طوق (21 عاماً)، قصته في العمل التطوعي وقال: «رحلتي بدأت منذ 3 سنوات عندما أسست المجتمع الطلابي الالكتروني لطلبة بوليتكنك البحرين (PolyStudents)، عملت وقتها على الإجابة على استفسارات الطلبة وغير الطلبة ودعم مواهبهم ونقل جديد الأخبار لهم. تبعها دخولي مجلس الطلبة، عملت خلال سنتين فيه كرئيس لجنة الثقافة والفنون، ثم رئيس المجلس، على حل مشاكل الطلبة وتنظيم الفعاليات التي تخدمهم وتخدم المجتمع ككل، والحمدلله كانت رحلة ناجحة».

وأضاف «أنا أؤمن بمقولة (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)، العمل التطوعي بالنسبة لي أسلوب حياة والتطوع هو ما ينهض بالأفراد والوطن، وما دمت أستطيع العطاء، فهذا حق عليّ للوطن وساكنيه، لذلك أتطوع».

وفي السياق ذاته، تكلم عن مبادرة «أرض الفردوس والخلود» التي قام بها مع مجلس الطلبة في إحدى الفعاليات التي كانت تحمل فكرته، حيث قاموا بجمع مليون بذرة وتوزيعها على مختلف الأراضي في البحرين، حيث أكدت هذه الفعالية له إيمانه بفكرة كل شيء يتحقق بالعمل الجماعي ولا شيء مستحيل. وأن التطوع هو أخذ كما هو عطاء.

عراقيل جديدة

وتحدثت فاطمة الماجد (20 عاماً)، حول تجربتها في العمل التطوعي مشيرة إلى أنها بدأت المشاركة في الأعمال التطوعية منذ أن كانت في صف الثالث الإعدادي، وكانت دائماً ما تكون أصغر مشارك. كما أنها ذكرت العديد من المبادرات التي ساهمت فيها مثل «جمعية ملتقى الشباب البحريني، مبادرة نسيم، جمعية شجرة الحياة، تاء الشباب، فريق شاركنا الابتسامة وإنجاز وإلخ...»

وبينت الماجد بأن «هناك عراقيل جديدة ظهرت في الآونة قد تحول بين الشباب والعمل التطوعي، مثل أن بعض المؤسسات التطوعية بدأت تفرض رسوما أو تضع اختباراً يجب أن تجتازه للدخول في المؤسسة، وهذا قد يزعج البعض؛ لأن الطالب رغم أنه يعاني من ضيق الوقت والضغط بسبب الدراسة، إلا أنه يحاول أن يبذل جهدا ويبحث عن الوقت لتقديم الخدمة ومد يد العون، فهذه المؤسسات بأسلوبها هذا تزيد العبء والثقل وتنفر الطالب من العمل التطوعي».

وأشارت رئيسة فريق نبضة حياة الإسعافي ابتسام علي، إلى أن «هناك اقبالا كبيرا من الطلبة على الفريق سواء من طلاب الجامعات أو المدارس، حيث تشكل نسبة الطلاب المشاركين 60 في المئة من الأعضاء».

وأوضحت بأن «الطلبة عندما يرون زملاءهم في فعاليات الفريق يتشجعون ويطلبون الانضمام، وفي السياق ذاته بيّنت بأن سبب اقبالهم الكبير هو الرغبة في إثبات الذات من خلال خدمة المجتمع والناس، والشعور بالرضا تجاه العطاء للوطن».

آثار إيجابية على الفرد والمجتمع

أكد المرشد الاجتماعي محمد هلال، بأن المؤسسات التعليمية مطالبة ببند وهو إنشاء القيادات في المجتمع، أو التنمية الشخصية ويتحقق ذلك عن طريق تكوين جماعات طلابية تقوم بأعمال تطوعية في المؤسسة لغرس قيم التعاون والعطاء في نفوس الطلبة.

وأضاف بأن «العمل التطوعي يعود بآثار كثيرة على المجتمع، ومنها: تخفيف نسبة المشاكل السلوكية لأن الطاقات الشبابية تصرف في أعمال خيرية مفيدة وتحقق بذلك نمو وسمو ورفعة المجتمع والبلد بدلاً من قضاء وقت الفراغ بلا فائدة وأهمية، فهو يُعطى الأهمية والعمل التطوعي فترى الابداع في العمل والإنسانية والنجاح الأكيد، لان الفراغ دائماً يؤدي إلى المشكلات».

كذلك للعمل التطوعي آثار إيجابية تعود على الفرد نفسه، تمس شخصيته وسمعته ومعرفته، فعلى مستوى الشخصية يؤدي العمل التطوعي إلى زيادة الثقة بالنفس عندما يرى الفرد نتائج عمله في المجتمع ويرى بأنه محمّل بمسئوليات كبيرة قادر على أدائها، وأما على مستوى السمعة فالإنسان عندما يمارس الأعمال التطوعية في مختلف المؤسسات في المجتمع المدني فهو يكسب معارف كثيرة ويكون صداقات وعلاقات جديدة، وبالتالي يكون معروفا بالخير والعطاء، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمستوى الأخير وهو المعرفة، فهو من خلال حركته في المجتمع المدني يختلط بكبار المسئولين ومدراء وأشخاص في مناصب عالية، وبالتالي يتقمص منهم ويأخذ من خبرتهم، وأيضاً تزيد نسبة اطلاعه وإدراكه، فبالتالي ترتفع لديه الخبرة التراكمية.

سيدمرتضى الكامل في إحدى فعاليات فريق نبضة حياة الإسعافي
سيدمرتضى الكامل في إحدى فعاليات فريق نبضة حياة الإسعافي

العدد 5377 - السبت 27 مايو 2017م الموافق 01 رمضان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً