العدد 101 - الأحد 15 ديسمبر 2002م الموافق 10 شوال 1423هـ

المصلحة العامة أولا وأخيرا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المصلحة العامة هي كل سياسة أو هدف يهم كل مواطن بغض النظر عن اي اعتبارات اخرى تتعلق بالثروة أو الجاه أو المنصب. وكل واحد منا له مصالح خاصة به ومصالح يشترك بها مع الآخرين، والمفترض من كل واحد منا ألا يتصرف بالمصالح التي يشترك بها مع الآخرين من دون رخصة منهم، كما ان المفترض ألا يقدم مصلحته الخاصة على المصلحة العامة.

وعلى هذا الاساس تشرع القوانين في كل بلاد العالم المتقدمة لحماية المصلحة العامة. فقد تكون من مصلحة تاجر ما يقيم مصنعا لانتاج سلعة استهلاكية ألّا يعطي اعتبارا لقضايا البيئة، لأن الاهتمام بالبيئة قد يكلفه المال وقد يقلل ارباحه. إلا ان القانون يفرض عليه الاهتمام بالبيئة من اجل حماية المصلحة العامة. والمستثمر لا يجد ضيرا في ذلك مادام القانون سيطبق على الجميع، كما لا يستطيع هذا المستثمر استغلال الدول الاخرى لأن قوانين حماية البيئة أصبحت عالمية وهناك من الوكالات والمنظمات الدولية مَنْ يتابع قضايا التلوث، وبالتالي فبالامكان رفع دعوى ضد أو مقاطعة منتجات هذه الشركة أو تلك. ولذلك فإن كثيرا من الشركات الكبرى في الدول الاوروبية تكتب على منتجاتها انها انتجت سلعها بوسائل غير معادية وغير ضارة بالبيئة.

وكذلك الحال بالنسبة إلى قضايا اخرى تتعلق بالمصالح العامة لجميع الناس. جرائم الفساد الاداري (مثلا) تهلك الحرث والنسل ولا يمكن لأي بلد مهما كان ثريا ان يتطور إلا اذا تم القضاء على معظم مصادر الفساد الاداري. وهناك دول غنية (مثل نيجيريا) أصبحت على حافة الفقر بسبب الفساد المستشري في كل الدوائر العامة. والحديث عن الاصلاحات لا محل له إلا اذا قضي على هذه البؤر الفاسدة. فالبؤر الفاسدة تمتص خيرات البلاد تماما كما تمتص الثقوب السوداء في الفضاء الكوني كل شيء يمر امامها ويختفي ذلك الشيء إلى ما لا نهاية.

كيف ستتمكن الحكومة من طرح موازنة وتخصص اجزاء منها لتنمية هذا القطاع أو ذاك اذا لم تطمئن على مالية الدولة من الاختفاء في جيوب الفساد والمفسدين؟ وكيف سيتمكن البرلمان من القيام بدوره اذا كان المفسد خارج اطار القانون لأنه متنفذ أو لأن لديه اتصالات تخرجه من ورطته؟

هذه الاسئلة وغيرها هي المحك الاساسي للعمل الوطني المقبل. فما فائدة الديمقراطية وحرية التعبير اذا لم نتمكن مجتمعا ودولة من الوقوف امام المفسدين مهما كان هؤلاء؟ والحديث الذي يدور بين الناس هو ان المفسد إذا كان من اصحاب النفوذ فإن العقاب لن يطوله لأن لديه اكثر من وسيلة للتخلص من المشكلة. أما اذا كان ممن كتبت لهم التعاسة في الحظ وليس له نفوذ فإن فساده الصغير ستتم ملاحقته قانونيا. هذه الادعاءات لها شواهدها المستمرة في قضايا الفساد التي اعلنت في وزارات ودوائر وشركات على مر السنين وحتى وقتنا الحاضر.والقانون كي يصبح سيدا يحتاج إلى المشرع الذي يشعر بالاحترام داخل نفسه، ويحتاج إلى القاضي الذي يفرض احترامه على الآخرين، حتى كبار المسئولين والوزراء، لأن لديه سلطة القضاء. المشرع والقاضي ليس من واجبهما الانحناء امام أو الخوف من الوزير أو المتنفذ، واذا كان كذلك فعدم وجودهم أفضل.

في الولايات المتحدة يفرض حتى على الرئيس الانحناء امام القضاء، وفي بريطانيا يعين رئيس الوزراء قاضي القضاة (رئيس السلطة القضائية) ولكن المعاش الذي يتسلمه رئيس القضاء اكبر من معاش رئيس الوزراء. وفي سنغافورة تصرف معاشات عالية لموظفي الدولة ولكن اي موظف دولة مهما كان كبيرا يثبت انه تسلم رشوة واحدة يعاقبونه بشدة ويشهرون به ليكون عبرة لغيره. وهذا ما نطالب به في البحرين. نطالب بسيادة القانون العادل على الجميع من دون استثناء. فالناس «سواسية كأسنان المشط» ونحن اتباع محمد بن عبدالله (ص) أشرف الخلق، وغيرنا أخذ ببعض ما كان يقوله سيد البشر ووصل ببلده عاليا ... فحري بنا ان نثبت للجميع ان القانون - في عهد الاصلاح - سيطبق على الجميع، وانه لا يوجد أحد فوق القانون وان هذا القانون سيمثل ارادة الامة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 101 - الأحد 15 ديسمبر 2002م الموافق 10 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً