العدد 111 - الأربعاء 25 ديسمبر 2002م الموافق 20 شوال 1423هـ

الكتابة على الجدران

الكتابة على الجدران ما هي إلا وسيلة إعلامية للتعبير عن الرأي. وهذه الوسيلة منتشرة في فلسطين، لأنها تعيش صراعا سياسيا وفكريا وثقافيا، إذ تواجه الاستعمار الصهيوني منذ وعد بلفور. وكان أول من استخدم هذه الوسيلة الكاريكاتير الفلسطيني «ناجي العلي» برسم الطفل حنظلة على جدران المخيم، وتطورت مع الانتفاضة الأولى العام 1987، لكن مع قدوم السلطة الوطنية غلب عليها الطابع الاجتماعي، فتحولت إلى لوحة تهنئة للعروسين أو ضيوف الرحمن. وسعت السلطة الفلسطينية إلى إزالة ومحو آثارها، لكنها سرعان ما هبت وبالقوة والإقبال نفسيهما من القراء مع اندلاع انتفاضة الأقصى.

ولكن هل تعتبر هذه الوسيلة الإعلامية وسيلة حضارية؟ يجب عدم المقارنة بفلسطين فهي تمر بأزمات سياسية لا نعيشها نحن في أي دولة أخرى وبالأحرى في مملكتنا البحرين. فكيف نرى في كل يوم وفي الكثير من المناطق العبارات السياسية أو العبارات الناصحة، وقد ملئت بها الجدران مشوهة الوجه الحضاري والبلدي لكل المناطق؟ علماء الدين يمنعون استخدام هذه الوسيلة من الناحية الدينية، إذ لا يجوز الكتابة على جدار منزل من دون رضا صاحبه. ولكن إذا كان صاحب المنزل راضيا بالكتابة على جدار منزله، فهل نشرع متسابقين للكتابة وطرح الرأي العام أو الخاص؟ نحن في مرحلة توفر لنا الحكومة فيها مساحات كبيرة للطرح السياسي والاجتماعي والنقد والطرح الشخصي وتقديم النصح والتذكير بعذاب الله ورحمته جلت قدرته، كما نستطيع طرح أية قضية أو رأي في مجالسنا ومحافلنا الإسلامية. فلماذا نصر على استخدام هذه الوسيلة متجاهلين ان هذا يعتبر تشويها للمنظر الحضاري لكل منزل أو قرية أو مدينة؟ هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي لا تخضع لمقص الرقيب أو لقانون المطبوعات أو لسياسة إعلامية محددة، وتمتاز بحرية النشر والتعبير وسرعة الانتشار ولكنها تخضع لقانون البلديات والسياحة وللفتاوى الإسلامية. فكيف نكون أكثر التزاما وانتظاما في حياتنا العامة باعتبارنا مواطنين نسعى إلى رقي المملكة وتطوريها ورفع شأنها ونحن لا نحترم ولا نطبق قوانينها؟ وكيف نسمو باعتبارنا مسلمين ونتجاهل فتاوى فقهاء الإسلام التي وُضعت لكي نسمو؟

أحمد الدفاري

العدد 111 - الأربعاء 25 ديسمبر 2002م الموافق 20 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً