العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ

الأطفال في رمضان يدخلون عالم الكبار من دون رقيب

في زحمة البرامج والمسلسلات المنتجة خصيصا لشهر رمضان تضيع حصة الأطفال، عندما يجبرون على دخول عالم الكبار في سن مبكرة، أو لنقل يسايرون الكبار في خياراتهم. وكالعادة فإن الحديث عن الأطفال في شهر رمضان يقارن بما كان للأطفال من أدوار وبرامج تلقائية يستمتعون بها، فحكاية الفانوس أو المصباح اليدوي والألعاب الخاصة بليالي رمضان كانت تضع الأطفال في عالمهم الخاص بهم، فهم الذين يشكلون ويضعون قوانينهم الخاصة، وما على الكبار سوى المراقبة من أجل الحماية والتدخل في حال استدعى الأمر.

العادات والتقاليد ووسائل الترفيه كانت مختلفة بين كلا العالمين، فالكبار كانت لديهم برامجهم الخاصة لا يحبذون أن يوجد فيها الأطفال، وللأطفال مساحتهم الخاصة لممارسة ألعاب وأنشطة تقربهم من الأجواء الرمضانية التي يعيشها أهاليهم. وعلى رغم تفرد كل حيز بخصوصياته، فإن شهر رمضان كان يضع مساحة مشتركة بين الجميع كبارا وصغارا تبدأ من تدريب الأطفال على الصيام واصطحابهم إلى بعض المجالس، ولا تنتهي بمحاولة إيصال المغزى والهدف من الصيام.

إلا أنه مع انتشار الفضائيات والاهتمام الكبير بإنتاج برامج ومسلسلات ضخمة يتطلب بعضها العمل لأكثر من عامين، اختلف عالم الأطفال وضاع في زحمة المقدم للمشاهد الأكبر سنا، ولم يعد لهم عالهم الخاص بهم، فهم مشدودون إلى شاشة التلفاز حالهم حال الجميع، حتى أن شركات الإعلانات بدأت بطباعة صور أبطال بعض المسلسلات الناجحة في رمضان على ثياب الأطفال لجذبهم أكثر.

نظرة خاطفة على برامج رمضان لأكثر من عام تعطينا انطباعا عاما بشأن غياب البرامج الخاصة بالأطفال في شهر رمضان، ماعدا قناة «الجزيرة» التي خصصت منذ العام الماضي عدة برامج خاصة للأطفال من بينها برنامج «قال الراوي»، الذي يعرض فيه «الحكواتي» قصصا مستمدة من التراث العربي، غنية بالمعلومات والأمثال والحكم، وبمشاركة مجموعة من الأطفال الذين يتحلقون حوله ويستمعون إليه.

البرامج الأخرى التي تطرحها الإذاعات تكاد لا يأتي على ذكرها مقارنة باهتمام الأطفال بالتلفزيون في هذه الأيام. حتى قنوات الأطفال الخاصة لم تقدر حتى الآن على إقناع شركات الإنتاج بإنتاج برامج رمضانية جاذبة تنافس فيها ما تنتجه من أجل الكبار، في مقابل ابتعاد غالبية محطات الأطفال عن دمج الطفل بالأجواء الرمضانية من خلال ما تقدمة من مواد، فيما تسعى بعض قنوات الأطفال الجديدة لرسم جو رمضاني ديني كامل على برامجها، غير أن إيغالها في بعض الجوانب أنفر المشاهد الطفل من برامجها، في حين أن محطات «الكارتون» الأخرى تقدم للطفل برامج تحمل الكثير من المتعة والإثارة.

البعض يرى في ظاهرة تتبع الأطفال لبرامج الكبار في رمضان فرصة جيدة ومناسبة لا تتكرر لجمع العائلة وقضاء أوقات ممتعة مع بعضهم بعضا، وخصوصا أن ظروف العمل في الأيام العادية لا تسمح بمثل هذا الاجتماع العائلي، ويضيفون أيضا إيجابيات أخرى من قبيل أن مسلسلات رمضان مأمونة من حيث الأخلاق والنصوص فهي تراعي كثيرا أجواء شهر رمضان العبادية، كما أن القضايا التي تطرحها المسلسلات الاجتماعية والكوميدية تضيف أبعادا تربوية إلى عالم الطفل. إلا أن نقادا آخرين لا يرون في هذا التداخل سوى إقحام الأطفال في قضايا غير قضاياهم وخصوصا أن الرغبة في التشبه بالأبطال أو الممثلين تكون قوية عند الطفل، إضافة إلى أن الكثير من المعالجات الدرامية لا تعالج القضايا الاجتماعية بصورة جيدة، مما يخلق في النهاية اضطرابا وخللا في ذهنية الطفل وسعيه لمحاولة الكشف عن هذه القضايا في داخل محيطه الخاص وهو العائلة.

وسواء كانت هذه المسلسلات والبرامج التي يتابعها الكبار تأتي لصالح الأطفال أو تؤثر على مستقبلهم سلبيا، فإن البرامج الرمضانية تحتاج إلى تخصيص مساحة واسعة لعالم الأطفال... عالم يمكنهم من اكتشاف أنفسهم كما هي.

العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً